Menu

"لجنة باخر".. لماذا يهين جيش الاحتلال نفسه؟!

قاوم - غزة - لم يتوان الجيش الصهيوني عن إصدار التقارير المتتابعة في قراءته لمجريات حروبه مع المقاومة سيما الحرب الأخيرة صيف 2014.

هذه التقارير، التي حاول من خلالها تبرير فشله تارة، أو إبراز مكامن الخلل التي مر بها الجيش خلال الحرب، يرى فيها مراقبون محاولات لتعزيز صورته الذاتية أمام المجتمع الصهيوني، حتى وإن كان ذلك من باب "الإهانة" بالاعتراف بالخلل والتقصير جراء إصدار التقييمات المتتابعة لأدائه.

ففي هذا التقرير، نستعرض، ما كتبه "تساحي ديبوش" و"عميحاي أتالي"، على صحيفة "يديعوت أحرنوت"، تحت عنوان "الجيش الصهيوني لم يكن مستعدا لتهديد الأنفاق".

"شماعة التدريب"

"جيش غير مدرب"، هذه آخر استنتاجات الجيش بشأن العدوان الأخير على غزة، وقد باتت هذه العبارة الشماعة التي تعلق عليها هزيمته ضد أنفاق المقاومة، رغم ما يقوم به الاحتلال بشكل شبه يومي ضد الأنفاق حتى بعد انتهاء الحرب.

يقول الكاتبان إن الجيش لم يستعد كما ينبغي لمواجهة تهديد الأنفاق إبان معركة الجرف الصامد (العصف المأكول)، هذا هو الاستنتاج الأساس للجنة العسكرية التي فحصت أداء الجيش في الحملة قبل سنتين، التي أطلق عليها اسم "لجنة بـاخر".

ويشير الكاتبان أن اللجنة فحصت موضوع الأنفاق على مدى أشهر، وفي أثناء عملها استجوبت ضباطا كثيرين شاركوا في الحملة، ونشرت استنتاجات اللجنة برئاسة اللواء احتياط "يوسي باخ" عبر إذاعة الجيش.

ويتبين من الاستنتاجات بأن ألوية الذراع البري لم تكن جاهزة لمعالجة الأنفاق في ظل المناورة الهجومية، وعمليا وحدها سلسلة من الارتجالات التي نفذتها المستويات الميدانية في بضعة أسابيع ما قبل الحرب سمحت بالضرب الشديد للأنفاق في أثناء الحملة، ولكن حتى هذا تم بشكل غير جدي، واستغرق أكثر من شهر من أصل خمسين يوما من القتال.

وحسب اللجنة؛ فإن حقيقة أن القوات المناورة لم تتهيأ لمواجهة تهديد الأنفاق بالتزامن وبأعداد كبيرة أدت إلى أن ينفذوا مهامًّا لم يكونوا مطلعين عليها في التدريبات الروتينية.

تفوق المقاومة

في المقابل تشير اللجنة إلى أن تهديد الأنفاق كان معروفا للقوات، ولكن طريقة تجنبها في المعركة كان الغالب، مثلما هي شدة التهديد وعدد الأنفاق الذي بلغ نحو 30 نفقا، ولم تكن معروفة مسبقا لقادة الألوية والفرق، ولهذا فإنهم لم يستعدوا لها بما يتناسب مع ذلك.

ووفقا لذات التقييم فإن أساليب عمل الجيش لمعالجة الأنفاق لم تتبع وفقا لخطة عمليات، وبالتالي فإن الكتائب والسرايا التي تدربت قبل الحملة العسكرية لم يكن بوسعها الاستناد اليها، ومعظم القوات لم تعمل حسب نظرية قتالية مرتبة، وعمليا الوحدات المختارة وحدها مثل "سييرت متكال" هي التي عملت بموجب مثل هذه النظرية، وفقا لتقرير اللجنة.

وفي كل ما يتعلق بالمقاومة، قالت اللجنة إنها نجحت في قيادة كتائبها وألويتها على طول الحملة بشكل جيد نسبيا، رغم مئات الهجمات التي نفذها الجيش كل يوم.

نصر مزعوم

ويؤكد الكاتبان أن استنتاجات لجنة" باخر" تتناقض مع صورة النصر اللامع التي حاول الجيش والقيادة السياسية رسمها، وجاء نشر الاستنتاجات قبل بضعة أسابيع من نشر مراقب الدولة يوسف شبيرا تقاريره الأربعة عن حملة الجرف الصامد، وعن تهديد الأنفاق، كما أن لجنة رقابة الدولة تخشى من أن يمارس رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ضغطا سياسيا على أعضاء اللجنة الفرعية لشؤون الأمن لمنع نشر التقارير على الجمهور،  فلهذه اللجنة  صلاحيات لمنع نشر التقارير رغم أن الصيغة التي ستعرض عليهم تلقت إذن الرقابة العسكرية.

وأوضح الكاتبان أنه فور انتهاء عملية الجرف الصامد عين رئيس الأركان في حينه "بيني غانتس"، لجنة برئاسة اللواء يوسي بآخر لغرض التحقيق في منظومة الاستعداد والمواجهة في الجيش لتهديد الأنفاق، ومعظم استنتاجات اللجنة استخدمت في خطط عمل الجيش، وموضوع المواجهة يوجد اليوم في رأس جدول الأولويات في الجيش، وتستثمر جهود جمة سواء في بناء القوة في الخطط العملياتية أم في الأعمال الميدانية لتوفير رد أفضل للتهديد".

لماذا الإهانة للجيش؟!

محلل الشؤون العبرية في "المركز الفلسطيني للاعلام " عقب على تقرير الكاتبين ونتائج تقرير "باخر"، متسائلا عن الأسباب التي تدفع جيش الاحتلال، للاعتراف بالفشل، في الوقت الذي يعتبر نفسه من أقوى الجيوش بالمنطقة بما يمتلكه من تقنيات وعتاد وتدريب.

ويرى المحلل أن الادعاءات بشأن أن الجيش لم يكن مستعدا وغير مدرب على مثل هذه الانفاق، هي مجرد كذبة ابتدعها قادتهم لتبرير هزيمة الجيش المدرب والمسلح بأقوى وأحدث الوسائل القتالية، وتمكنت المقاومة ذات العدة المتواضعة من إلحاق الهزيمة والضرر به، ومما يدلل على هذه الكذبة أن الحروب التي خاضها جيش الاحتلال قبل حرب صيف 2014، تعامل معها في حينه مع أنفاق وتضاريس مختلفة.

واضاف المحلل، قبل أيام كتب المحلل العسكري عاموس هرئيل في صحيفة هآرتس تحت عنوان "الاستعداد يبدأ من الأسفل" وملخص مقاله أن أذرع الجيش التي تتدرب على  القتال داخل الأنفاق تجد صعوبة بالغة، وأن الجيش يبتعد ويتجنب المواجهة الحقيقية في هذه الأنفاق؛ لما فيها من مخاوف كبيرة حيث يتوقع أن تسعى حماس لجر جيش الكيان للوقوع في أنفاقها الهجومية، لتحقيق أكبر قدر من الخسائر في صفوفه، وهذا ما يتجنبه الجيش جتى وإن أدى ذلك إلى إهانته في تقارير التقييم التي تُعد تباعاً.

ويرى المحلل أن إصدار تقارير متتابعة حول إخفاقات الجيش يمكن أن تمثل إهانه له ولقيادته، إلا أن ذلك موازنة مع الخوف من فقدان جنوده، أو وقوع أسرى بيد المقاومة يعد غير مواز بحجم الخسارة للصورة التي تشكلت عن الجيش.

كما أن الجيش، وفقا لقراءة المحلل، يحاول إيجاد مخارج ومبررات كثيرة لأي إخفاقات تقع على عاتقه، من خلال الحديث عن عدم الاستعداد والتدريب، وهو شيء نسبي، لكن يحاول أن يبرز جوانب القوة في الإعدادات التقنية والعتاد الذي يعتبر أحد صناعاته التي يصدرها لعديد من الأطراف الدولية.