Menu

المقاومة الفلسطينية تواجه المنطقة العازلة شرق غزة

قاوم _ تقارير /

منذ اليوم الأول للتوتر على خط قطاع غزة الشرقي، كان بادياً أنّه يرمي إلى منع فرض واقع صهيوني جديد على الأرض، يسمح لجيش الاحتلال بالتوغّل والقيام بعمليات محدودة على بُعد أمتار من السياج الفاصل في الجهة الفلسطينية، في إطار المساعي الصهيونية للبحث عن أنفاق المقاومة.

لكنّ ردة فعل المقاومة الفلسطينية، والمواجهات المحدودة التي جرت مع الاحتلال، تعني فشل محاولة فرض هذا الواقع على الأرض، أو على الأقل التأكيد الفلسطيني على أنه لا يمكن أن تكون غزة عرضة لعمليات صهيونية شبه يومية، من دون رد.

وكان واضحاً أنّ المقاومة والكيان الصهيوني معاً لا تريدان الذهاب إلى حرب أوسع، فالمقاومة تعمّدت استهداف محيط تجمّعات الآليات ولم تستهدفها مباشرة، فيما استهدف الاحتلال مواقع عسكرية فارغة للمقاومة وأراضي زراعية، وفي غالبه لم يؤدِ إلى ضحايا.

وعلى الرغم من تأكيدات الأطراف المختلفة على أنّ عدواناً واسعاً على غزة ليس في وارد ذهاب الاحتلال إليه، ولا رغبة للمقاومة فيه، إلا أنّه إذا استمرت المواجهات المحدودة، وحصل عمل أمني قويّ للمقاومة، يمكن أنّ تنقلب الأمور وتتدحرج للوصول إلى عدوان أكبر، وهو ما تعمل الاتصالات الدولية حالياً على منعه.

واتُفق في تهدئة عدوان 2014 التي رعتها مصر، على إنهاء فكرة المنطقة العازلة التي تريد دولة الاحتلال تثبيتها عند طرف قطاع غزة الشرقي المتاخم للنقب، وهو ما يعني ضمنياً السماح لها بالعمل فيها بحرية، وكذلك منع الفلسطينيين من التواجد فيها وحتى زراعتها. ولم يُلزم اتفاق تهدئة 2014 المقاومة بأي بند يمنعها من مواصلة العمل والتجهيز فوق الأرض وتحتها، وهو ما عرقل في حينه التوصل للاتفاق سريعاً، لكنّ إصرار الوفد الفلسطيني على منع التعهد بالأمر، كانت له نتائج أفضل.

وفي جولة المواجهة الحالية، من الناحية الصهيونية ، محاولة واضحة لطمأنة مستوطني غلاف غزة، والذين باتوا في الأشهر الأخيرة أكثر قلقاً مع استمرار المقاومة في حفر الأنفاق أسفل السياج، ومع تساقط بعض الصواريخ على مناطقهم. وربما دفع المستوطنون الصهاينة الحكومة والجيش للذهاب إلى عدوان محدود من أجل إشعارهم بنوع من الأمن، خصوصاً مع توالي تحذيرات الفصائل الفلسطينية في غزة وعلى رأسها فصائل المقاومة  من أنّ استمرار تشديد الحصار يعني أنّ الانفجار قد اقترب.

ومن المتوقع، إذا نجحت الجهود في تثبيت التهدئة والعودة إلى ما قبل المواجهات الحالية، أنّ تبقي دولة الاحتلال على عملها انطلاقاً من أراضي 1948 على مكافحة الأنفاق التي تحفرها المقاومة، في مقابل استمرار المقاومة في عملها بما يضمن لها تحقيق نوع من توازن الرعب.

وفي كل الأحوال، فإنّ الذهاب إلى حرب واسعة على غزة لن يكون له تأثير على غزة وسكانها فقط، وفق تصريحات صدرت عن المقاومة أخيراً، بل ستطاول الصهاينة كما طاولتهم في العدوان الأخير، وإنّ لم تنجح الجهود في التوصل لتثبيت التهدئة، فإنّ أحداً لا يتوقع كيف ستكون عليه شكل الحرب المقبلة، لكنها بالتأكيد ستكون قاسية وصعبة وطويلة.