Menu
رسالة الأسير حسن سلامة من "القبر"

رسالة الأسير حسن سلامة من "القبر"

قــاوم – وكالات  :   أكد الأسير حسن سلامة أنه ما زال بفضل الله أقوى ويملك الإرادة الصلبة رغم مرور تسع سنوات متواصلة في العزل.   وقال سلامة في رسالة سربت من زنزانته الانفرادية ونشرتها مواقع اعلامية فلسطينية السبت: إنني تنقلت خلال تلك السنوات بين قبر وقبر، وأمكث في القبر 23 ساعة وأخرج ساعة لقبر أوسع قليلا".   وأضاف سلامة "رسالتي هذه هي وسيلتي الوحيدة للمحافظة على نفسي، لحظات سعادتي في هذا العزل هي عندما أكتب رسالة أو تصلني من الخارج رسالة".   وتابع قائلاً: "سأبقى أحبكم ولو نسيتموني، فعزائي أن لي ربا اسمه الكريم لن ينساني".   والأسير حسن سلامة من سكان خان يونس جنوب قطاع غزة، واعتقل في الخليل عام 1996 وحكم عليه بالسجن المؤبد 48 مرة لوقوفه وراء عمليات الثأر لاغتيال المهندس الأول للقسام الشهيد يحيى عياش.   ويعيش الأسير سلامة في زنزانة ضيقة وصغيرة في زنازين عزل سجن "ايلون"، وتفتقد زنزانته لأدنى المقومات الإنسانية والصحية، فلا تكاد تدخلها الشمس ولا الهواء وهي مشبعة بالرطوبة.   وتنتشر في الزنزانة الحشرات والصراصير، ومساحتها ضيقة جدا، ولا يسمح له بالخروج إلى ساحة الفورة سوى ساعة واحدة في اليوم يكون فيها مقيد اليدين والقدمين، إضافة إلى ما يتعرض له من استفزازات ومعاملة قاسية ومهينة على يد السجانين وحرمانه من مشاهدة وسائل الإعلام.     وفيما يلي نص رسالة الأسير حسن سلامة إلى أحبابه:   تحية وألف سلام ..                                                             الأحبة الكرام ..   يا من تسكنون ذلك العالم الكبير الذي نسمع عنه دون أن نراه ..   مكاني ،، عالم صغير نحيا فيه مرارة الاعتقال والعزل .. في هذا المكان الضيق .. الذي يضيق أكثر وأكثر كم يحلو لنا ان نتذكر ذلك الزمان الذي مضى والذي قد يكون هو الصورة الأجمل التي ما زلنا نحملها في قلوبنا وعقولنا ..   .. كم أتمنى أن يعود ذلك الزمن الجميل يوم كنا صغارا كلنا براءة لا نعرف الكره .. كان احترامنا للكبير شيء مقدس وكأنه آية من القران .. أتذكر عندما كنا نعود من المدارس وتبدأ حملة تفتيش الحقائب على الدفاتر والكتب المرتبة وكنت دائما أكون الأكثر ترتيبا .. كم أتمنى ان أعود إلى بيتي وشارعي ومدينتي .. كل شيء نشتاق إليه أنا لست معزولا فقط بل محروم من أن أعيش مع أي صديق من منطقتي أتحدث معه عن غزة أو خانيونس ..أو ذكريات الطفولة .. شكلي قد كبر ولحيتي شابت لكنني أعيش وكأنني طفل.. أحن وأشتاق لكل شيء ....    أيها الاحبه هم يريدون عزل ذاكرتي .. إخراجي من عالم البشر ووضعي في عالم الأموات لكي بعد سنوات طوال يصلون بأحدنا إلى ذاكرة جديدة ليس لها علاقة بالبشر .. رسالتي هذه هي وسيلتي الوحيدة للمحافظة على نفسي..لحظات سعادتي في هذا العزل هي عندما أكتب رسالة أو تصلني من الخارج رسالة..أجلس كطفل صغير على فراشي وأحشر نفسي في الزاوية وأقرأ رسالة جاءت من عالم الأحياء عالم البشر.   كيف وصلت ؟؟ بأي طريقة .. لا يهم .. المهم وصلت .. بمجرد استلامي لها أشعر أنني ما زلت أنتمي لكم أشعر بأنني ما زلت حيا أقرأ كل كلمة وكل حرف وكأنني أتناول إكسير حياة يعيدني للحياة وينتشلني من بين الأموات .. هكذا هي رسائلكم وسماع صوتكم.   أبحث عن وسائل مساعدة حتى أبقى حيا أتنفس والله ثم والله إنكم الأكسجين الذي أتنفس من خلاله إن وصلني تنفست وانتعشت وإن انقطع عني عدت جثة بين جثث تتحرك كما في أفلام الأموات التي تتحرك بعوامل معينة لكن لا روح ولا نفس فقط جسد يسير ويمشي.    تسع سنوات متواصلة تنقلت فيها بين قبر وقبر أمكث في القبر 23 ساعة وأخرج ساعة لقبر أوسع قليلا.. لكن ما زلت بفضل الله قوي وأملك إرادة صلبة وكل ما أنا فيه من أجل تحطيم هذه الإرادة باستخدام أحدث ما توصل إليه علم النفس .. أمامي وبجانبي أصدقاء كانوا ما أجملهم فجنوا وأصبحت حالتهم يرثى لها.   وصدقوا ما أنا فيه من قوة وثبات هو بفضل الله.. أبدا ليس لي فيه أي فضل هو وحده من يقف معي.. حتى أنتم من أحبهم شغلتكم همومكم ومشاكلكم على أن تتواصلوا معي ولو لحظات هي عندكم دقائق معدودة كل أسبوع لكنها عندي الحياة بأكملها الدنيا .. التحدي الأكسجين.   أحدكم عندما يمل يذهب لأي مكان أو يزور صديق طفولة يتحدث معه فما بالكم بمن مفروض عليه أن يتحدث مع نفسه ويعيش معها ذكريات يحن إليها .. مسكت قلمي حتى أتحدث معكم ووجدت نفسي كالجائع أو العطشان لأن يتحدث بما يجول في نفسه.   ومشكلتي أنني لا أبكي وأحبس دمعتي لكي تنزف دما في قلبي أصبحت أستمتع بنزف القلب وأشعر أن دموع القلب تعقم جروحي وفي نفس الوقت أتركها تزيد من ألمي .. لأنني لا أريد أن أنسى الآلام لا أريد أن أنسى أوجاعي..أريدها أن تؤلمني كل دقيقة هي بركان كل يوم أريده أن يغلي حتى لا أنسى من أنا ومن هؤلاء .. حتى اشعر باني ما زلت من بني البشر وما زلت من الأحياء ..     كم سيتكلف أحدكم من الوقت إذا تحدث لدقائق معدودة كل أسبوع أو أسبوعين أو كتب رسالة مع محامي أو على البريد، وهو يشعر بأنها ستقوي وتعين سجين معزول هي عنده حياة جديدة ..   لو كنت املك شراء دعمكم لي ولمن مثلي من الأسرى بكل ما أملك والله ما قصرت ..   وهي كلمات نطق بها وجعي من هذا الزمن ..    إلى أصحاب العالم الآخر ... ذلك الذي نسمع به ولا نعيشه ..   أتمنى لكم من كل قلبي التوفيق وسأبقى أحبكم ولو نسيتموني فعزائي أن لي ربا اسمه الكريم لن ينساني ربنا .. إن الله جميل جدا وأنا أعيش وفق هذا الجمال في كل شيء في حياتي حتى في عزلي ورغم همومي ومصاعب الحياة ومصائبها ..   ودمتم بخير   أخوكم حسن سلامة عزل الرملة (ايلون)