Menu
كيف يشجع العرب «إسرائيل» علي تصفية المقاومة؟

كيف يشجع العرب «إسرائيل» علي تصفية المقاومة؟

كيف يشجع العرب «إسرائيل» علي تصفية المقاومة؟ بقلم: د. عبد الله الأشعل   القارئ للمشهد العربي يلحظ ثلاثة تيارات متشابكة في هذا المشهد. التيار الأول، هو محاولة المقاومة العربية التمسك بخيارها ضد الاحتلال في العراق، والالتهام في فلسطين، والهيمنة والاحتلال في لبنان. التيار الثاني، هو أن العرب منقسمون بين حكم وشعوب، فتؤيد الشعوب المقاومة وتعلي من شأنها، وترفض الاستسلام للمشروع الصهيوني الأمريكي، ولذلك تسعد الشعوب برجب طيب أردوغان، وتدعو له بالنجاة من مكائد الصهيونية، حتى يشد أزر هذا التيار بالأمل والسلوك الطيب. أما التيار الثالث، فهو للأمانة بعض النظم العربية التي ربما لم تفهم طبيعة الصراع أو لا تقوى علي تبعاته، أو استسلمت لإغراءاته وخوفاً من بطشه، ولكنها في النهاية تظهر موقفاً غامضاً من المقاومة وتركيا. هذا الموقف الغامض يتضح أحياناً كالشمس في دعم المقاومة، أو في قمعها وإعانة العدو عليها، ولكن كل النظم بلا استثناء لا تجرؤ علي مناهضة المقاومة علناً، وعندما ضاق البعض منهم بهذه المقاومة عايرها، وهو السبب في شللها، بأنها قعدت، فلا سالمت ولا قاومت. بل أزيد على ذلك أن هذه الفئة من النظم هي التي تعين العدو علي المقاومة، وهي التي تحالفت معه نكاية في المقاومة لأسباب ودوافع يطول شرحها، لكنها أصبحت واضحة. وكانت البداية داخل فلسطين نفسها عندما قرر أبومازن أنه أصلاً لا يؤمن بالمقاومة، ثم عاد ليخفف وقع الخطاب فقال إنه مع المقاومة بالقلب، ثم قال بالمقاومة الشعبية أي بأواني الطبخ والطبول في مواجهة عدو يقتلع كل ما هو فلسطيني، ولن يشفع لأبي مازن أو لغيره ما يقولون، لكن المحصلة أنهم يتصدون للمقاومة بالتنسيق مع العدو.   في هذا المناخ، يستمر المخطط الصهيوني في الاستيطان والسعي إلى هدم الأقصى، كما يرتكب المذابح، مثلما حدث في محرقة غزة، وتقطع سبل العيش بالحصار وغيره من عشرات الوسائل لعل الشعب ينزح إلى أرض الله التي ضاقت به بما رحبت، فلم يعد يجد سوى بطن الأرض رحمة به وإشفاقاً. وقد أدان العالم كله محرقة اليهود في غزة، وانكشفت صورة ’إسرائيل’ الخادعة ولم يعد للصهاينة حصانة ضد الملاحقة القضائية، التي سبقتها الملاحقة النفسية والاحتقار الشخصي لبربريتهم. ولكن ’إسرائيل’ من ناحية أخرى تجاهر بأنها ارتكبت بطولات، وأنها تتحدى العالم كله، وهذا ما سطره الرد الإسرائيلي إلى الأمم المتحدة على مطالبة تقرير جولدستون بالتحقيق في الجرائم التي ارتكبها جيشها.   وتستمر ’إسرائيل’ في هذا المنهج وتمديد المشروع الصهيوني على الأرض، ثم اتجهت إلى اغتيال القيادات الفاعلة في المقاومة، وهذا نهج مستمر في تقليم أظافر خصومها، وبعد اغتيال المبحوح في دبي تكون ’إسرائيل’ قد سجلت تقليداً بعد اغتيال مغنية في حزب الله، وأرست قواعد للتعامل مع المقاومة، بعد أن قرأت بوضوح الموقف العربي من المقاومة. وبذلك توحشت ’إسرائيل’ وكشفت واشنطن لحلفائها جميعاً عما كانت تضمره من أنهم أعوان على المقاومة لـ’إسرائيل’ بصمتهم، وأحياناً بإضعاف المقاومة والاشتباك معها والتحرش بها.   الحسابات العجلى تقول إن ’إسرائيل’ تتقدم بمشروعها بتشجيع عربي واضح، ولذلك أناشد الكتاب العرب بعدم الحديث عن السلام، وعملية السلام، وجهود السلام، ورحلات السلام؛ حتى لا يشتركوا في خديعة الشعوب. هل تدرك النظم العربية أنها بسلوكها تتخلى عن أهم مصادر شرعيتها وهو الدفاع عن الأمة ضد السرطان الذي يتهددها، فإن تراجعوا عن ذلك خوفاً وطمعاً، فماذا يقولون لأجيال الأمة بعد ذلك؟.   إن مهمة الشعوب أصبحت أشد مشقة إذ يواجهون سلوك النظم وقمعها، وفي نفس الوقت سطوة العدو، والتقويض المستمر للمقاومة ومقوماتها وظروفها، ولكنه صراع بين الحق الذي تمثله الشعوب دفاعاً عن أوطانها، وبين الباطل الطارئ على قدرها، والحق قادر في النهاية على دفع الباطل ولو كره المضللون والمرجفون. المقاومة تبدأ بالنفس والعقل والقلب، فيصدقها اللسان واليد وبقية الجوارح.