Menu

العمليات الفردية .. مقاومة شعب

قـــاوم – خاص- اكتسبت الضفة في الأيام الأخيرة أهمية مضاعفة مع الحديث عن احتمالية اندلاع انتفاضة ثالثة في الضفة المحتلة، وهذه الانتفاضة تُتيح لها جغرافية الضفة "المشاغبة" عسكريًا بخلاف غزة التي فرضت بساطة جغرافيتها تكتيكات قتالية صعبة للغاية.

وبينما شكلت العمليات الأخيرة ضربة لمنظومة الأمن الصهيوني وأحدثتا إرباكًا كبيرًا في أوساط قيادة جيش الاحتلال، تنفس الفلسطينيون الصعداء وصار لسان حال بعضهم يقول: "إن كان لا بد من ربيع عربي فليس أجمل من ربيع فلسطيني مسلح".

ويأمل الفلسطينيون في اندلاع انتفاضة ثالثة حقيقية على غرار الأولى والثانية، بل أشد، رغم أن عمليات الضفة الأخيرة جاءت "فردية نوعية" تحت دافع الغضب مع الاحتلال.

الواقع الميداني في الضفة يطلعنا على صورة مغايرة تمامًا، فالتنسيق الأمني وتقطيع أوصال الضفة ضيّقا الخناق على المقاومة هناك ما أفضى إلى كبح جماح العمليات المسلحة.

ولكن خبراء أمنيين وعسكريين رأوا أن جغرافية الضفة رغم الملاحقة المزدوجة للمجاهدين تتيح للمقاومة عسكريًا كتلك الفترة التي كانت فيها المقاومة في قطاع غزة تناور قوات الاحتلال عسكريًا بعمليات كر وفر.

حالة احتقان

ويتنوع الاستهداف الفلسطيني للأهداف الصهيونية في الضفة ليأخذ شكل إطلاق النار على مستوطنة حينا أو موقع عسكري حينا آخر، وعلى قافلة أو سيارة عسكرية أو استيطانية حينا ثالثا، أو أي هدف يتاح للفصائل الفلسطينية المسلحة.

وبشأن احتمالية اندلاع انتفاضة ثالثة في الضفة، قال الخبير عريقات: "الشعب هو صاحب الإرادة في هذا الموضوع".

وغالبية الشعب وفق استطلاع رأي أجراه مركز "بيو" للبحوث في أمريكا تريد انتفاضة مسلحة.

وأظهر هذا الاستطلاع أن نحو نصف الفلسطينيين (45%) الذي يقطنون في أراضي السلطة يرون أن المقاومة المسلحة تمثل أفضل السبل للوصول إلى دولة للفلسطينيين.

تزايد وتيرة العمليات الفردية في الفترة الأخيرة

نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية عن ضابط وصفته بـ"رفيع المستوى" في تشكيلة الضفة الغربية بجيش الاحتلال الصهيوني تصريحات عبر فيها عن القلق الكبير الذي ينتاب الجيش إزاء تنامي ما وصفه سلسلة العمليات المسلحة في الأسابيع الأخيرة في مناطق الضفة الغربية.

ولفت الضابط إلى أن تسلسل الأحداث مثير للقلق في ظل زيادة الحماسة والدافعية لتنفيذ مزيداً من العمليات ضد أهداف صهيونية والتي كان آخرها عندما هاجم فلسطيني قاعدة عسكرية بين رام الله والقدس استطاع الدخول لعمق 150 متراً بداخلها ما أثار الرعب في صفوف الجنود الصهاينة .

وبالنسبة للوضع العام القائم في الضفة الغربية فإن المنظومة الأمنية أعربت عن استغرابها من تواصل العمليات ضد أهداف صهيونية بشكل متسلسل، لكنها أكدت في الوقت ذاته على أن تلك العمليات ليس لها صلة بأي تنظيم وهي عبارة عن أعمال فردية.

وأشارت المنظومة الأمنية إلى أن الدافع الرئيسي لتلك العمليات هو الجو العام لمناطق الضفة الغربية ما يخلق حماسة لتنفيذ المزيد من العمليات، موضحة بأنه لا يوجد أي خيوط تربط الأحداث ببعضها.

ووفقاً للصحيفة، فإن الجيش الصهيوني وجهاز "الشاباك" لا يزالان يحققان في الحوادث الأخيرة التي وقعت في غور الأردن، وقلقيلية، والخليل، و"بساجوت" القريبة من رام الله وبيت لحم ، موضحة أنه "رغم كل الأحداث الأخيرة، إلا أن الاعتقاد السائد أن تسلسل الأحداث لا يتجه نحو منحنى منظم لمزيد من العمليات وتفجير انتفاضة جديدة _ حسب زعمهم _ .

فردية العمليات تثير تخوف الكيان

كما أفاد مصدر أمني صهيوني بوجود تخوف لدى الجهات الأمنية من نمط الهجمات التي تعرض لها جنود صهاينة في الضفة الغربية مؤخرا، خاصة أن تنفيذها اتخذ "طابعا فرديا"، وغاب عنه البصمات التنظيمية المعتادة في مثل هذه العمليات.

ونقلت القناة "الثانية" بالتليفزيون الصهيوني عن المصدر الأمني قوله، إن "الطابع الفردي لهذه الهجمات يصعب من مواجهتها، وإمكانية إحباطها قبل وقوعها، فضلا عن كشف المتورطين فيها".

الشاباك يعجز عن مواجهة أسلوب المقاومة الجديد في الضفة

كما اعتبر موقع واللا الصهيوني في تعليقه على العمليات الفردية الأخيرة , إن العمليات تعكس أسلوبا جديدا بدأت يتبعه الفلسطينيون بالضفة مؤخرا.

وأضاف واللا أن الشهر الماضي شهد عدة عمليات مشابهة لتلك التي وقعت ، معظمها كان يستهدف الجنود الصهاينة، مشيراً إلى أن النهج الجديد الذي بدأ يتبعه الفلسطينيون في الضفة يفوق في خطورته العمليات التي تنفذها الفصائل المنظمة.

وطبقا للموقع فإن هذه الخطورة تكمن في أن العمليات يتم تنفيذها بشكل فردي وعن طريق أسلحة بسيطة غير متقدمة، مضيفا أن هذه العمليات الفردية كانت سابقا كثيرا ما تفشل لكنها اليوم تزايدت نجاحاتها.

 

وأكد موقع واللا على أن هذا الأسلوب الجديد الذي يتبعه الفلسطينيون يشكل تحديا قويا في وجه الأجهزة الأمنية الصهيونية  وفي مقدمتها جهاز الأمن العام "الشاباك" خاصة أن هذه العمليات لا تحتاج لمواد تفجيرية أو غيرها من المواد المعقدة ولكن تنفذ بمعدات بسيطة يمكن الحصول عليها بكل بساطة.

ولفت إلى أن الفلسطينيين بدأوا يستخدمون الأسلحة البسيطة في تنفيذ تلك العمليات منها القضبان الحديدية والفئوس مثلما تم فجر الجمعة بمنطقة شمال غور الأردن بمستوطنة "بروش هابيكعيا".

ممارسات العدو في المسجد الأقصى تثير الغضب

كما ان معالم مشروع الاستحواذ والسيطرة على المسجد الأقصى بدأت بالظهور علنا في غياب ادني اهتمام عربي أو دولي. و لطالما تحدث الصهاينة وغيرهم في السنتين الأخيرتين عن احتمال اندلاع ثالثة وربما حاولت دولة الاحتلال اختلاق المبررات لاندلاعها حتى تعفي نفسها من تعب التفاوض، ومشقة تبرير عمليات الاستيطان الواسعة لكنها كانت تصطدم بالانضباط الشعبي لان الانتفاضة حالة شعبية عفوية وليست فصائلية منظمة.

 ولعل مسلسل الحوادث الأخيرة يندرج في سياق التعبئة العشوائية للانفجار الشعبي، وهي حالة سبق وان لمسناها قبل انتفاضة عام 1987 وقبل الانتفاضة الثانية.