Menu
بلدة الفخاري.. أرض مزروعة بحجارة البيوت المدمرة

بلدة الفخاري.. أرض مزروعة بحجارة البيوت المدمرة

خان يونس - عمار قديح - الشبكة الإعلامية الفلسطينية نالت المناطق الحدودية الشرقية لقطاع غزة نصيب الأسد من الاعتداءت الصهيونية ، خلال الحرب التي استمرت 22 يوما، ذاق فيها المواطنين والمزارعين الفلسطينيين من سكان تلك المناطق شتى أصناف العذاب، من قتل وتجريف وهدم للبيوت المأهولة والاعتقالات.   وتعتبر ’ بلدة الفخاري ’ الواقعة شرق محافظة خان يونس جنوب قطاع غزة، والتي يسكنها 10 آلاف مواطن، من أكثر المناطق التي اتخذها جيش الاحتلال الصهيوني مسرحاً لعملياته العدوانية، لمحاذاتها للشريط الحدودي، حيث لا يفصلها عنه سوى أراض زراعية مفتوحة.   المواطن محمد أبو عقل (52 عاما) جرَّف الاحتلال منزله الذي كان يأوي أسرة مكونة من عشرة أفراد، فتقطعت بهم السبل، ولم يجد مفرا من استئجار غرفة قديمة قريبة من منزله المهدم، لا تصلح لإيواء ’ الحيوانات’، فوضع بها بعض أفراد أسرته، والباقي آواهم تحت صفيح من حديد ثبته فوق حجارة البيت، ولف حولها قطعة من البلاستيك.   ومن فوق ركام منزله، ناشد عقل مؤسسات حقوق الإنسان والهيئات الدولية ولجان الإغاثة، بأن يوفروا لهم ما يأويهم من برد الشتاء القارص، ويقيهم من سيول الأمطار، ’فلا يعقل أن يتركونا هكذا نفترش الأرض ونلتحف السماء’.   أبو عقل لا يطلب أكثر من خيمة توزع على الذين هدمت منازلهم بمنطقة الفخاري، أسوة بمناطق أخرى تم توفير الخيام لها، مشددا على أن المواطنين لا يرغبون بترك أرضهم ومزارعهم ومصالحهم، مشيرا إلى صعوبة العثور على شقق للإيجار في نفس المنطقة.   العشرات من الأسر في منطقة الفخاري حالهم كحال أبو عقل، وإن كان الأخير ربما أفضل حالا، فالكثير لم يجد مكانا يستأجره ليسكن به مؤقتا، وهم يرفضون الهجرة إلى مدينة خان يونس، ويتركوا خلفهم مزارعهم ومصالحهم، خاصة وأن أبناءهم يدرسون بمدرسة قريبة من المنطقة.   رئيس بلدية الفخاري حسن العمور قال:’ إن عدد المنازل التي جرفت ودمرت بشكل كامل بلغ 103 منازل، بينما التي أصيب بدمار جزئي بلغت 123 منزلا، بالإضافة إلى تجريف مئات الدونمات من الأراضي المزروعة بالمحاصيل الشتوية والأشجار’.   استهداف لمقومات الحياة الاحتلال الصهيوني لم يكتف بهدم وتجريف المنازل والمزارع، فأتبع ذلك بتخريب شبكتي الكهرباء والمياه، اللتان تضررتا بشكل كبير، ولا تزال طواقم شركتي الكهرباء والمياه، تواصل العمل على إصلاحهما، كما قال رئيس البلدية.   ويؤكد العمور في حديث للشبكة الإعلامية الفلسطينية أنه تم تشكيل لجنة من وزارة الأشغال ووزارة الزراعة والبلدية لإحصاء الأضرار والخسائر، ولمخاطبة المؤسسات الإغاثية لتقديم الدعم والعون للأسر التي باتت بلا مأوى، داعيا إلى أن يصب الجهد بالتحديد لتوفير إيواء مؤقت لهؤلاء الناس.   ويواجه بعض السكان في المنطقة صعوبة في الحصول على مياه الشرب، بينما حرم الكثير من التيار الكهربائي، فعادوا لاستخدام بطاريات الكهرباء والمولدات والشموع، تماما كما كان حال المنطقة قبل عدة أعوام.   ويمكن مشاهدة عشرات الحيوانات التي نفقت بفعل رصاص الاحتلال وقذائفه، كذلك لتعرضها للتجريف والدهس بآليات الاحتلال، فحرم أصحابها من الاستفادة منها، خاصة وأنهم يعتاشون على المحاصيل الزراعية وتربية الحيوانات.   ويسكن بلدة الفخاري عائلات عدة، أكبرها عائلة العمور، وهي عائلة عطايا، وعائلة عقل، وعائلة شراب، وعائلة العويطي، وعائلة شموط، وعائلة الفرا، وعائلة عمران.   كهانا على حق! وعاث جنود الاحتلال الصهيوني خرابا داخل منازل المواطنين التي سلمت من جرافاتهم ودباباتهم، ربما بسبب تواجدهم بها، واتخذاها ثكنات عسكرية للقنص وإطلاق النار باتجاه المواطنين، وكعادتهم إذا دخلوا بيتا دنسوه.   المواطن عودة العمور (55 عاماً) عاد إلى منزله بعد انسحاب قوات الاحتلال، ليتفاجأ بأن قوات الاحتلال قلبته رأسا على عقب، وألحقوا به خرابا كبيرا في الأثاث والمحتويات، ولعل ما أثار استغرابه قيام جنود الاحتلال بقطع ملابسه باستخدام مقص!.   وللدلالة على مرورهم ببيت العمور، عمد جنود الاحتلال إلى كتابة عبارات على جدران المنزل من الداخل، مثل ’ كهانا على حق ’ و ’إسرائيل كبيرة ’ وعبارات أخرى معادية للفلسطينين.   و’مائير كهانا’ هو أحد الحاخامات اليهود الإرهابيين، وأسس حركة سياسية وحزبية باسم ’ كاخ ’ وضع في بيانها التأسيسي أسسا عنصرية ضد العرب في الاراضي المحتلة48 ، ومن أبرزها دعوته إلى ترحيلهم خارج فلسطين. لكنه اغتيل عام 1990 في نيويورك على يد المصري سيد نصير.   ويشير العمور في حديث للشبكة الإعلامية الفلسطينية إلى أن هذه التصرفات رغم أن آثارها المادية ليست بالكبيرة، إلا أن مدلولاتها خطيرة جدا، وهي تؤكد مخطط الاحتلال لترحيل سكان المناطق الحدودية من أرضهم، واعتبارها مناطق عسكرية مغلقة.   لكن سكان منطقة الفخاري أثبتوا أنهم لن يحققوا حلم كهانا بترحيلهم من أرضهم، ومن يراهم وهم يفترشون ركام منازلهم، يعرف كم هم متشبثون بهذه الأرض، رغم ما لحق بهم من دمار وتكبدوه من خسائر.   وأمام هذه الحالة من الصمود والثبات، لاشك أن هؤلاء الأبطال يستحقون الدعم والمساندة، وأقل الإيمان خيمة تسترهم وتأويهم.