Menu

مؤتمر إعادة إعمار غزة بعيون أصحاب البيوت المهدمة

قاوم _ تقرير / ابع الغزيون انطلاقة المؤتمر الدولي “لإعادة إعمار غزة” الذي بدأ أعماله يوم أمس الأحد في العاصمة المصرية “القاهرة”، بمشاركة 60 دولة عربية وأجنبية، وبدت الأجواء في القاهرة والخطابات التي ألقاها ممثلو الدول المشاركة مطمئنة للجمهور الغزي من حيث قرب البدء بعملية الإعمار، خاصة وأن مجموع التبرعات التي جمعت في المؤتمر من أجل ذلك وصلت 5.4 مليار دولار. أم محمد الحرازين من سكان حي الشجاعية دمرت الدبابات الصهيوني التي كانت متمركزة على الخط الشرقي للحي منزلها بشكل شبه كامل، فهو لم يعد صالحا للسكن ولكنها آثرت البقاء فيه واستصلاح غرف معينة منه للعيش فيه بدلا من اللجوء للمدارس، أو استئجار منازل باهظة السعر لا يستطيع زوجها تسديده.

تابعت الحرازين المؤتمر بكل تفاصيله، وبعث لها الأمل بأن إعمار بيتها سيكون قريبا جدا في ظل الجدية الواضحة التي سادت أوساط المشاركين بالمؤتمر، وهو ما بعث إليها بالتفاؤل بقرب إعمار غزة، متمنية أن تتوقف قوات الاحتلال عن شن حروب جديدة على القطاع، خاصة وأن العديد من المانحين شرطهم الأساسي الضغط على دولة الاحتلال من أجل وقف عدوانها على القطاع.

وتقول الحرازين : “كنت متخوفة جدا أن يأتي الشتاء علينا ولم نحصل بعد على أي مساعدات لتصليح منزلنا، الذي يقطن فيه 20 فردا جلهم من النساء، ودوما أشتكي سوء الحال، لكن منذ أن قدم رئيس وزراء حكومة التوافق شعرت بأن الأمر جدي وأننا في طريقا للحل”.

غير أن ابنها البكر محمد 19 عاما، لم يبد تفاءلا كبيرا فيما يدور، وذلك لعدم حصولهم على أي تعويضات على أضرار منزلهم ذاته في الحرب الصهيونية الأولى على القطاع عام 2008/20090، موضحا أن ذلك كله فضفضة إعلامية لا أكثر وأن الآمر والناهي هي إسرائيل وليس المجتمعون بالقاهرة.

 ويقول الحرازين : “أين كانوا هؤلاء ونحن نموت ونقتل في الشجاعية وبيت حانون وخزاعة وكافة المدن في القطاع، لماذا لم يجتمعوا كي يمنعوا دولة الاحتلال من ارتكاب المجازر بحقنا جميعا، أم أنهم فقط يجتمعون ليحملونا جمايل ونحن لسنا بحاجة إليها!!”.

تدمير للمرة الثالثة

أما إبراهيم أبو القمبز (57 عاما) وقف على أنقاض منزله يتفقد آثار ما تبقى منه ماسكا بيده هاتفه النقال يستمع إلى وقائع المؤتمر عبر الإذاعة المحلية، يبتسم تارة ويتمتم تارة أخرى “إن شاء الله الله كريم”، في إشارة منه إلى تمنيه بالبدء باعمار غزة.

ويعتبر أبو القمبز أن مؤتمر القاهرة لإعمار غزة حقق نجاحا باهرا ولكنه حتى الآن ما زال حبرا على ورق ما لم يبدأ التنفيذ  بشكل فوري، منوها إلى أن منزله دمر للمرة الثالثة خلال الحروب الإسرائيلية الثلاثة على القطاع، دون أن يتلقى أي دعم أو مساعدة كي يصلح منزله.

ويقول أبو القمبز:” انتظرت طويلا عقب الحربين الأولى والثانية كي يتم تعويضي عن منزلي المدمر ولكن دون جدوى وفي كل مرة كنت أشعر باليأس وأعيد بنائه على حسابي الخاص، ولكن هذه المرة تدميره بشكل كلي، وشُرد أولادي وأطفالهم، ولا أملك شيئا لأعيد بنائه، ولا أعرف هل سأستطيع انتظار الإعمار أو حتى سأستطيع إعادة بنائه من أجل لم شمل عائلتي أم أنه كتب عليهم التشرد؟”.

وبحسرة يضيف أبو القمبز: “هذا المنزل الذي ترونه هو نتيجة تعب 40 عاما متواصلة مع أبنائي، واليوم بات  من الماضي وذكرياته الجميلة تؤلمنا أكثر في ظل عدم وضوح رؤية واضحة لمستقبلنا، خاصة إذا عادت  حركتي فتح وحماس للنزاع من جديد، وبقي الوضع على ماهو عليه”.

رهان على موازين القوى

إسماعيل الحلاق (40 عاما) فهو يراهن على موازين القوى على أرض الواقع والتي تفرض على الجميع (فتح وحماس وإسرائيل) على إنجاز ما تم الاتفاق عليه في القاهرة، وذلك لأنها هي التي تفرض نفسها عليهم جميعا.

ويقول الحلاق : “فتح أي السلطة تعي جيدا أن مواجهتها لإسرائيل لن تتم إلا بالمشاركة مع حماس، وفق رؤيتها المواجهة الشعبية، إضافة إلى أنها لن تحصل على أي منح دولية طالما بقيت على خلاف مع حماس وهو شرط المانحين”.

أما فيما يتعلق بحماس بالنسبة للحلاق: “فهي أيضا تعلم جيدا أنها لن تستطيع إعمار غزة دون السلطة التي تحظى باعتراف دولي على خلافها تماما، والتي تعتبر إرهابية بالنسبة للدول الغربية وبعض الدول العربية التي تكن لها العداء وفي مقدمتها مصر على اعتبار أنها امتداد لحركة الإخوان المسلمين وبذلك تضمن أن تسهل عليها المعابر والطرق المغلقة في وجهها دوما”.

بينما الاحتلال الصهيوني : “فه يسعى دوما إلى فرض تهدئة طويلة الأمد وهو ما سوف يجنيه له على الأقل لعقود كاملة، وهو ما سيدعه يفتح المعابر ويسهل الحركة على الغزيين وذلك وفق اعترافات سياسيين لهم ثقلهم على الساحة الصهيونية ، ولن يمنح ذلك ما لم يحصل على ضمانات دولية بعدم شن حماس هجمات صاروخية تجاه البلدات المحتلة، لكنه بالنهاية سيقبل باتفاق القاهرة” يضيف الحلاق.

ويبقى اتفاق القاهرة حبرا على ورق ما لم ينفذ على الأرض، خاصة وأن الاحتلال هو المتحكم الأول والأخير في معابر قطاع غزة، وكذلك مصر، التي كررت بالأمس شروطها بضرورة تثبيت التهدئة وعودة السلطة لممارسة سلطاتها في غزة كمدخل لإعادة الإعمار.