Menu

في غزة.. اشتباك دائم وردع متآكل

قـــاوم_قسم المتابعة / تشكل معادلة الردع والاشتباك بين الاحتلال والمقاومة بغزة حجر الزاوية في برامج حكومات اليمين المتعاقبة على قيادة الكيان الصهيوني في العقدين الماضيين.

ووفق مراقبين، فإن قوة الردع الصهيونية تضررت منذ حرب لبنان عام 2006، والحروب المتكررة على قطاع غزة منذ عام 2008، وأثبتت فيها المقاومة أن لها الكلمة الأولى في الميدان.
 
وشن الاحتلال عدوانه على غزة قبل أسابيع واغتال فيه قادة من الجهاد الإسلامي، وقتل 49 مواطنًا، وقرابة 400 جريح، منهم نساء وأطفال، ودمرت منازل فوق ساكنيها.

وتعد غزة -المؤهلة دومًا للتصعيد- ساحة اشتباك دائمة مع الاحتلال الذي يواصل فيها ممارسة سياسة جزّ العشب مع المقاومة.

جرت الجولة بعد استنفار أمني مسبق، تلته مفاجأة القصف والاغتيال، وتجشم الاحتلال عناء إعلان حالة الطوارئ في مستوطنات الغلاف لعدة أيام قبل الوصول لوقف إطلاق نار برعاية مصرية.

جولة مغايرة

ويؤكد إبراهيم، حبيب المحلل السياسي، أن جولة العدوان الصهيوني الأخيرة بغزة أشعرت الاحتلال بالنصر واستعادة جزء من ردعه وهيبته المفقودة، خاصةً بعد اغتيال قائدين كبيرين هما منصور والجعبري.

ويضيف "لابيد كان مستعدًّا ومتأهبًا لكل الاحتمالات، ونجح في قراءة الميدان، وفتحت شهيته للاغتيالات، لذا المواجهة القادمة قريبة جدًّا، والاحتلال يركز على زرع الفرقة بين فصائل المقاومة".

ويرى تيسير محيسن، المحلل السياسي، أن "لابيد" منذ توليه الحكم صنع لنفسه هالة كبيرة وحضورا أمام المجتمع الصهيوني من خلال عدوان غزة واغتيالات نابلس لرفع أسهمه في المجتمع الصهيوني.

ويتابع "الصهيوني غانتس يهدد بالقصف من خان يونس حتى طهران، لكنه أيضًا لا يؤمّن المستوطنين بالضفة رغم كامل الإجراءات الأمنية، وهذه لكمة في الوجه".

محاولة الفصل بين تصاعد المشهد بغزة والضفة تنفيه وقائع عمليات مقاومة شعبية بالضفة والقدس تؤكد إمكانية تدفيع الاحتلال الثمن، وتحرض آخرين على سلوك ذات الطريق.

غزة  التي تتلقى القصف دومًا، تشكل حسب رؤية المحلل محيسن حالة دعم دائمة للمقاومة بالضفة والقدس، وهي حاضرة معنوياً في كل الساحات، ولعل رسالة الشهيد النابلسي قبل استشهاده تؤكد قوة حضورها الأدبي والمعنوي.

ويقول اللواء يوسف شرقاوي، الخبير في الشئون العسكرية، إن الاحتلال مجمعٌ استراتيجيًّا على ضرورة مواصلة قصف غزة لإضعافها؛ لأنها الأكثر تهديدًا.

دعاية انتخابية

ويضيف "غانتس يمارس دعاية انتخابية فوق دماء غزة، وعملية المقاومة بالقدس الأخيرة تؤكد وحدة الساحات ولا تفصلها.

ويؤكد محمد مصلح، الخبير في الشئون الصهيونية، أن قادة حكومة الاحتلال يحاولون تحقيق أهداف حزبية وسياسية لشخوصهم أكثر من مصالح الدولة الكيان؛ حتى ينالوا تحسناً لصالحهم في الرأي العام الصهيوني.

ويتابع  "ركز الكيان الصهيوني على استهداف حركة الجهاد وفصلها عن حماس لضمان النتائج، وهددت بالرد على أي هجوم ينال من سيادتها ككيان".
 
انفجار وشيك

عوامل انفجار المشهد قريباً تظللها عوامل قائمة؛ أولها محليا حصار غزة، وتغول المستوطنين والجيش بالضفة والقدس المحتلة، ثم توتر حقل غاز لبنان مع الاحتلال واستهداف حزب الله وإيران في سوريا.

ظهر  الصهيوني"غانتس" وزير الحرب الصهيوني نجم الجولة الأخيرة للعدوان تغريه أحلام الوصول لمقعد رئاسة الحكومة، مذكراً أنصاره بزمن الولاء التاريخي للقيادات العسكرية.

ويشير حبيب إلى أن المناخ السياسي الذي جرى فيه التصعيد جاء مع تشكيل حلف عربي سني تتزعمه السعودية ضد إيران في زمن التطبيع مع الاحتلال منبهًا بضرورة ارتقاء التنسيق المشترك دائما بين المقاومة لتوازي الأحداث.

الهروب للأمام في جولة التصعيد المرتقبة سينطلق من أزمة كيان الاحتلال الداخلية على صعيد السياسة التي تتقاطع مع أزمة الولايات المتحدة الأمريكية أيضاً في حرب أوكرانيا.

ويقول المحلل محيسن، إن القوة التي يحاول الظهور بها "غانتس" وهو يتوعّد، محاولة لترميم إخفاقات معركة سيف القدس عام 2021م لكن قوة الردع لا تتمتع بعافية كاملة.

أما الخبير شرقاوي، فيرى أن معظم أهداف الاحتلال في غزة هي أهداف مدنية، وأن خصوم الكيان الصهيوني يترقبون لحظة مناسبة إذا اندلع تصعيد إقليمي، عندها سيضربون أهدافاً استراتيجية.

ولا يمكن فصل ما يجري في غزة وفلسطين المحتلة عامةً عن تطورات الإقليم سواء في لبنان أو سوريا وإيران، وتقدم الصدام بين مربع الولايات المتحدة الأمريكية مع روسيا في أوكرانيا.

التوتر في حقل غاز "كاريش" بالمياه اللبنانية سمع صداه في جولة التصعيد الأخيرة بغزة، ولعل ما جرى رسالة لحزب الله لمحاولة تقوية الردع الصهيوني-حسب رؤية الخبير مصلح.

لن تدور عقارب الساعة كثيراً في غزة حتى ينفلت عقال الميدان مجدداً، لكن التحضيرات الأمنية للمقاومة والاحتلال وانتقاء الأدوات المؤثرة ستكون محددات نتائج ما سيجري مستقبلًا.