Menu

استعدادات صهيونية تحسباً لحرب جديدة بعد فشل العدوان علي غزة

قاوم/يبدو أن القناعة الصهيونية التي رسخت بفشل العدوان الأخير على غزة، وما تبع ذلك من تحليلات صهيونية، أفاض فيها محللو الشؤون العسكرية في مختلف الصحف الصهيونية ، حول "نتيجة التعادل" من جهة، وخطورة جمود وإفشال مساعي إعادة إعمار غزة من جهة أخرى، باتت اليوم تشكّل أساساً جديداً، لسيناريوهات عند الأجهزة الأمنية الصهيونية ، تُحذر من مغبة انفجار الأوضاع كلياً في الأراضي الفلسطينية، وصولاً إلى حرب جديدة تندلع بعد الانتخابات الصهيونية.

فقد اعتبر المحلل العسكري الصهيوني عاموس هرئيل، موعد اجتماع المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطيني يوم الأربعاء المقبل، نقطة تحوّل في العلاقات الصهيونية الفلسطينية، وخصوصاً في حال أقر المجلس خطوات الرئيس الفلسطيني ، بالاتجاه نهائياً نحو وقف التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وجيش الاحتلال.

ورأى المتطرف هرئيل أن الأربعاء سيكون نقطة تحوّل ونقطة انطلاق فلسطينية، لتذكير العالم بأن الاحتلال والقضية الفلسطينية، هما محور الصراع في الشرق الأوسط وليس فقط الخطر الإيراني.

مع ذلك لا يُسقط  الصهيوني هرئيل خيار تراجع الجانب الفلسطيني، ولو مرحلياً عن الذهاب إلى وقف التنسيق، مقابل توفير دعم مالي يتيح للسلطة الفلسطينية دفع رواتب موظفيها، وبالتالي العودة إلى سيناريوهات سابقة ومماثلة، بعدم اتخاذ خطوات فلسطينية "تقطع شعرة التنسيق الأمني"، لإبقاء متسع يناور فيه اليسار الصهيوني لغاية الانتخابات، والامتناع عن لهجة فلسطينية تأتي بنتائج عكسية، تكرس وتضمن فوز رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، في الانتخابات النيابية المقررة في السابع عشر من مارس/آذار المقبل.

ويكشف الصهيوني هرئيل، في هذا السياق، أن الاستخبارات الصهيونية تعتقد أن عباس غير معني حالياً، بمواجهة عنيفة مع العدو ، وخصوصاً أنه كان اتخذ خطوات لكبح جماح "الرد الفلسطيني الشعبي"، خلال الحرب على غزة، إلا أن من شأنه في ظل قلقه من حالة "تطبيع مكانة الاحتلال"، كوضع قائم لا مفر منه، افتعال أزمات موضعية تظهر غياب السيادة الفلسطينية في مدن الضفة الغربية، ومواصلة سيل من التصريحات حول وقف التنسيق الأمني، وخفض مستوى هذا التنسيق الذي لا يزال يجري حالياً على مستوى عالٍ.

ويستذكر المتطرف هرئيل، في هذا السياق، التقديرات الرسمية للعام 2015 التي أصدرتها شعبة الاستخبارات العسكرية، "أمان"، حول كون العام 2015 عام انفجار الأوضاع في الساحة الفلسطينية، نتيجة لتدهور غير منضبط للأوضاع الميدانية في الضفة الغربية، بفعل حادث "موضعي" كمواجهة على خلفية دينية في القدس، أو مقتل طفل أو شاب فلسطيني، أو استشهاد أحد الأسرى في السجون الصهيونية، وبالتالي فإن السيناريوهات التي وضعتها الأجهزة المختلفة تقوم على ضرورة الاستعداد لسيناريو مواجهة عسكرية وحرب جديدة، ولا سيما أن ملف غزة لا يزال مشتعلاً باعتراف عدد من كبار قادة الجيش الإسرائيلي ورجال السياسة.

وإضافة إلى التحذيرات التي أطلقها رئيس أركان الجيش الصهيوني السابق بني غانتس، حول ضرورة إطلاق مبادرة سياسية لتفادي المواجهة المقبلة، تأتي تصريحات وزير خارجية الاحتلال أفيغدور ليبرمان، في معرض المعركة الانتخابية الحالية، والتي اعتبر فيها أنه سيكون على الكيان أن يحسم المواجهة المقبلة كلياً، حتى لا تتكرر دورات القتال مرة كل عامين. 

وتضاف هذه التصريحات إلى تقارير متواترة، حول استعادة المقاومة الفلسطينية قدراتها في إعادة حفر الأنفاق، وبناء ترسانة صاروخية من صنعها، مع إجراء تجارب عديدة لإطلاق هذه الصواريخ.

وبحسب اعلام العدو وعلى ضوء هذه القراءة، فإن قيادة المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال (وهي المسؤولة عن الضفة الغربية)، تعكف على انهاء استعداداتها الميدانية والقتالية، تحسباً لاندلاع مواجهة في الضفة ابتداء من مطلع مارس/آذار، مع تسلّم القائد الجديد للمنطقة الشمالية الجنرال روني نوما، لمهامه كقائد للمنطقة الوسطى في جيش الاحتلال.

وفي سياق هذه الاستعدادات، فقد تم استدعاء وحدات الاحتياط العسكرية العاملة في الضفة الغربية، لسلسلة تدريبات مكثّفة لمواجهة سيناريوهات مختلفة، بينها مثلاً تدريبات على إعادة احتلال كامل لقرية فلسطينية، وذلك عبر الاستعداد ليس لمواجهة تظاهرات ضخمة وشعبية، وإنما لمواجهة نشاط خلايا عسكرية فلسطينية مسلّحة، مما يستوجب إعادة السيطرة كلياً على قرى فلسطينية والتحكم بمداخل المدن الفلسطينية.

كما يعكف جيش الاحتلال بموازاة ذلك على زيادة الحراسة على المستوطنات، وجمع المعلومات وتعزيز الأوامر للعمليات الميدانية. وتعتمد قيادة المنطقة الوسطى للاحتلال في سيناريوهاتها، على ازدياد وارتفاع العمليات منذ الصيف الماضي، ناهيك عن التأثير الحاسم الذي تركه سقوط الشهداء في غزة، على الوعي الفلسطيني العام في الضفة الغربية، والرغبة في تنفيذ العمليات الانتقامية.

أما على صعيد الأوضاع في القطاع، فإن هرئيل يلفت إلى أن السلطة الفلسطينية ترفض لغاية الآن، في ظل الأوضاع المتفاقمة في القطاع، تحمّل مسؤولية ولو جزئية على المعابر الحدودية البرية للقطاع مع مصر والكيان الصهيوني، مما ينذر عملياً ببقاء حالة الإحباط والغضب الكبيرين في القطاع، على الرغم من أن المقاومة الفلسطينية غير معنية حالياً بمواجهة عسكرية مع العدو الصهيوني.

 ويخلص هرئيل إلى القول إنه لا يوجد في الأفق خطر اندلاع حرب على أي من الجبهات الرئيسية الثلاثة، الشمالية وفي الضفة وفي قطاع غزة، إلا أن هناك خطراً لا يُستهان به مع ذلك، لاندلاع حرب على واحدة من هذه الجبهات، في الفترة الممتدة بين الانتخابات الصهيونية وبين حلول الصيف، بعد أن بات واضحاً أن حالة الاستقرار الأمني التي ميزت طيلة سنوات حكم نتنياهو، قد ولت الآن ولم تعد قائمة.