Menu

دراسة حول قانونية الاعتقال الإداري

قـــــــاوم / قسم المتابعة /

ما هو الاعتقال الإداري

هو اعتقال تعسفي غير قانوني يتنافى وأبسط المعايير الدولية لحقوق الإنسان لأنه اعتقال بدون تهمة و محاكمة يعـتمد على ملف سري وأدلة سرية لا يمكن للمعتقل أو محاميه الإطلاع عليها، والطريقة التي تستعمل فيها حكومة الاحتلال الاعتقال الإداري تتناقض وبشكل سافر مع القيود التي وضعها القانون الدولي على الاعتقال الإداري .

 

وعرفته اللجنة الدولية للصليب الأحمر : بأنه حرمان شخص ما من حريته بناءً على مبادرة أو أمر من السلطة التنفيذية وليست القضائية بدون توجيه تهم جنائية ضد المحتجز أو المعتقل إدارياً ( شرح البروتوكولين الإضافيين الصادرين في 8 يونيو /حزيران 1977 الملحقين باتفاقيات جنيف الصادرة في 12 أغسطس/آب 1949 ) ،كما أنه اعتقال يتم القيام به استنادا ً إلى أمر إداري فقط بدون حسم قضائي وبدون لائحة اتهام وبدون محاكمة طبقا ً للقانون الدولي .

 

على ماذا تعتمد سلطات الاحتلال في عملية الاعتقال الإداري : -

تعتمد سلطات الاحتلال على ما يلي في عملية الاعتقال الإداري للفلسطينيين :

  1. الأمر الخاص بخصوص الاعتقالات الإدارية وهو جزء من التشريعات العسكرية السارية في الضفة الغربية حيث يتم احتجاز معظم المعـتقلين الإداريين استناد إلى أوامر اعتقال فردية يتم إصدارها استنادا ً إلى هذا الأمر ، وقد تم إلغاء أمر مشابه بخصوص قطاع غزة مع تطبيق خطة "الانفصال" في شهر أيلول.
  2. قانون الصلاحيات الخاص بالطوارئ (اعتقالات) الساري في إسرائيل والذي استبدل الاعتقال الإداري الذي كان ساريا ً في أنظمة الطوارئ من فترة الانـتداب البريطاني ، يتم الـتحفظ على مواطنين من سكان المناطق الفلسطينية استناداً إلى هذا القانون فقط في حالات نادرة
  3.  قانون سجن المقاتلين غير القانونيين الذي سرى مفعوله العام 2002 ، وقد كان القانون يهدف بالأصل إلى الـتمكن من الـتحفظ على لبنانيين كانوا مسجونين في ذلك الوقت في إسرائيل ك"ورقة مساومة" لغرض استعادة أسرى وجثامين ، أما اليوم فإن إسرائيل تستعمل القانون من أجل اعتقال فلسطينيين من سكان قطاع غزة بدون تقديمهم للمحاكمة "كما ورد في بتسيلم " .

 

قانون الطوارئ:

قانون صلاحيات الطوارئ (اعتقالات) من العام 1979 هو جزء من التشريع الإسرائيلي. يهدف هذا القانون إلى استبدال الترتيب بخصوص الاعتقال الإداري الذي تحدد من قبل البريطانيين ضمن أنظمة الطوارئ. ويصير القانون ساري المفعول فقط بعد إعلان الكنيست عن حالة الطوارئ، غير أن هذا الوضع معلن في إسرائيل منذ قيام الدولة.

القانون يفوض وزير الدفاع باعتقال الشخص ضمن الاعتقال الإداري لفترة لا تزيد عن نصف سنة. هذا القانون أيضا يتيح تمديد أوامر الاعتقال بنصف سنة إضافية في كل مرة، بدون تقييد لعدد التمديدات. ومع هذا، يمنح للمعتقل في هذا القانون حمايات لا تُمنح له بأمر الاعتقالات الإدارية، خاصة فيما يتعلق بأقصى الفترة التي تمر قبل عرضه على قاض ووتيرة الرقابة القضائية.

هذا القانون يتيح الاعتقال الإداري لسكان إسرائيل، سكان المناطق التي احتلت من قبل إسرائيل وكذلك مواطنين من دول أخرى. على مدار السنوات استعملت إسرائيل القانون لاعتقال إسرائيليين، مواطنين من الدول العربية- وخاصة اللبنانيين-وفي حالات معينة، سكان الضفة الغربية وقطاع غزة.


استغلال القانون الدولي

القانون الدولي الإنساني أجاز اللجوء للاعتقال الإداري لأسباب أمنية قهرية وبشكل استثنائي وفردي ، محذراً من استخدامه سلباً وبشكل جماعي لأن ذلك ربما يصل إلى مستوى “العقاب الجماعي ” ، على أن ينتهي الاعتقال الإداري فور زوال الأسباب ، وبالتالي وضع قيوداً صارمة على تنفيذه واستمرار احتجاز المعتقلين وحدد إجراءات وضمانات قضائية نزيهة في حال اللجوء إليه أبرزها معرفة المعتقل الإداري لأسباب احتجازه فور اعتقاله وبشكل تفصيلي وكامل وباللغة التي يفهمها ، وحصوله على آلية مستقلة ومحايدة للطعن في شرعية الاحتجاز ، وحصول المعتقل الإداري على المساعدة القانونية ومنحه الحق في النظر بشكل دوري في شرعية استمرار احتجازه ، وحقه في الاتصال بأفراد عائلته عبر المراسلة والاستقبال ، وحقه في الحصول على الرعاية الطبية ، كما وألزم السلطات بإخطار السلطات الوطنية التابع لها الشخص المعتقل إداريا بأمر احتجازه ، وأجبرها على السماح للسلطات الدبلوماسية أو القنصلية ذات الصلة بالاتصال برعاياها وزيارتهم .



وقد حدد القانون الدولي المبادئ العامة السارية على الاعتقال الإداري في الحالات الاستثنائية بما يلي :

  1. الاعتقال الإداري إجراء استثنائي : حيث بـينت اتفاقية جنيف الرابعة بما لا يدع مجالاً للشك أن الاعتقال الإداري تدبير شديد القسوة للسيطرة على الأمور.
  2. الاعتقال الإداري ليس بديلا ً عن الدعوى الجنائية .
  3. الاعتقال الإداري إذا تم بشروطه يكون لكل حالة على حدا فقط ، ولا يكون جماعيا ً بأي حال من الأحوال لأن القانون الدولي يحظر العقاب الجماعي حسب البروتوكول الإضافي الثاني للمادة 4 (2) ب
  4.  إنهاء الاعتقال الإداري متى انـتفت الأسباب التي أدت إليه .
  5.  الحق في معرفة أسباب الاعتقال الإداري
  6.  حق الشخص الخاضع للاعتقال الإداري في الطعن في شرعية اعتقاله بأقل تأخير ممكن
  7.  النظر في شرعية الاعتقال الإداري من قبل جهة مستقلة ومحايدة
  8.  السماح للمعتقل بالحصول على المساعدة القانونية
  9.  تمكين المعتقل إداريا ً وممثله القانوني من حضور الدعوى شخصيا
  10. السماح للمعتقل إداريا ً بالاتصال بأفراد أسرته (الزيارة والرسائل )
  11. حق المعتقل إداريا في الرعاية الطبية التي تقتضيها حالته
  12. السماح للمعتقل إداريا بتقديم مذكرات تتعلق بالمعاملة التي يتلقاها وأحوال احتجازه
  13. حق الوصول إلى المعتقلين إداريا من قبل اللجنة الدولية للصليب الأحمر حسب المادة 143 من اتفاقية جنيف الرابعة .

 

ولو تتبعنا سياسة الاحتلال تجاه المعتقلين الإداريين نجد أن  سلطات الاحتلال تخالف القانون الدولى بشكل واضح وهذا يتبين فى التالى:

  1.  لا تلتزم بالمبادئ العامة ولا بالضمانات القضائية والإجراءات النزيهة المتعلقة بالاعتقال الإداري وفقاً للقوانين الدولية واتفاقية جنيف.
  2. لا يقدم الاحتلال للمعتقلين الإداريين اياً من الحقوق المنصوص عليها سابقا ، كالحق في العلاج والاتصال بأفراد الأسرة.
  3. تلجأ إسرائيل للاعتقال الإداري كشكل من أشكال العقاب وتعتمد في ذلك على ملف سري وتمارسه كقاعدة للعقاب للجماعي ضد الفلسطينيين ولفترات طويلة تصل لسنوات عدة . وقد أقرت المحكمة العليا الإسرائيلية إمكانية عدم كشف هذه البيانات، وعدم إلزام السلطة باحترام حق المشتبه به بالحصول على إجراءات محاكمة عادلة. بما يعد انتهاكا لحق المعتقل الإداري في إبلاغه بسبب إلقاء القبض عليه فمن حق كل شخص أن يبلغ بسبب إلقاء القبض عليه. وتنص المادة ( 92) من العهد الدولي المذكور“العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسيةعلى انه:”يجب إبلاغ كل شخص يقبض عليه بأسباب القبض عليه لدى وقوعه، ويجب إبلاغه على وجه السرعة بأية تهمة تُوجَّه إليه“.بينما اتفاقية جنيف الرابعة لا تتحدث مطلقا عن الصلاحية باستخدام مواد سرية لإثبات الخطورة من الشخص.
  4. قيام إسرائيل بالاعتقال الإداري بحق الفلسطينيين وفقا ً لأنظمة الطوارئ لعام 1945 م. والتي هي ملغاة أصلا ً ؛ انتهاك واضح للقانون ، وعلى اعتبار أن المادة 43 من اتفاقيات لاهاي 1907 م. لا تجيز لدولة الاحتلال أن تغير في الواقع التشريعي للبلد المحتل ، وباعتبار أن إسرائيل تقر بوجوب تطبيق أنظمة لاهاي لعام 1907 م. ، وأن ذلك قد تم تأكيده أكثر من مرة بقرارات واضحة من المحكمة العليا الإسرائيلية"مثل قرار المحكمة عام 2000 عندما قررت أنه لا يحق للدولة احتجاز مواطنين لبنانيين بالاعتقال الإداري " ، وبناء ً عليه فإنه لا يوجد أي أساس قانوني يخول إسرائيل أن تستند إلى أنظمة الطوارئ كأساس للجوء إلى الاعتقال الإداري ، وبالتالي فالاعتقال الإداري يتعارض مع أساسيات التشريع الإسرائيلي ذاته .
  5. كما أن اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 م. وتحديداً المواد 70 و 71 منها تشترط لاعتبار المحاكمة عادلة أن يتم إبلاغ المتهم بلائحة اتهام واضحة وبلغة يفهمها تبين له أسباب اعتقاله ليتاح له إمكانية الدفاع عن نفسه ، وحيث أن الاعتقال الإداري يستند إلى الملف السري يصبح واضحا ً بما لا يدع مجالا ً للشك أنه لا تتوافر في المحاكم التي تنظر في الاعتقال الإداري ضمانات المحاكمة العادلة ، وعليه فإنه يعد جريمة حرب وفق المواد130 و 131 من اتفاقية جنيف الثالثة ، وكذلك وفق المواد 147 و 148 من اتفاقية جنيف الرابعة خاصة وأن إسرائيل قبلت لنفسها أن تلتزم في حكمها للأراضي الفلسطينية بالقانون الدولي وأنظمة لاهاي لعام 1907 ، وقد أكدت المحكمة العليا الإسرائيلية ذلك في أكثر من قرار أبرزها عام 1977 م. في القضية رقم 606 / 78 ( دويكات ضد دولة إسرائيل ) وذلك بشأن مستوطنة ألون موريه 606 / 78 . .

بذلك تصبح ممارسة إسرائيل للاعتقال الادارى غير مشروعة ، وتتنافى مع ابسط المواثيق الإنسانية، وهذا يتوجب على الدول التي وقعت على تلك الاتفاقيات التدخل العاجل من اجل حماية أبناء الشعب الفلسطيني من جريمة الاعتقال الادارى الجماعية بحقهم والتي لجأ إليها الاحتلال بشكل واسع وكبير جدا خلال الشهور الأخيرة الأمر الذي رفع أعدادهم بشكل كبير جدا ، لم تصل اليه منذ عام 2008 .