Menu

ترويع "أهالي غزة" وسيلة الكيان للضغط على المقاومة

قاوم _ وكالات /

شهّدت مدينة غزة أمس الاثنين، ليلة هي الأعنف والأكثر قسوة منذ بدء الحرب الصهيونية ، في السابع من الشهر الجاري، في خطوة وصفّها مراقبون فلسطينيون بأنها "سياسة مقصودة" لترويع السكان، وإخافتهم من أجل الضغط على فصائل المقاومة الفلسطينية للقبول بالمبادرة المصرية للتهدئة.

ووصف سكان مدينة غزة ليلة أمس بأنها "ليلة رعب"، لم يسبق لهم أن عاشوها طيلة العقود الماضية، وتحولت سماء المدينة إلى كتلة من اللهب جراء إطلاق مئات القنابل الضوئية، التي ما تلبث أن تنطفئ واحدة حتى تشتعل أخرى.

وهذا الترويع النفسي، إلى جانب القصف المدفعي والجوي المستمر، على أنحاء متفرقة من قطاع غزة، وصفّه "طلال عوكل" الكاتب السياسي في صحيفة الأيام الفلسطينية الصادرة من مدينة رام الله بالضفة الغربية بأنه "خطوة صهيونية مدروسة" للضغط على فصائل المقاومة الفلسطينية للقبول بالمبادرة المصرية للتهدئة.

وأضاف عوكل في تصريح لوكالة الأناضول: " ما جرى أمس لم يكن على الحدود، ولا في الأحياء التي يتمركز فيها الجيش الصهيوني كالأحياء الشرقية والجنوبية لقطاع غزة، بل كان هناك ثمة ترويع مقصود لوسط مدينة غزة، هذا المكان الذي يصفه السكان بأنه الأكثر أمنا, وأقل خطورة مقارنة بغيره".

وأكد عوكل، أن دولة الاحتلال أرادت من إلقاء القنابل الضوئية، والقصف العنيف على مركز ووسط مدينة غزة، أن تضغط على المقاومة، وإيصال رسالة بأن كل غزة ليست آمنة، وأنه يجب عليها المقاومة الاستجابة لوقف إطلاق نار بدون شروط.

وفي الـ14 من الشهر الجاري، طرحت مصر، مبادرة لوقف إطلاق النار في غزة تنص على وقف الأعمال العدائية بين دولة الاحتلال وفصائل فلسطينية، وفتح المعابر، وتسهيل حركة عبور الأشخاص والبضائع عبر المعابر الحدودية في ضوء استقرار الأوضاع الأمنية على الأرض.

وفي الوقت الذي رحبت فيه أطراف إقليمية ودولية عدة، بالمبادرة المصرية، أعلنت حركة حماس أنها لن تقبل بأية مبادرة لوقف إطلاق النار، "لا تستجيب سلفا للشروط الفلسطينية".

ووفق فصائل المقاومة الفلسطينية فإنها تشترط لقبول التهدئة بفك الحصار البري والبحري عن قطاع غزة بشكل كامل، وإدخال جميع السلع والكهرباء والوقود ومواد البناء، وفك الحصار الاقتصادي والمالي، وضمان حرية الصيد والملاحة حتى 12 ميل بحري.

وكان نائب وزير الدفاع الصهيوني السابق، فرايم سنيه، قد قال في مقابلة مع القناة العاشرة في التلفاز الصهيوني أمس الاثنين، إن على دولة الاحتلال "نقل الحرب إلى كافة مناطق قطاع غزة، والتضييق على البنية المجتمعية بهدف الضغط على حماس".

واتفق مع هذا الحديث، داني دنون، نائب وزير الدفاع السابق، في تصريح نقلته القناة الثانية في التلفاز الصهيوني ، حيث قال: " لا بد أن تفهم حماس بأن لا حدود للمعركة ، يجب أن تتحول أهداف حماس في كافة مناطق غزة عرضة للنار".

من جانبها توقعت القناة الثانية الصهيونية ، تدحرج الحرب على غزة إلى "مناطق مختلفة سواء كان ذلك من خلال تشديد الغارات، أو شن بعض الهجمات على جبهات مختلفة".

 ويرى هاني البسوس، المحلل السياسي، أن دولة الاحتلال أرادت من خلال ترويعها لسكان مدينة غزة أمس، أن تبث الرعب والفزع في نفوس الأهالي، وضرب كافة الأماكن لدرجة يستحيل فيها الحديث عن مكان آمن.

وأضاف البسوس، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الإسلامية بغزة في حديث لوكالة الأناضول: " دولة الاحتلال تكثف من غاراتها في الليل، وتزيد من وتيرة القصف، كي تخلق حالة من التذمر الشعبي، الناتج عن الخوف، والضغط على المقاومة للقبول بالتهدئة".

وقالت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة إنّ حصيلة قتلى الغارات الصهيونية (الجوية والمدفعية)، على مختلف أنحاء قطاع غزة، بلغت أمس الاثنين، 43 قتيلاً وإصابة 260 آخرين معظمهم من الأطفال والنساء.

وتسببت الغارات بتدمير أكثر من 70 منزلا ومؤسسة وفق إحصائيات لوزارة الأشغال والإسكان الفلسطينية.وتزامن القصف الصهيوني ، مع حياة قاسية يعيشها سكان قطاع غزة داخل البيوت، إذ يعانون من انقطاع للمياه والكهرباء.

وقال نائب رئيس سلطة الطاقة بغزة، فتحي الشيخ خليل، إنّ قصفا إسرائيليا استهدف صباح اليوم الثلاثاء، خزان الوقود الرئيسي لمحطة توليد الكهرباء وسط القطاع، وتسبب بإيقاف المحطة عن العمل بشكل كامل.

وقال الشيخ خليل، في وقت سابق لوكالة الأناضول، إنّ محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة، ستتوقف بشكل كامل عن العمل، جراء استهداف خزان الوقود الرئيسي لمحطة توليد الكهرباء.

وتصل نسبة العجز في تغطية الكهرباء في قطاع غزة إلى 90 % بعد وقف دولة الاحتلال تزويد بعض الخطوط الرئيسية بالكهرباء، وتضرر عدد كبير جدا من المحولات الرئيسية جراء القصف الصهيوني .

ولا تزيد ساعات وصل الكهرباء لمختلف أنحاء قطاع غزة عن 3 ساعات يومياً، ولن تتوفر هذه الساعات، وفق تأكيد الشيخ خليل، في ظل تعطل إمدادات خطوط الكهرباء، واستهداف خزان الوقود.

وكل هذه الشواهد، والحصار الخانق المتزامن مع سياسة الترويع، تريد دولة الاحتلال من خلالها كما يرى "إنطوان شلحت" الخبير في الشأن الصهيوني ، ردع المقاومة.

ويُضيف شلحت في حديث لوكالة الأناضول، إنّ دولة الاحتلال تستهدف الأطفال، والمدنيين، وترويع السكان في كل أماكن تواجدهم، لعجزها عن مواجهة المقاومة، ولإجبارها على دفع التكلفة والثمن الباهظ.

وتابع: " تصعيد أمس، وما قد نشهده في الأيام القليلة القادمة، هو لإجبار فصائل المقاومة، وفي مقدمتها حركة "حماس" على التنازل، بالقبول بالورقة المصرية الخاصة بالتهدئة، أو أي حلول سياسية تضمن وقف إطلاق النار دون شروط".

وشرعت دولة الاحتلال قبل 23 يومًا، بشن حربٍ على قطاع غزة أطلقت عليها اسم "الجرف الصامد"، وتوسعت فيها الخميس الماضي(17 يوليو/تموز) بتنفيذ توغل بري ، مصحوباً بقصف مدفعي وجوي وبحري كثيف، أدى إلى مقتل أكثر من ألف فلسطيني، وجرح أكثر من سبعة آلاف آخرين، بينهم 260 طفلا، وفق تأكيد مصادر طبية فلسطينية.