Menu
مجزرة "قبية" حيث هدم العدو الصهيوني البيوت على رؤوس ساكنيها

مجزرة "قبية" حيث هدم العدو الصهيوني البيوت على رؤوس ساكنيها

قــاوم- قسم المتابعة: في الخامس عشر من أكتوبر من العام 1953 نفذت الوحدة 101 بقيادة اريئيل شارون واحدة من الجرائم البشعة ضد الشعب الفلسطيني، ذهب ضحيتها 69 شهيدًا، وأكثر من 70 جريحًا، وهدم عدد كبير من منازل أهالي قرية قبية. • عكست هذه المجزرة مضي العدو الصهيوني في مسلسل جرائمه من خلال مجازر ومذابح وهدم بيوت واقتلاع أشجار وتدمير البنية التحتية للقرى والمدن الفلسطينية، وذلك لتحقيق فكرة اقتلاع الشعب الفلسطيني عن أرضه، وإحلال مهاجرين يهود وغيرهم مكانهم. • "قبية"، حالة من مجموع حالات وأحداث تندرج ضمن مسلسل تصفية الوجود الفلسطيني على الأرض الفلسطينية. والمسلسل لم يتوقف حتى يومنا. في الليلة الواقعة بين 12 و 13 تشرين أوّل ـ اكتوبر عام 1953 قام فدائيون فلسطينيون بتنفيذ عملية فدائية ضد مستعمرة "يهود" قتل فيها عدد من المستعمرين وفي أعقاب العملية ادعت القوات الصهيونية أنها اقتفت آثار منفذيها التي قادتهم إلى قرية رنتيس القريبة من رام الله، والتي تبعد عن قرية قبية مسافة مقدارها خمسة كيلومترات فقط.  وكانت الضفة الغربية تحت حكم المملكة الأردنية الهاشمية في ذلك الوقت وقدم العدو الصهيوني شكوى إلى لجنة الهدنة المشتركة في يوم 13 تشرين أول 1953. وقبل أن تقوم الأمم المتحدة المسئولة عن اللجنة المشتركة بالتحقيق في مضمون الشكوى قامت القوات الإرهابية الصهيونية بهجوم كبير على قرية قبية ونفذت جريمة ـ مجزرة رهيبة في سكانها الأبرياء. من خلال مراجعة بروتوكولات اللجنة الأمنية المصغرة(لم تكن رسمية) والتي تكونت من دافيد بن غوريون رئيس الوزراء ومردخاي مكليف رئيس هيئة الاركان العامة للجيش الصهيوني ، وموشي ديان القائم بأعمال وزير الدفاع الاسرائيلي بنحاس لافون، يتبين لنا أن الشكوى لم تكن إلا لذر الرماد في العيون ولتمويه الخطوات الإجرامية التي ستقوم بها هذه الحكومة. قررت حكومة بن غوريون القيام بما أسمته عمليات انتقامية ضد المتسللين الفلسطينيين والعرب من الحدود الأردنية وذلك بهدف قطع دابرهم وتوفير حماية للمستعمرات الصهيونية على طول خط الهدنة بين الضفة الغربية وفلسطين الداخل. ولم تُعرض خطة عملية "قبية" وتفاصيلها على مجلس الوزراء الصهيوني بأكمله لنيل موافقته.   ومن قراءة أوامر هيئة الأركان الصهيونية وكذلك أوامر قيادة لواء المركز في الجيش الصهيوني يتبين لنا أن الهدف من العملية نسف عدد كبير من البيوت وإصابة ساكنيها، واحتلال القرية مؤقتًا وإلزام السكان فيها بتركها(أي طردهم). وجرى التشديد على تنفيذ هدم وقتل بأعلى الدرجات، والهجوم على قريتي شقبه ونعلين القريبتين لنشر الخوف والهلع بين سكانها وقتل أكبر عدد ممكن منهم ومن الجنود الاردنيين المرابطين فيها. • اريئيل شارون منفذ المجزرة   كلف شارون بقيادة الوحدة 101 وكتيبة رقم 890 من المظليين وقوامها 130 جنديا، مدججين بالسلاح وبكميات كبيرة من المتفجرات لتستعمل في نسف البيوت. وفي الليلة بين 14 و15 تشرين أول من العام 1953 تحرك الجنود باتجاه قريتي شقبه ونعلين ولكنها لم تدخل القريتين، وتبين أن ذلك كان بهدف التمويه، إنما تابعت سيرها نحو قرية قبية وفيها نفذوا جريمتهم البشعة. • المجزرة من بيت إلى آخر وما أن وصل جنود شارون إلى قبية حتى باشروا في إلقاء قنابل يدوية ومواد متفجرة داخل البيوت عبر النوافذ والأبواب التي اقتحموها. وذهب ضحية هذه العمليات 69 شهيدًا فلسطينيًا من الأطفال والنساء من أهالي القرية. وتم نسف وتدمير أكثر من 45 منزلاً. • تلفيق العملية على موقع سلاح المظليين الصهيوني نشر موقع سلاح المظليين الصهيوني على الانترنت خبرًا قوامه 12 سطرًا فقط ملخصًا فيه العملية، محملاً المتسللين كامل المسؤولية. ويضيف أن الذين سقطوا في القرية هم أردنيون وقتلوا بطريق الخطأ وعن غير قصد. • ماكينة التلفيق الصهيونية تحركت ماكينة تلفيق الحقائق وتزوير الصورة التي تقودها دومًا الحكومة الصهيونية فادعى الجنود أولا وذلك بتوجيه من قياداتهم أنهم لم يعرفوا مطلقًا أن مدنيين كانوا في البيوت التي تم نسفها، واعتقدوا أن البيوت كانت خالية. فإذا كانت خالية لما نسفوها فوق رؤوس ساكنيها؟ وادعى شارون في كتاب مذكراته أن جنوده قاموا بفحص البيوت أولاً وقبل نسفها على يدهم، للتأكد والتثبت من خلوها من السكان. ولكنه في مقابلة أجرتها معه جريدة يديعوت احرونوت في عام 1992 صرح أن الهدف المركزي من وراء هذه العملية هو قتل أكبر عدد من السكان الفلسطينيين . وأضاف مدعيًا أن السكان في تلك المناطق كانوا معتادين على عمليات الجيش الصهيوني بنسف بيوت عند أطراف القرى، وفي هذه الحالة اختبأوا في البيوت داخل القرية، ولم ينتبه الجنود الصهيوني إلى وجودهم.على حد زعمهم . وكذلك صرح نائب قائد الوحدة 101 واسمه شلومو باوم، أن عمليات النسف طالت 43 بيتا في القرية. وادعى أن جنوده عند دخولهم إلى البيوت كانوا يصرخون مطالبين سكانه بالخروج منه. "ولكن في نهاية العملية أخبرنا عن 11 قتيلاً". لماذا لم يخرجوا يا تُرى؟ وتأتي حلقة إضافية في مسلسل التلفيق والكذب وتزوير الحقيقة على لسان مصمم المذبحة بن غوريون قائلاً لشارون ونوابه في الوحدة: "أيها الشباب أُهنئكم على عمليتكم المباركة. ولكن آسف أنني لا استطيع أن أعلن ذلك على الملأ". وأضاف بن غوريون قائلا:" لا يهمني رد فعل العالم على العملية، المهم كيف ستبدو المنطقة من بعدها، لأن ما سيحدث سيمنحنا الراحة ويوفر لنا العيش بهدوء". • تقصير في الجيش العربي في الأردن حتى ذلك الحين كان الجيش الاردني تحت قيادة كلوب باشا (المعروف بـ "أبو حنيك")، وعُرف هذا الجيش بـ "الجيش العربي" فبالرغم من وصول أخبار التحرك العسكري الصهيوني إلا أنّ قائد اللواء الثالث البريطاني في الجيش العربي الأردني "أشتون" أخطأ في تقدير أهمية وحجم الهجوم الذي قامت بتنفيذه قوة من الجيش الاسرائيلي في تلك الليلة.  ولم يقم اشتون بإعلام مقر القيادة بالذي كان يجري في قبية مما حال دون وصول قوات عسكرية لمواجهة الفرقة الصهيونية.  وظهر جليًّا أنّ القيادة الحربية العليا للجيش العربي قد عرفت بما كان يجري في قبية ولكنها لم تقدر حجم العملية جيدّا، ولم تبادر إلى التحقق مما كان يجري.  ولهذا تشكلت لجنة تحقيق برئاسة وزير المعارف الأردني آنذاك أحمد طوقان ووزير العدلية شفيق ارشيدات والضابط العسكري صادق الشرع. وتبين للجنة أن هناك إهمالاً واضحًا من قِبَل عدد من الضباط المسؤولين المباشرين في ميدان العمليات. وتمت محاكمة جميع الضباط الذين ثبتت مسؤوليتهم، والأهم من هذا أن مجزرة قبية وضعت حدًّا لوجود كلوب باشا برحيله عن الأردن، وأيضا وضعت حدًّا فاصلاً في علاقات بريطانيا والمملكة الاردنية الهاشمية. • أرادت القوات الصهيونية من وراء العملية السيطرة على المزيد من الأراضي   كان واضحا أن العمليات الانتقامية(كما تسميها المراجع الصهيونية )، تهدف إلى توسيع رقعة المنطقة الوسطى باتجاه الشرق، بذريعة توفير الأمن للعمق الصهيوني، والحيلولة دون وصول متسللين الفدائيين إلى المستعمرات الصهيونية ومدن الساحل. وتندرج مجزرة قبية وما تلاها من مجازر، ومنها مجزرة السموع ضمن هذا الإطار. لم تكن مجزرة قبية هي الأولى أو الأخيرة التي تعرض، لها الشعب الفلسطيني، وما زال، على يد آلة القتل والحرب الصهيونية ، لكن ذكرى وقوعها حتمت علينا تذكير الشعب الفلسطيني في كل مواقع انتشاره بما حدث، وما يجب أن يتعلمه ويدركه لحالته الراهنة ولحماية وجوده ومستقبله.