Menu

“كي الوعي” سياسة الاحتلال لردع الفلسطينيين

قاوم _ وكالات /

ظهر مصطلح “كي الوعي” على الساحة الفلسطينية إبان الانتفاضة الثانية، بعدما توعد وزير الحرب الحالي موشيه يعلون، والذي كان يشغل منصب رئيس أركان جيش الاحتلال آنذاك، بتوجيه ضربات تتسم بالقسوة الشديدة للمقاومة الفلسطينية خاصة وللشعب الفلسطيني عامة.

ويعتبر يعالون أول من أطلق هذاالمصطلح من خلال دعوته، إلى تفعيل ما اسماه “كي الوعي الفلسطيني”، في إشارة منه إلى ضرورة توجيه ضربات عسكرية ساحقة، تجبر الفلسطينيين على الإقرار بعجزهم عن الانتصار على دولة الاحتلال، أو حتى إكراهها على تقديم تنازلات تحت ضغط العمل المقاوم.

وهناك من يرى أن الاحتلال ينتهج سياسية “كي الوعي” منذ قيام دولة الاحتلال عام 1948، حيث ارتكب جرائم بشعة من قتل جماعي وتهجير وهدم بلدات بأكملها، من أجل بث الخوف والرعب في صفوف الشعب الفلسطيني ودفعه للهجرة، وكانت النتيجة أن تحول مئات الآلاف منهم إلى لاجئين في الضفة وقطاع غزة أو في الشتات.

ويعرف أستاذ علم النفس درداح الشاعر، مصطلح “كي الوعي” أو “حرق الوعي” بأنه أسلوب أو طريقة من طرق غسل الدماغ التي من خلالها تتغير أفكار الإنسان أو مدركاته في الموضوع الواحد، من الإيجاب إلى السلب أو من السلب إلى الإيجاب.

أما مدير مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات محسن صالح، فيعرف مصطلح “كي الوعي” بأنه تشكيل قناعات وسياسات جديدة تنحرف عن الهدف الأصلي وتقزّمه، إلى أن تكون في نهاية المطاف متفقة أو غير متعارضة مع شروط العدو، أو تحت السقف الذي يقبله.

كي الوعي في غزة

يسعى جيش الاحتلال في كل عدوان على قطاع غزة، إيقاع أكبر قدر من الخسائر البشرية والمادية وبخاصة في صفوف المدنيين، للتغطية على فشله في مواجهة المقاومة الفلسطينية، كما يهدف إلى إشعار الفلسطيني بمعادلة، أن “كل صاروخ يطلق على الاحتلال سيقابله ردة فعل عنيفة تتمثل في جرائم إبادة مهولة وغير مسبوقة على مستوى الصراع مع الاحتلال”.

كي الوعي في الضفة الغربية

في الضفة الغربية اختلفت سياسة “كي الوعي” التي تمارسها دولة الاحتلال، بحكم امتلاكها حرية التنقل داخل مدن وبلدات الضفة، فهي تعمل على التضييق على أهالي الضفة من خلال إقامة الحواجز العسكرية والاعتقالات اليومية، فضلاً عن التلويح بتصاريح آلاف العمال من الضفة يعملون داخل أراضي 48، والتهديد بوقف إصدارها في حال قيام انتفاضة ضد الاحتلال.

مواجهة “كي الوعي”

يرى الشاعر، أن المقاومة الفلسطينية واجهت المحتل بكافة أساليبه، وكانت له بالمرصاد وتصدت لمحاولات “كي وعي” المواطنين، من خلال إبراز الحقائق والوقائع وتفنيد ادعاءات الاحتلال، وإبراز قوة المقاومة وتحديها لجنود المحتل.

وأضاف، “لقد تحدثت المقاومة مع الشعب بصدق، وتحدثت عن خسائرها وإنجازاتها بموضوعية، وهذا ما جعل الناس تنجح في تجاوز محاولات كي وعيها، لأنها كانت مطلعة على مجريات الأحداث بتفاصيلها وبدقتها”.

بينما يرى صالح، أن مواجهة “كي الوعي” تكمن في الخطوات التالية:
– التمسك بالثوابت والحفاظ على الأهداف العليا دونما تنازل أو تغيير.
– إفساح المجال للنقد الذاتي ومراقبة الأداء والمحاسبة على التقصير.
– الالتصاق أكثر بنبض الجماهير ومعاناتها وتطلعاتها.
– عدم الاغترار ببعض المكاسب السريعة ذات الطبيعة المظهرية كالاتصالات والعلاقات السياسية، وبعض أشكال الدعم المادي والاحتضان مدفوعة الثمن.
– التفريق بين الفرص المتاحة والفخاخ القاتلة، كشعارات “الرفاه تحت الاحتلال” والسعي لبناء السلطة قبل التحرير، والاستقواء بالعدو أو القوى الخارجية لتصفية حسابات مع القوى الوطنية المنافسة.
– التعرف على نقاط ضعف العدو، ووضع اليد على الثغرات في بناه السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية، واستشعار القدرة على النفاذ من خلال هذه الثغرات لتطوير أدوات المقاومة، وإدراك أن العدو لديه معاناته وأزماته أيضاً، على قاعدة “إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون” (آل عمران)، وبالتالي بقاء الأمل بإمكانية التغيير والتحرير مع تداول الأيام والأجيال.
وأخيرا.. فالمطلوب أن لا تقع المقاومة في أسر الهزيمة النفسية، وأن تستشعر معاني العزة والكرامة والحق والعدل، وأن لا تسمح للعدو باختراق بناها الفكرية والأيدولوجية، والعبث بثوابتها، ووضع سقف تطلعاتها وآمالها.