Menu

الاحتلال يحاول احتواء الانتفاضة:مستعدون للتفاوض مع عباس بلا شروط!

قاوم / قسم المتابعة /  لأسباب كثيرة يتعلق بعضها بحجم الضغط الدولي والخشية من عواقب استمرار الهبّة الشعبية في فلسطين وتصاعدها، توحي القيادة الصهيونية باستعداد لم يكن متوافراً سابقاً لإبداء مرونة، ولو شكلية، في العودة إلى طاولة المفاوضات مع السلطة .

وقد بدا هذا واضحاً من خلال ما نشر في الاحتلال عن قبول رئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتنياهو عرضاً فرنسياً للقاء قمة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وإعلان وزير الدفاع موشي يعلون في واشنطن استعداد الاحتلال للجلوس مع الفلسطينيين للتفاوض. وفي هذه الأثناء تعمل نيوزيلندا في مجلس الأمن الدولي لبلورة قرار باستئناف المفاوضات على أساس تجميد الاستيطان وعدم رفع الفلسطينيين دعاوى ضد الاحتلال إلى المحكمة الجنائية الدولية.

ودعا عباس، أثناء اجتماع خاص لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بناءً على طلب الفلسطينيين في جنيف، المجتمع الدولي إلى وضع نظام حماية دولية بصورة عاجلة للشعب الفلسطيني. وقال «لم يعد من المفيد تضييع الوقت في مفاوضات من أجل المفاوضات، بل المطلوب إنهاء هذا الاحتلال، وفق قرارات الشرعية الدولية».

وسقط شهيد فلسطيني بنيران قوات الاحتلال التي اتهمته بمحاولة طعن جنود في الضفة الغربية المحتلة. وأصيبت مستوطنة طعناً بسكين في هجوم منفصل.

وأشارت صحيفة «هآرتس» إلى عرض قدمه الأسبوع الماضي وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس لتنظيم لقاء بين نتنياهو وعباس كجزء من محاولات وقف التصعيد حول الحرم القدسي. ونقلت الصحيفة عن مسؤول صهيوني قوله إن نتنياهو وافق فوراً على العرض لكن عباس لم يعط رده حتى مساء الخميس.

وقالت إن المبادرة الفرنسية وردت إثر لقاء بين فابيوس ووزير الداخلية الصهيوني سيلفان شالوم في باريس الأسبوع الماضي. وخلال اللقاء عرض فابيوس على شالوم، المكلف من الحكومة الصهيونية بملف المفاوضات مع الفلسطينيين، فكرة لقاء ثلاثي صهيوني ـ فرنسي ـ فلسطيني. وسأل فابيوس «هل إذا دعوت الاثنين، هل سيحضران؟»، فرد شالوم بحذر قائلاً إنه يستطيع فقط الرد باسم نتنياهو وأعتقد أنه سيسر بالقدوم. فقرر فابيوس بعدها عرض الفكرة على عباس بأن اتصل به هاتفياً. وطلب فابيوس من السفارة الفرنسية في تل أبيب الاتصال مع ديوان رئاسة الحكومة الصهيونية والاستفسار إن كان جواب شالوم يمثل موقف نتنياهو. وتلقى مسؤولو السفارة الفرنسية تأكيدات باستعداد نتنياهو للذهاب إلى باريس إذا وافق الرئيس الفلسطيني على ذلك من دون شروط مسبقة.

وحسب المسؤول الصهيوني، فإن الخارجية الفرنسية عاودت الاتصال بالرئاسة الفلسطينية، وأبلغتها برد نتنياهو، فوعد الفلسطينيون بالرد، لكنهم حتى الثلاثاء لم يكونوا قد ردوا على العرض الفرنسي. ونقلت «هآرتس» عن المسؤول الصهيوني قوله إما أن الفلسطينيين يواصلون رفضهم اللقاء بين عباس ونتنياهو وإما أنهم لا يريدون إجراء لقاء كهذا برعاية الفرنسيين. وهناك احتمال آخر، وهو أن عباس ينتظر اتضاح صورة المبادرة الأميركية بشأن الحرم القدسي.

ومعروف أن عباس سبق أن رفض العديد من العروض للقاء نتنياهو، وكان يشدد على أنه لا يقبل اللقاء من دون أن يوقف رئيس الحكومة الصهيوني الاستيطان، ومن دون تنفيذ المرحلة الرابعة من الإفراج عن الأسرى. ونشر أيضا أن الوزير السابق مئير شطريت حاول تنظيم لقاء سري بين نتنياهو وعباس، فوافق نتنياهو ولم يرد ابو مازن على الاقتراح. ولكن كان لافتاً أن يطلع أبو مازن في باريس أربعة من السفراء الصهاينة السابقين على أن «طرفاً ثالثاً» منع لقاء كان سيحدث بينه وبين نتنياهو. وتبين أن الطرف الثالث كان وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي يقال إنه خشي أن يتحول اللقاء السري إلى صدام ينتهي بتهديد عباس بحل السلطة الفلسطينية «وتسليم المفاتيح للكيان»، فطلب من عباس الانتظار إلى ما بعد دورة الجمعية العمومية للأمم المتحدة.

وبرغم أن يعلون الذي يغازل اليمين المتطرف بإعلان مواقف ترفض التسوية نادى مرارا بالتصدي للسلطة واعتبارها ليست شريكاً، فإنه في كلامه أمام طلاب كلية الأمن القومي في واشنطن أعلن أمس الأول «إننا نتطلع إلى السلام». وقال، مندداً بما وصفه بالدعاية الكاذبة التي تقول خلاف ذلك، «إنني كمن خبر الحروب، أتمنى السلام. ونحن مستعدون للجلوس الآن حول الطاولة مع الفلسطينيين. فنحن لم نعد في غزة، ولكنها لا يمكنها أن تبقى من دوننا ـ البنى التحتية، الكهرباء، الغذاء. فالعلاقات مع الولايات المتحدة هي معلم طريق في أمننا القومي».

وكشفت «هآرتس» أيضا أن نيوزيلندا تعمل على مشروع قرار في مجلس الأمن يطالب الاحتلال بتجميد البناء في المستوطنات وهدم المنازل، والفلسطينيين بالامتناع عن إجراءات ضد الاحتلال في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، وذلك كجزء من سلسلة خطوات لبناء الثقة تمهيداً لاستئناف محادثات السلام بين الطرفين. وكانت نيوزيلندا، العضو في مجلس الأمن، ترغب في عرض مشروع قرار كهذا قبل بضعة أشهر عشية الانتخابات في الاحتلال، لكنها تراجعت عن ذلك تحت ضغط أميركي. وبعد التصعيد الأخير في الحرم والأراضي المحتلة قررت الحكومة النيوزيلندية استئناف الخطوة، فوزعت الجمعة الماضي نسخة عن المشروع على باقي أعضاء المجلس الـ14.

وتقول مسودة المشروع إن مجلس الأمن يعتقد أن استمرار الجمود في المفاوضات غير مقبول، ويدعو الطرفين إلى «اتخاذ خطوات ضرورية لإعادة بناء الثقة.. والاستعداد لاستئناف المفاوضات». كما ورد في المسودة بأن على أعضاء الرباعية، أعضاء مجلس الأمن والدول العربية المؤيدة لمبادرة السلام العربية، أن تساعد الطرفين في الاستعداد لاستئناف المفاوضات.

وتعرض مسودة مشروع القرار بعضاً من الخطوات التي يتعين على الاحتلال الفلسطينيين اتخاذها كجزء من تهيئة التربة واستئناف المفاوضات: الامتناع عن الأعمال أو التصريحات التي من شأنها أن تمس بالثقة، أو تحدد مسبقاً نتائج المفاوضات، بما في ذلك استمرار توسيع المستوطنات وهدم منازل الفلسطينيين في المناطق؛ الامتناع عن الأعمال الاستفزازية، ولا سيما تلك التي تهدد الوضع القائم في الحرم؛ الامتناع عن رفع دعاوى ضد الاحتلال على الوضع في المناطق الفلسطينية المحتلة إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي؛ والامتناع عن التشكيك بصدق النيات أو التزام الطرف الآخر وزعمائه بالمسيرة السلمية.

وجاء في المسودة ان «مجلس الأمن قلق جداً من تجميد المفاوضات بين الاحتلال والفلسطينيين على رؤية الدولتين منذ 17 شهرا. فالسلام الدائم القائم على رؤية الدولتين لا يمكن أن يتم إلا إذا دخل الطرفان في مسيرة مفاوضات جدية. ودعم اللاعبين ذوي الشأن، ولا سيما أعضاء الرباعية وأعضاء مجلس الأمن، سيكون ضرورياً. كما أن لمبادرة السلام العربية أهمية في هذا السياق أيضاً».

وترتبط خطوة نيوزيلندا في مجلس الأمن وصيغة المسودة بالاتصالات التي يجريها هذه الأيام أعضاء الرباعية مع الاحتلال والفلسطينيين. وقد تطرقت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغيريني، التي تنسق أعمال الرباعية، لهذا الأمر في خطابها أمام البرلمان الأوروبي أمس الأول.