Menu

مقاومة الإباء والصمود

مقاومة الإباء والصمود بقلم / شعلة شكيب  (طبيبة وناشطة سياسية بحرانية)   أخيرا رضخت الأسطورة والقوة التي لا تقهر لمنطق النفس الطويل والعمل المخلص والثبات على المبدأ لثلة مؤمنة وطنت نفسها لإحدى الأمرين إما الشهادة بكرامة وإما العيش بعزة. هذا ما تبين جليا للعالم الذي كان يرصد سيرة وأداء المقاومة في جنوب لبنان والتي ما انكفأت تعمل على انتزاع حقها واسترداد ما سلب منها. فرضوخ الدولة الصهيونية لشروط المقاومة في عملية تبادل الأسرى لهو دليل على انكسارها واعترافها رغم مرارة ذلك على نفسها بالغلبة لحزب الله، فهي رضخت مرة أخرى لشروط المقاومة بعد أن اضطرت إلى سحب فلول قواتها تحت ظلمة الليل والهروب في العام 2006 تاركة معدات وأدوات شاهدة على مر التاريخ على مدى ضعف هذه الأسطورة التي خلقتها أميركا وحلفؤها وزرعتها في قلب الأمة الإسلامية والعربية. كما أن مصداقية السيد حسن نصر الله في أقواله ووعوده باتت لا يمكن التشكيك بها، فهو بنظرته الثاقبة وحنكته ومعرفته بمواطن ضعف العدو الصهيوني، كان على يقين بأن سياسة فرض الشروط والإصرار عليها وعدم التنازل متوائمة مع استخدام القوة متى ما لزمت هي اللغة التي يفهمها هذا الكيان اللقيط الهش والوسيلة الأنجع للتعامل معه.    الكيان الصهيوني اعتمد استراتيجية فرض القوة ومنطق الغلبة والإملاءات وعدم التنازل في أي مسار للتسوية مع العرب وقد استطاعت أن تكسب مغانم بفضل هذه السياسة مع بعض القيادات التي تنازلت وتهاونت عن الكثير من الحقوق بذريعة التسوية والتفاوض وحل الأزمة. فلا حقوق ردت للشعب الفلسطيني ولا مبعدين رجعوا إلى الوطن ولا التزام بوقف بناء المستوطنات في قطاع غزة احترم. فالراصد لمسار الحوارات والمؤتمرات الفلسطينية مع العدو الصهيوني يرى بوضوح مدى تعنت ’إسرائيل’ وعدم تنازلها عن شروطها وفي المقابل الضعف وهو ان المفاوض الفلسطيني الذي يقبل ويتنازل فهو يدخل المفاوضات دون استراتيجية واضحة، والمحصلة هو ضياع الأرض وهدر حقوق الشعب الفلسطيني والذي بات يواجه العدو وحيدا، متكئا على المقاومة الشعبية الصامدة المتمثلة في حماس. إن تجربة حزب الله ومناورته مع العدو الصهيوني لهي تجربة جديرة بأن تعمم ويؤخذ بها، فهي أثبتت أن الإصرار وعدم التنازل والمقاومة الباسلة تؤتي أكلها في النهاية، فها هو ذا العدو يرضخ لشروط المقاومة في تبادل الأسرى اللبنانيين والفلسطينيين ورفات الشهداء. فكيف استطاعت هذه المقاومة أن تنتزع هذه الحقوق قهرا وبعزة وكرامة؟ أليس جديرا بالأمة العربية بما تمتلكه من بعد جغرافي وديموغرافي أن تتحالف في مواجهة هذا العدو؟ قد يرى البعض صعوبة هذا الأمر ولكن جوهر المسألة هو أن ما ينقص الأمة العربية والإسلامية هو الإرادة وليس عوامل القوة والقدرة البشرية والمالية، فحجم موازنات الدفاع وشراء الأسلحة والعتاد الحربية كفيلة بأن تزود هذه الأمم بقدرات عسكرية متطورة وفائقة، فالجميع شهد كيف أن المقاومة الشعبية في لبنان بموارد محدودة استطاعت أن تناور وتناكف وتذل هذا العدو بل وتتغلب عليه. فلنتخيل ما بإمكان الجيوش العربية أن تفعله إذا كانت هناك إرادة لمواجهة ’إسرائيل’ ، لله درك يا حزب الله فإنك تلقننا الدروس الواحد تلو الآخر في الصمود والعزة والكرامة وتسطر أروع الملاحم في ذاكرة التاريخ. صحيفة الوقت البحرينية