Menu

الشيخ عبد الله بن خياط: خير ما يستقبل به العام الجديد الطاعات لله

الشيخ عبد الله بن خياط: خير ما يستقبل به العام الجديد الطاعات لله أكّد إمام وخطيب المسجد الحرام، الشيخ الدكتور أسامة بن عبد الله خياط، أنّ خير ما يستقبل به العام الجديد استهلاله بالطاعات لله وألوان القربات، ومن أظهرها صيام شهر الله المحرم الذي هو أفضل الصيام بعد رمضان، وآكده صوم يوم عاشوراء، موصيًا المسلمين في هذا الشهر الحرام الإكثار من ألوان القرب؛ يزدلفون بها إلى ربهم ويعمرون بها أوقاتهم وتقر بها أعينهم عند ربهم، فإنّ افتتاح العام الجديد بالطاعة كما اختتم العام المنصرم من طاعة الحج والعمرة وصيام يوم عرفة لغير الحاج، وغير ذلك من ألوان القرب مشعر بأنّ عمر المسلم كله بدئه ونهايته عامر بطاعة الله رطب بذكره. وقال فضيلته في خطبة الجمعة اليوم: "في وداع عام مضى وعلى أعتاب عام جديد، يقف أولى الألباب وقفة اعتبار وادكار، فينظرون إلى هذه الشمس تغرب كل يوم من مشرقها، ثم تغرب في نهايته، وينظرون إلى هذا الهلال يولد صغيرًا أول الشهر حتى اذا استكمل نموه أخذ في النقص حتى يتوارى عن الأنظار، وينظرون إلى العام الجديد كيف تبدو نهايته بعيدة فما تلبث الشهور والأيام أن تنقضي سراعًا حتى تصل بهم إلى تلك النهاية, هنالك يستيقنون أنّ هذا مثل الحياة الدنيا في زهرتها وزينتها, ومثل أعمال بني آدم في الفناء والانقضاء، وهي حقيقة بينة على كل لبيب، وإنما تحجبها حجب الغفلة وتصرف عنها صوارف الإعراض وطول الأمل وخدع الأماني والظنون التي لا تغني من الحق شيئًا". وأضاف فضيلته يقول: "وإنّ إدراك هذا المعنى ليحملهم على النظر فيما قدموا لأنفسهم طيلة أيام عامهم المنصرم بسلوك سبيل المحاسبة للنفس، لاستصلاح الفاسد وتدارك الفارط وإقامة المعوج بالثبات على الطريق والاستمساك بالحق إنْ كانوا من المحسنين الموفقين المهتدين، وإن أعظم عون على ذلك التوبة النصوح التي أمر الله بها المؤمنين جميعًا بقوله: {وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون} وبالندم على ما مضى والإقلاع عمّا كان من الذنوب وبالعزم على عدم العودة إليها وباغتنام الخمس التي أوصى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً باغتنامها؛ فقال: [اغتنم خمسًا قبل خمس، شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك]". وبيَّن الشيخ عبد الله بن خياط أنّ في الشباب والصحة والغنى والفراغ من الشواغل قوة وعزيمة ونشاط وتفرغ وكمال توجه إلى كل خير، وفي أضدادها من الهرم والضعف وفتور العزم وضيق الصدر وثقل الأعمال وكثرة المظالم وتشعب الهموم ما يقعد بصاحبة عن ذلك، ويعقبه من الحسرة ما يكدر عيشه وينغص حياته، وقال: (إنّ من شأن العاقل اليقظ ألا يُضيع شيئًا من عمره بالبطالة، الّتي يذهب معها العمر سُدى بغير فائدة في الدين والدنيا، أو بالجهالة التي تحمله على اتباع الهوى لعدم معرفة ما يضره وما ينفعه؛ فيغدوا كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها، فيظل سعيه ويحبط عمله). وأوضح فضيلته أنّه ليكن مرور الأيام وانقضاء الأعوام خير باعث لكم على الاعتبار والادكار؛ بتذكر انتهاء الآجال وانقضاء الأعمار، والإحسان للنفس بدوام محاسبتها وإقامتها على الجادة وحجزها عن التردي في حمئة الخطايا والحذّر من مشابهة حال من حذَّر الله من مشابهة حاله في قسوة القلب لطول الأمد واذكروا قدومكم على ربكم ووقوفكم بين يديه في يوم ما أشد هوله وأسألوا الله أن يجعل ما تستقبلون من أيام خيرًا مما مضى، وأن يجعل العام الجديد عام خير وبر وتقى ونصرًا ورفعة وعزة لأمة خير الورى عليه الصلاة والسلام. وأردف الشيخ خياط يقول: "إنّ المؤمن الذي يدعو ربه بدعاء نبيه صلى الله عليه وسلم قائلاً: [اللهم اجعل الحياة زيادة لي في كل خير والموت راحة لي من كل شر]، شديد الحرص على اغتنام فرصة العمر باستثمار الليالي والأيام في كل خير يرضي به ربه ويعلوا به قدره وتطيب به حياته، ولذا فإنّه يفرح بما منَّ الله عليه من نعمة الإمهال؛ حتى بلغه العام الجديد ليستكثر فيه من أسباب الزلفى إلى ربه، وليستدرك ما فاته وما فرط منه بالتوبة والإنابة، وهذا مصداق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم: (أنّه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيرًا)". وفي المدينة المنورة أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ حسين آل الشيخ في خطبة الجمعة اليوم، المسلمين بتقوى الله ومحاسبة النفس وتقييم مسارها في ماضيها وحاضرها وقال: "إن الأعوام تتعاقب والشهور تتوالى والأعمار تطوى والآجال تقضى وكل شيء عنده بأجل مسمى وان في استقبال عام وتوديع أخر غرس للمتأملين وذكرى للمتدبرين قال تعالى: (يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار)، فحق على المؤمن الموقن بالله واليوم الأخر أن لا يغفل عن محاسبة نفسه وتقييم مسارها في ماضيها وحاضرها ومستقبلها ، يقول بن القيم رحمه الله " وهلاك القلب في إهمال محاسبة النفس وفي موافقتها وإتباع هواها ". وأضاف فضيلته: "قال الله جل وعلا: (يا أيها الذين امنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون)، ويقول الإمام أحمد رحمه الله عن عمر رضي الله عنه أنه قال: (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوها قبل أن توزنوا فإنه أهون عليكم في الحساب غدا أن تحاسبوا أنفسكم اليوم وتزينوا للعرض الأكبر يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافيه). وتابع فضيلته مخاطباً المسلم: "تذكر وأنت تودع عاما وتستقبل آخر بإذن الله أن نجاتك في محاسبة نفسك وفوزك في معاهدة ذاتك هل أنت عامل بمقتضى أوامر الله جل وعلا وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم هل أنت طائع لله في كل شأن متبع لرسوله صلى الله عليه وسلم في كل لحظة وهل كففت النفس عن العصيان وزجرتها عن الآثام , هل قمت بحقوق الخالق كاملة وأديت حقوق المخلوق وافية , وهل تفقدت نفسك وما فيها من الموبقات وعالجتها عما فيها من المهلكات ، فعن بن عمر رضي الله عنهما قال أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال: (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)، وكان بن عمر يقول: (إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك)". ومضى فضيلته يقوم: "إن المتقين في كل زمان وحين لا يزدادون بالأعوام إلا خيرا وبرا ولا تمر بهم السنون إلا وهم في مسارعة للخيرات واغتنام للصالحات ، يقول صلى الله عليه وسلم " خيركم من طال عمره وحسن عمله"، وحذر فضيلته من تضييع الأعمار سدى ومن تفويت السنوات غثاء ،مستشهداً بقول الحق سبحانه وتعالى: (أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير)". وحث إمام وخطيب المسجد النبوي في خطبته المسلم على اغتنام كل وقت في اكتساب الحسنات والمبادرة إلى الصالحات ، فعن جابر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعظ رجلا ويقول له ( اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك فما بعد الدنيا من مستعتب ولا بعد الدنيا دار إلا الجنة أو النار )، وقال: (حق على المكلف وهو يودع عاما ويستقبل أخر أن يقف وقفة صدق يحاسب فيها نفسه ويسائل ذاته ليجعل من تقلب الأزمان أنصح المؤدبين وأفصح الواعظين ليتنبه من غفلته ويعود عن غيه ويلين من قسوته ففي قوارع الدهر عبر وفي حوادث الأيام مزدجر يحاسب الإنسان نفسه ليعلم أن هذه الدنيا دار ممر وأن الآخرة هي الباقية) .