Menu
القدس

القدس في 2021.. انتهاكات وتهويد بلا حدود والقادم قاتم

قــاوم_قسم المتابعة / ساعات ويطوي عام 2021 صفحاته الأخيرة بكل ما حمله من أحداث ساخنة واعتداءات صهيونية غير مسبوقة ضد مدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى المبارك، ومحاولات حسم قضيتها لتكون "عاصمة الكيان الصهيوني الموحدة"، ما شكل وبالًا وكابوسًا على سكانها.

هذا العام بما شهده من أحداث وتحديات خطيرة، وُصف بالأسوأ في تاريخ القدس منذ احتلالها عام 1967، نظرًا لتصاعد هجمة الاحتلال وعمليات التطهير العرقي بحق المقدسيين، ناهيك عن المشاريع التهويدية والاستيطانية.

لكن ما ميز هذا العام، ما سطره المقدسيون من صمود وتحدٍ في مواجهة انتهاكات الاحتلال وإجراءاته العنصرية عبر الهبات والحراكات الشعبية التي خاضوها دفاعًا عن مدينتهم ومسجدهم الأقصى، ورفضهم محاولات تهجيرهم وإخلائهم قسريًا.

تطورات متسارعة

وشهد عام 2021، تطورات متسارعة ومحاولات صهيونية حثيثة لتغيير الوجه الحضاري والتاريخي والديموغرافي للمدينة، فسخر الاحتلال كل إمكانياته لفرض وقائع جديدة على الأرض، ومسح هويتها العربية والإسلامية، كما يقول الباحث في شؤون القدس فخري أبو دياب.

ويوضح أبو دياب أن الاحتلال استغل الظروف المحلية والدولية لتهويد القدس وزيادة سيطرتها وبسط سطوتها عليها، بما فيها انشغال العالم بجائحة "كورونا"، واستمرار التطبيع العربي، والانقسام الفلسطيني، والصمت الدولي.

ويضيف أن الاحتلال خطط خلال عام 2021، لحسم موضوع القدس وعبرنتها وتغيير معالمها وتشويه تاريخها، لتتماشى مع الرواية اليهودية على حساب تاريخها العريق، ولتهيئتها لتكون "عاصمة إسرائيل".

لكن ما أعاق تحقيق أطماع الاحتلال ومآربه هو صمود وثبات وتحدي المقدسيين والفلسطينيين ومن ساندهم، والهبات الشعبية التي أجلت أو جمدت أو أعاقت تنفيذ مخططاته ومشاريعه التهويدية في المدينة، وفق أبو دياب

أرقام وإحصائيات

وخلال العام الجاري، شهدت عمليات هدم المنازل تصاعدًا كبيرًا، بذريعة البناء دون ترخيص، فتم هدم 162 منزلًا، منها 108 هدمتها جرافات بلدية الاحتلال، و54 هُدمت بأيدي أصحابها.

ويشير إلى أن بلدية الاحتلال سلمت أوامر هدم لأحياء كاملة وبنايات متعددة الطوابق هذا العام، منها أوامر هدم 84 منزلًا في حي وادي ياصول، وأمر هدم بناية من (5) طوابق يسكنها 71 مقدسيًا بحي الطور، و20 منزلًا إضافيًا بحي البستان.

وسلمت أيضًا 473 أمر هدم لمنازل المقدسيين خلال 2021، وصُدرت قرارات من محاكم الاحتلال ضدها، فيما تم تقديم 652 طلب تراخيص للبناء لبلدية الاحتلال، إلا أنه تم رفض 601 طلب لأمور سياسية بحتة.

ووفق أبو دياب، فإن الاحتلال و"سلطة الطبيعة والآثار" وما تسمى "دائرة أراضي الكيان الصهيوني" صادرت 14870 دونمًا من أراضي القدس خلال هذا العام، لإقامة مشاريع استيطانية وتهويدية.

وصادقت ما تسمي بحكومة الاحتلال على إقامة 19245 وحدة استيطانية في المدينة، شملت (مطار قلنديا، تلة الطيارة، بيت صفافا، التلة الفرنسية، صور باهر، جبل المكبر، إم طوبا، الولجة، العيسوية، بيت حنينا، جبل المشارف، الشيخ جراح، وغيرها).

والأخطر خلال عام 2021، استمرار الاحتلال في مساعيه لتنفيذ أكبر مشاريع تهويدية في محيط المسجد الأقصى لمحاصرته وتشويه وطمس معالمه التي تدلل على هويته العربية والإسلامية، ولتهديده وزعزعة أساساته عبر الحفريات والأنفاق.

ومن أخطر هذه المشاريع "كيدم" التهويدي على بعد 100 متر من السور الجنوبي للأقصى، حيث سيتم بناء مبنى من 6 طوابق بمساحة إجمالية 15 ألف متر مربع، بالإضافة إلى "كنيس مفخرة الكيان الصهيوني" على بعد 200 متر عن سوره الغربي.

ولم يكتفي الاحتلال بذلك، يقول أبو دياب: إن" محاولة فرض وقائع تهويدية وتقسيم المسجد الأقصى زمانيًا ومكانيًا، واقتطاع جزء منه لأداء طقوسهم التلمودية ما زال هدفًا وحلمًا صهيونيًا تدعمه كل المؤسسات الاحتلالية".

وشكل هذا العام منعطفًا خطيرًا بسماح محاكم الاحتلال للمستوطنين بالصلوات العلنية داخل الأقصى، وقد زاد عدد المستوطنين المقتحمين للمسجد عن 35 ألف مستوطن خلال هذا العام.

ويوضح الباحث المقدسي أن الاحتلال منع دائرة الأوقاف الإسلامية من العمل والترميم داخل الأقصى 42 مرة، واعتقلت 9 عمال صيانة ورئيس قسم الصيانة داخله، كما اعتقلت وأبعدت 29 حارسًا وموظفًا من الأوقاف خلال العام.

وخلال 2021، أبعد الاحتلال 358 فلسطينيًا عن الأقصى، وأغلقت أبوابه لفترات وساعات معينة 9 مرات، كما شهد مواجهات عنيفة في ساحاته، بالإضافة لإبعاد 16 مقدسيًا عن المدينة.

وأما عن اقتحامات الأحياء والمنازل، يبين أبو دياب أن قوات الاحتلال نفذت 517 اقتحامًا ومداهمات لمنازل وأحياء مقدسية، واعتقلت 2403 مقدسيين.

ويشير إلى أن وحدات الضرائب والحجز الصهيونية نفذت 214 اقتحامًا ومداهمة للمحال التجارية والمنشآت والورش بالقدس، وتم تحرير مخالفات ضريبة وغيبية بقيمة 14 مليون و300 ألف شيكل.

ولم تتوقف إجراءات الاحتلال خلال هذا العام، بل طالت أيضًا المؤسسات المقدسية، حيث تم إغلاق أو تجديد إغلاق 13 مؤسسة ثقافية ورياضية وجمعيات، وكذلك منع الاحتلال إقامة 24 حفلًا أو محاضرة أو ندوة في القدس.

وشهد هذا العام 38 اعتداءً للمستوطنين على منازل المقدسيين، و14 اعتداءً ومحاولة إحراق دور للعبادة في المدينة، بالإضافة إلى 219 اعتداءً على مقدسيين اثناء تواجدهم غربي المدينة.

تحديات خطيرة

وعن التحديات التي تواجه القدس بالعام 2022، يقول أبو دياب إن الاحتلال سيواصل محاولاته، لهدم مزيد من المنازل وطرد السكان وربما أحياء بكاملها سيتم إزالتها عن الوجود، وسيحاول تعزيز الاستيطان واحتلال المستوطنين، والاستيلاء على الأراضي والمنازل، وإنجاز تطلعاته بشأن الأقصى.

ويضيف "القادم قاتم، ربما يقدم الاحتلال على اقتطاع جزء من الأقصى، خاصة من الناحية الشرقية قرب باب الرحمة، وسيستمر بسحب الهويات والإبعادات لتفريغ الأقصى، بالإضافة لمزيد من البطش والقهر والضغط على المقدسيين لدفعهم للرحيل، من أجل إتمام مشروعه لتكون عاصمته الموحدة".

أما الكاتب والمحلل السياسي راسم عبيدات فيقول إن ما تسمي بحكومة الاحتلال اتخذت خلال العام 2021، ثلاث استراتيجيات لتهويد القدس وأسرلة سكانها، لربطها بـ"الفكر التلمودي التوراتي".

ويوضح أن الاستراتيجية الأولى شملت السيطرة على ما فوق الأرض عبر تكثيف الاستيطان في قلب الأحياء والبلدات المقدسية، متبعًا بذلك مخططات التطويق، وإحاطة المدينة في الأطراف بكتل استيطانية وجدران فصل عنصري تفصلها عن محيطها الجغرافي والديمغرافي الفلسطيني.

ولم يكتف الاحتلال بالتطويق والاختراق، بل عمل على تطبيق مخطط التفتيت بحق القرى والبلدات المقدسية، بحيث تقام البؤر الاستيطانية في قلب الأحياء العربية، لتحويلها إلى جزر متناثرة في محيط إسرائيلي واسع، والاستيلاء على أكبر قدر ممكن من الأراضي.

أما الاستراتيجية الثانية، فتتضمن السيطرة على ما تحت الأرض بإقامة مدن يهودية أسفل البلدة القديمة، وحفر الأنفاق أسفل وحول الأقصى، كاشفا عن أن هناك أكثر من 78 نفق أسفل وحول المسجد، كما تم إحاطته بالكنس والأبنية التوراتية.

ويشير إلى أن الاستراتيجية الثالثة لتهويد المدينة تكون بالسيطرة على الفضاء المقدسي، من خلال ما يسمى بالقطار الطائر "التلفريك"، الذي سيجلب أكثر من 3000 سائح ومستوطن في الساعة الواحدة للزيارة والصلاة في حائط البراق.

ويوضح عبيدات أن المشروع الصهيوني للسيطرة على الأقصى بفرض التقسيم المكاني بعد الزماني وصولًا لإقامة "الهيكل" يتقدم خطوة خطوة، في ظل حالة ضعف داخلي فلسطيني وانقسام، وحالة عربية مهرولة بشكل غير مسبوق نحو التطبيع.