Menu

الزحف الاستيطاني يُطارد المقدسيين برأس العامود

قــــــاوم / القدس المحتلة / يواجه حي رأس العامود شرقي البلدة القديمة بالقدس المحتلة خطر الزحف الاستيطاني منذ بدايات عام 1997، عندما استوطنت ثلاث عائلات صهيونية الحي معلنة إقامة البؤرة الاستيطانية "معاليه زيتيم" الواقعة في قلب الحي، والتي تطورت عبر السنوات الثمانية عشر الماضية على حساب المقدسيين وممتلكاتهم.
وتُسابق بلدية الاحتلال الزمن لنهب أراضي المقدسيين لصالح أنشطتها الاستيطانية، ضاربة بعرض الحائط كل القوانين والمواثيق الدولية، ساعية بذلك إلى تهجير المقدسيين وحرمانهم من أراضيهم لإحلال المستوطنين مكانهم.
وتضم مستوطنة "معاليه زيتيم" 116 وحدة استيطانية يقطنها حوالي 500 مستوطن، وتعتزم بلدية الاحتلال بالقدس الآن إضافة مبنى جديد فيها، وتوسيعها لتصل إلى 150 وحدة، وذلك في إطار تهويد المدينة المقدسة، وفق المختص في شؤون الاستيطان أحمد صب لبن.
ويضيف صب لبن أن هذا المبنى سيخصص للمستوطنين من أجل إقامة شعائرهم الدينية، وخاصة اليهود المتدينين، ويُدعى المبنى "بالميكفاه" وهو يطلق على برك مياه يستخدمها اليهود من أجل شعائرهم، وتحديدًا للطهارة، لافتًا إلى أنه كان من المقرر أن يخصص للاستخدام العام.
مخاطر كبيرة

وسيقام المخطط الذي يرعاه قسم "المباني الدينية" في بلدية الاحتلال، على قطعة أرض مساحتها 2 دونم، وهي مطلة على شارع وادي قدوم، وستستخدم فقط للمستوطنين.
وحسب المخطط، فانه سيتم بناء مبنى مكون من طابق واحد مساحته قرابة 400 متر، وسيتم تشييد ثلاث برك "ميكفاه" منفردة بعضها مخصص لنساء المستوطنين، والآخر للرجال، وسيتم إحاطة المبني بجدار مرتفع يصل ارتفاعه إلى ثلاثة أمتار لفصله عن بقية الحي العربي.
وحول مخاطر الاستيطان على المقدسيين، يقول الناشط المقدسي إن المشروع الاستيطاني يشكل مخاطر كبيرة على السكان المقدسيين، وخاصة على المدى البعيد، لأن وجود المستوطنات يزيد من معاناتهم ويعيق تحركاتهم، وينغص حياتهم، ناهيك عن اعتداءات المستوطنين على المواطنين وممتلكاتهم.
ويشير إلى أن بلدية الاحتلال تتجاهل احتياجات المقدسيين الذين صودرت منهم أراضيهم فيما مضي من أجل الاستخدام العام، واليوم تخصص هذه الأرض لصالح المستوطنين، وتحرم المقدسيين منها.
ويلفت إلى أن "اللجنة المحلية للتخطيط والبناء" الإسرائيلية ناقشت مؤخرًا العديد من المخططات الاستيطانية، من بينها مخططات لإصدار رخص بناء لتوسيع مستوطنة "بيسغات زئيف" شمالي القدس من خلال تراخيص بناء لـ 36 وحدة استيطانية.
ولم تكتف بلدية الاحتلال بتوسيع مستوطنة "معليه زيتيم"، بل دشنت "اللجنة المحلية" الخطوة الأولى من المشروع الاستيطاني "معليه دافيد" في حي رأس العمود عبر إصدار تراخيص بناء لـ 17 وحدة استيطانية تشرف عليها جمعية "البوخاريم" الاستيطانية.
وتوضح دائرة شؤون القدس بمنظمة التحرير في تقرير لها أن هذه الوحدات تم تشيدها داخل مقر شرطة الاحتلال السابق، بالإضافة إلى ثلاث وحدات في مبنى ملاصق لمبنى الشرطة السابق في حي رأس العامود، وهو نفس المقر الذي كان يستخدم كمقر للشرطة الأردنية قبيل احتلال القدس عام 1967.
وتلفت إلى أن هذه الوحدات تعتبر المرحلة الأولى من المخطط الرامي لتشييد البؤرة الاستيطانية الجديدة "معلوت دافيد" في حي رأس العامود، حيث يخطط حاليًا لمرحلة ثانية سيتم من خلالها بناء 104 وحدات استيطانية، بحيث سيصل عددهم في المستوطنة إلى 120، بالإضافة إلى بناء مدرسة وكنيس ونادي رياضي.
وفي حال تم تنفيذ جميع المشاريع الاستيطانية في حي رأس العامود، فان سلطات الاحتلال ستتمكن من تشييد أكبر تجمع استيطاني في قلب الأحياء الفلسطينية التي يراد من خلالها تعزيز الوجود الاستيطاني والسيطرة الصهيونية على مدينة القدس.
انتهاك للقانون

وتنتهك من خلال أنشطتها الاستيطانية بالقدس والضفة الغربية بشكل واضح القانون الدولي الإنساني، لأن جميع المستوطنات بموجب القانون غير قانونية وغير شرعية، كما يقول الخبير في القانون الدولي الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات حنا عيسى.
ويوضح عيسى أن الاحتلال يسعى من خلال مخططاتها إلى الاستيلاء على الأرض الفلسطينية، وتهجير سكانها الأصلين، وتفريغ المقدسيين من مدينتهم لإحلال المستوطنين مكانهم، وهي تريد خلق وقائع جديدة على الأرض لاستحالة قيام دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967.
ويشير إلى أن عدد المستوطنات في الضفة وصل 440 مستوطنة، وفي القدس 29، يقطنهم أكثر من مليون مستوطن، مبينًا أن هناك خطة استراتيجية في أعلى المستويات الإسرائيلية لمواصلة الاستيطان، لأنها تعتبره شريانها الحيوي.
ويبين أن القانون الدولي يمنع الاستيطان منعًا باتًا، ولا يجوز فرض أي تغيير على الأرض المحتلة، وهناك اتفاقية روما التي تعتبره جريمة من جرائم الحرب، واتفاقية جنيف، والعديد من القرارات والاتفاقيات الأخرى.
ولكن رغم كل القرارات الدولية التي صدرت عن مجلس الأمن الدولي ومحكمة العدل الدولية وغيرها بشأن الاستيطان، إلا أنها لم تطبق على أرض الواقع بسبب انحياز الولايات المتحدة الأمريكية الكامل الاحتلال، واستخدام حق النقض الفيتو ضد أي قرار يدين الاحتلال.
ويؤكد عيسى أن أمريكا تستخدم كل ما دليها من قوة لأجل حماية الاحتلال، مشددًا على ضرورة توجه الدول الأوروبية الرافضة للاستيطان، وخاصة فرنسا وبريطانيا إلى مجلس الأمن لاستصدار قرار للجم الاحتلال ولوقف أنشطتها الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.