Menu
تقرير : حين انكسر الصهاينة وانهار جيشهم

تقرير : حين انكسر الصهاينة وانهار جيشهم

قــاوم- قسم المتابعة : في كل عام تقريباً تفرج الرقابة العسكرية الصهيونية عن مزيد من المحاضر والوثائق التي تتعلق بحرب تشرين عام 1973. ومن المهم الانتباه إلى أن التعابير التي تظهر في تلك الوثائق السرية تؤكد أنه في لحظات الأزمة وتحت الضغط يتنازل الصهاينة عن قدر كبير من العنجهية ويغدون «بشرا» قابلين للانكسار والانطواء. فأرييل شارون في شهادته أمام لجنة أغرانات يتحدث بوضوح عن الصدمة والجحيم الفظيع الذي عاشه وعن صرخات الاستغاثة في أجهزة الاتصال وإخفاقات القيادة العليا. وأمس فقط سمحت الرقابة بنشر محاضر مداولات «سرية جداً» بين رئيسة الحكومة غولدا مئير ووزير الدفاع آنذاك موشيه ديان. ووفق هذه المحاضر توقع ديان أن يهزأ العالم بإسرائيل كـ«نمر من ورق» جراء عدم صمودها أمام الهجوم العربي الأول رغم تفوقها النوعي. وكان رد مئير: «لا أفهم أمراً- لقد ظننت أنكم ستبدأون بضربهم لحظة يجتازون القناة. ماذا جرى؟». رد ديان: «تحركت دبابات. هناك تغطية مدفعية. دباباتنا ضربت. الطائرات لا يمكنها الاقتراب بسبب الصواريخ. ألف مدفع سمحت للدبابات بالعبور ومنعتنا من الاقتراب. هذا أسلوب وتخطيط روسي. ثلاث سنوات من الاستعدادات». ويبدأ التقرير كما عرض في «يديعوت أحرنوت» بإشارة إلى الاجتماع المثير للحكومة الإسرائيلية في السابع من تشرين 1973 بإفادة ديان عن المواقع العسكرية التي تتساقط واحداً تلو الآخر في سيناء والجولان. وقال إن «خط القناة ميؤوس منه»، مقترحاً الانسحاب إلى خط المضائق. ولكن أهم ما قاله هو السماح بالتخلي عن المصابين في أرض المعركة وقال: «في الأماكن التي يمكن فيها الإخلاء سنخلي. في الأماكن التي لا يمكن الإخلاء نبقي المصابين. من يصل يصل. إذا قرروا الاستسلام، فليستسلموا. ينبغي أن نقول لهم: لا نستطيع الوصول إليكم. حاولوا الخروج أو الاستسلام». وقدم ديان تقريراً عن مئات الخسائر والكثير من الأسرى: «كل ما خسرناه وقع في قتال شديد وحتى النهاية. كل ما فقدنا من دبابات ورجال كان أثناء القتال. والصامدون على خط النار يرجون أرييل شارون أن يصل إليهم وهم لا يزالون يقاتلون». واعترف ديان بأنه أخطأ التقدير بشأن نيات العدو ومقاصده: «هذا ليس وقت الحساب. لم أقدر بشكل صائب قوة العدو، أو وزنه القتالي وبالغت في تقدير قوتنا وقدرتنا على الصمود. العرب يحاربون أفضل من السابق. لديهم الكثير من السلاح. إنهم يدمرون دباباتنا بسلاح فردي. والصواريخ شكلت مظلة لا يستطيع سلاحنا الجوي اختراقها. لا أدري إن كانت ضربة وقائية ستغير الصورة من أساسها». نذر الشؤم وقال ديان إن «العرب يريدون كل أرض إسرائيل»، ورسم سيناريو يوم القيامة. وردت غولدا مئير: «هذه هي الجولة الثانية منذ عام 1948». وشدد ديان على أن «هذه حرب على أرض إسرائيل. العرب لن يوقفوا الحرب. وإذا أوقفوها ووافقوا على وقف إطلاق النار، فإنهم سيعودون لفتح النار من جديد. إنهم يخوضون ضدنا حرباً على أرض إسرائيل. إذا انسحبنا من هضبة الجولان، فلن نحل المشكلة». وحينها قالت مئير: «لا سبب يدفعهم لعدم الاستمرار، وليس الآن فقط. لقد ذاقوا طعم الدم». فرد ديان: «يريدون احتلال إسرائيل، والقضاء على اليهود». وجابهت مئير ديان بتقارير الاستخبارات التي تحدثت قبل الحرب عن أن الرئيس المصري أنور السادات لن يدخل الحرب وهو يعلم أنه لن يفلح في عبور القناة، وألمحت إلى مصدر نوعي لدى أجهزة الاستخبارات وفر تقديرات دقيقة بشأن نيات المصريين. وهذا المصدر كان يسمى «صديق تسفي» (تسفي زامير، رئيس الموساد حينها). وقالت: «طوال السنين كانوا جميعاً، بمن فيهم صديق تسفي، يقولون إن السادات يعرف أنه سيخسر». رد ديان: «كان عندي انطباع أننا سنضربهم أثناء العبور. كان لدينا تقدير يستند إلى الحرب السابقة. وهو تقدير غير صائب. لنا ولآخرين تقدير غير صائب حول ما سيحدث إن حاولوا العبور».وطوال استعراضه اتخذ ديان خطاً متشائماً: «أنا واثق أن الأردن سيدخل الحرب. لا يسعنا عدم الاستعداد لذلك. نحن بحاجة للحد الأدنى من الاستعداد. ينبغي فحص الاحتياطي. ويجب إعداد قوة ضد أي محاولة أردنية لاقتحام الضفة. من الجائز أن يسمحوا للمخربين بالعمل». القائد حزين سألت مئير ديان إن كان يقترح «أن نطلب وقفاً لإطلاق النار حيث نقف الآن». رد عليها: «لسنا واقفين». اقترحت تفعيل وزير الخارجية الأميركي حينها هنري كيسنجر. رد ديان: «أنا أشتري». طلب ديان التوجه للأميركيين وشراء 300 دبابة منهم. روت مئير عن حضور رئيس الأركان دافيد العازار اجتماع الحكومة وكيف أنه كان حزيناً. وأنهى ديان استعراضه بالكلمات القاسية التالية، ملمحاً إلى الحاجة لاستخدام وسائل أخرى لصد الخطر عن إسرائيل: «هذا هو My honest view (رأيي النزيه). هكذا أرى الأمور. كميات السلاح لديهم فعالة. تفوقنا الأخلاقي لا يصمد أمام هذه الكتلة. الأعداد هنا حاسمة جداً. يمكن أن تكون هناك أفكار أخرى حول كيفية العمل في وضع كهذا. حاكا (اسحق حوفي قائد الجبهة الشمالية) أكثر تشاؤما مني بشأن هضبة الجولان. لقد قال لي ليتني أستطيع تثبيت الخط. كما أن غورديش (شموئيل غونين، قائد الجبهة الجنوبية) قلق ومتشكك بشأن الجنوب». بعد ذلك دخل رئيس الأركان دافيد العازار وعرض ثلاثة احتمالات وقال إن القرار بشأنها مصيري: الأول نشر فرقتين على خط دفاع مؤقت تنطلق منه لاحقاً في هجوم مضاد وقال «لا ثقة عندي في قدرتنا على الصمود بقوات صغيرة في خط وبعد ذلك شن هجوم مضاد». والثاني التمترس في ممري المتلة والجدي ولكن «هذا خط صعب. وستكون الأثمان باهظة». والثالث «اقتراح ينطوي على مقامرة»، وهو الاقتراح بإرسال قوة بقيادة أرييل شارون وعبور القناة. واعتبر أن الأمر مقامرة لأن قوة الهجوم هي فرقتان، هما الوحيدتان بين القناة وتل أبيب. فإذا لم ينجح الهجوم «فسنبقى مع ثلاث فرق محطمة وحينها سيأتي العراقيون والجزائريون وتغدو الحرب بعد يومين أو ثلاثة داخل أرض إسرائيل». واعتبر العازار أن اقتراح ديان بالانسحاب إلى خط الممرات في سيناء ليس أكثر من تفكير مرغوب (wishful thinking). وسأل الوزير يغئال ألون عن قصف العمقين المصري والسوري. رد ديان بأنه لا يعتقد أن للأمر قيمة الآن، فقصف دمشق لن يؤثر على الجبهة: «إذا بقي لدينا نفس فربما نضرب خطوط النفط، الكهرباء، ولكن ليس أكثر من ذلك. كل غارة منا تكلفنا خسائر». وهنا سألت مئير عن وضع الخسائر. ورد ديان باختصار: «هناك مواقع انقطعت صلتنا بها». المصدر :السفير