Menu

الأسير يزن حنني يطرق أبواب الحرية بأمعاءٍ خاوية

قاوم _ وكالات /

يقترب الأسير يزن محمود نصر الله حنني من إتمام شهره الأول من إضرابه المفتوح عن الطعام رفضا لاعتقاله الإداري، وكل ما يبدو في الأفق يشير إلى أنه يسير على خطى من سبقه إلى هذا الطريق الشاق، لينال حريته أو يظفر بالشهادة.

في الثامن والعشرين من أكتوبر 2015 كان حنني (24 عاما) على موعد مع خامس اعتقالاته، عندما اقتحمت قوات الاحتلال منزله في بلدة بيت فوريك شرق مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، لتزج به في اعتقال إداري بلا تهمة معروفة أو موعد محدد للحرية.

يمضي الشهر الأول فالثاني فالثالث، ولا يبدو أي بصيص نور في نهاية نفق الإداري المظلم، فيجد الأسير أن لا مناص من المواجهة، حتى لو كان ذلك على حساب جسده.

وبعد أسبوعين من بدء إضرابه، لجأت إدارة سجن النقب الصحراوي إلى عزل الأسير حنني ومنعه من لقاء المحامين.

قلق وترقّب

ولا يخفي حنفي، الشقيق الأكبر للأسير حنني، قلقه على شقيقه الذي اتخذ قرار الإضراب وهو يدرك ما ينتظره من آلام ومخاطر جمّة.

ويقول حنفي : "نحن قلقون على يزن، فتجربة الأسير القيق ومحمد علان وخضر عدنان تشير إلى أن الاحتلال لن يعطيه حريته بسهولة، وفي نفس الوقت نعلم أن يزن يمتاز بعناده الشديد وإصراره على تحقيق مطلبه".

ويشير إلى أنهم حاولوا ثنيه عن خوض الإضراب، إلا أنه أبلغهم إصراره على خوض الإضراب حتى الحرية أو الشهادة.

ويقول حنفي إن العائلة تستقي المعلومات عن حالة يزن عبر اتصالات الأسرى من داخل السجن، مبينا أن أحد الأسرى شاهده يوم السبت الماضي في عيادة السجن، لكنه أعيد إلى عزله دون أن يحصل على العلاج.

ويضيف "أبلغنا الأسرى أن يزن لا يستطيع المشي على قدميه، ومع ذلك فهو يتمتع بمعنويات عالية، ويصر على مواصلة الإضراب".

نَزيل السجون

ويعيش الأسير حنني منذ تسع سنوات حالة من عدم الاستقرار نتيجة اعتقالاته المتكررة التي وصلت إلى خمسة اعتقالات، فلا يكاد يتحرر من الأسر حتى يعيد الاحتلال اعتقاله مجددا بعد عدة شهور.

واعتقل لأول مرة عام 2007 وهو بعمر 16 عاما، وأمضى حكما بالسجن لعامين ونصف العام، وفي اعتقاله الثاني أمضى أربعة أشهر، ثم اعتقل لشهر واحد وأفرج عنه، ليعتقل مجددا ويمضي ستة أشهر، قبل أن يعتقل للمرة الخامسة والتي لا يعلم متى وكيف ستنتهي.

"أم حنفي" والدة الأسير يزن، تبتهل إلى الله تعالى أن يتحقق مطلب ابنها وينال حريته، قبل أن يمضي في الإضراب فترة طويلة.

وتقول : "هذه ليست أول مرة يعتقل فيها يزن، لكن هذه المرة أشعر بالقلق البالغ عليه، فهو عنيد بطبعه، ولن يستسلم لإرادة الاحتلال".

وتشير إلى أن حكما بالسجن لعشر سنوات أهون على ابنها من الاعتقال الإداري الذي ليس له أي سقف.

ولأنه أصغر أبنائها والوحيد الذي لم يتزوج بعد، كانت والدته تلحّ عليه بالزواج لتفرح به، فلعل في ذلك ما يخفف من ملاحقة الاحتلال له.

وتقول: "بنينا له شقة وكنا نعمل على تشطيبها، سعيا لتزويجه، لكن اعتقاله الأخير أوقف مشروع الزواج حتى إشعار آخر".

ثائر بالوراثة

وبينما ينشغل تفكير "أم حنفي" بما سيلاقيه ابنها يزن في إضرابه عن الطعام، يذهب تفكيرها بعيدا لأكثر من ثلاثة عقود خلت، عندما كان زوجها يقبع في سجون الاحتلال.

وتقول: "يزن ليس حالة طارئة على عائلتنا، فوالده سبقه بتجربة الاعتقال، وها هو يزن يسير على خطاه".

وتشير إلى أن زوجها اعتقل بعد احتلال الضفة الغربية عام 1967 وحكم عليه بالسجن مدى الحياة، وأفرج عنه بصفقة التبادل عام 1983.

لم يعد والد يزن إلى بيت فوريك بعد تحرره، بل أبعد إلى الجزائر، ثم استقر به المقام بالأردن ليتزوج من والدة يزن، وينجب منها ولدين وثلاثة بنات.

وتقول "أم حنفي": "كنت قبيل كل موعد ولادة أحد أبنائي أعود إلى فلسطين بتصريح زيارة لكي يحصل أبناؤنا على حق المواطنة، على أمل أن نعود إلى وطننا ونستقر فيه يوما ما".

وتشير إلى أنهم تمكنوا من العودة بواسطة تصريح زيارة لزوجها بعد محاولات عديدة كانت تبوء بالفشل بسبب منع الاحتلال له من العودة إلى فلسطين، وعاش في وطنه ستة أشهر قبل أن يتوفى تاركا زوجته وأبناءه الخمسة.

وتوضح "أم حنفي" أن زوجها كان يعاني من إصابة برصاص الاحتلال قبل اعتقاله، ونتيجة للإهمال الطبي وسوء العناية الطبية في سجون الاحتلال، تسببت الإصابة بتعفن في الكلى والقلب، وانتهت باستشهاده.

تضامن شعبي

وفي وسط بيت فوريك، تحولت خيمة الاعتصام الدائمة التي أقامها الأهالي للتضامن مع الأسير حنني، إلى قبلة للمتضامنين الذين يأتون من كل حدب وصوب لتقديم الدعم المعنوي لعائلته.

ويقول حنفي إن هذه الخيمة تشهد توافد أبناء البلدة والذين يؤمونها يوميا منذ ساعات العصر وحتى منتصف الليل، كما يؤمها وفود متضامنة وأسرى محررون، مبينا أن عائلته تشعر بالارتياح لحجم الالتفاف الكبير، والذي يبعث في نفوسهم الطمأنينة ويرفع من معنوياتهم.

وتناشد "أم حنفي" كافة المسؤولين في السلطة الفلسطينية والمؤسسات الحقوقية الدولية التدخل لإنهاء اعتقال ابنها وكافة الأسرى، ليعودوا إلى ذويهم، قبل أن يطحن الاعتقال الإداري أعمارهم خلف أسوار السجون.