Menu
تقرير : الإعتقال الإداري..جريمة بالأرقام

تقرير : الإعتقال الإداري..جريمة بالأرقام

قـــاوم – تقارير :   لم تتباهى دولة في العالم كما تباهت دولة الكيان الصهيوني بأنها مرتع للديمقراطية وواجهة للسلام، لكن الناظر لواقع الجرائم التي تقوم بها بحق الشعب الفلسطيني الأعزل تتجلى له صور الإرهاب والقمع واضحة لكل العالم.   يمتهن الإحتلال وأجهزته القمعية تطبيق مسلسل من المعاناة بحق الشعب الفلسطيني والذي لا تتوقف حلقاته بمبادرات سلام ولا اتفاقيات أو معاهدات ولا حتى بخطط أمنية وتنسيقية وتنازلات تفريطية، وتتجلى صور هذه المعاناة في عدة أشياء من أبرزها الإعتقال الإداري.   يعتبر المُعتقل إداريا من وجهة النظر الفلسطينية مُعتقل ضمير ورأي وفكر، فهو يُعتقل بجرم آرائه وأفكاره وقناعاته السياسية وإيمانه بحق شعبه وعدالة قضيته، وسمي الإعتقال الإداري بهذا الإسم لأن تحويل المُعتقل للسجن يتم وفق الصلاحيات الإدارية المعطاه لقائد المنطقة العسكرية.   التعريف القانوني للإعتقال الإداري   عرفت منظمة "بيتسيلم" الحقوقية الصهيونية الإعتقال الإداري بأنه " إعتقال يتم القيام به إستنادا على أمر إداري فقط دون حسم قضائي وبدون لائحة إتهام أو محاكمة تنطبق عليها معايير المحاكم الدولية، وطبقا للقانون الدولي فإن هذا الإعتقال يمس الحقوق بشكل كبير بسبب غياب إجراءات قضائية دون مراعاة للقواعد والأصول ".   وحسب المنظمة " فإن القانون الدولي يضع قيودا صارمة بخصوص تطبيقه، ويمكن إعتقال أشخاص في حالات خاصة جدا واستثنائية تهدف لمنع خطر لا يمكن إحباطه بوسائل أقل حدة ".   وتؤكد منظمة بيتسيلم أن الطريقة الوحيدة التي تستخدم بها دولة الكيان هذا الإعتقال تتناقض بصورة فظة مع هذه القيود، فيتم الإعتقال تحت غطاء كبير من السرية وخاصة في التهم التي يتم توجيهها للمعتقلين بحجة أنها مواد سرية ولا يتم الكشف عنها أبدا، وهذه الجزئية لا تتيح للمعتقل الإدراي أن يرتب لنفسه دفاعا ملائما أو لائقا.   بهذه الحجة الواهية اعتقلت قوات الإحتلال آلاف الفلسطينيين بصورة مستمرة ودون الإفصاح عن التهم الموجه لهم أو السماح لمحاميهم من معاينة المواد الخاصة بالأدلة، وهكذا يتحول جهاز الدفاع عن المتهمين في "القانون الدولي"، وحسب ما تقوله منظمة بيتسيلم " سخرية في ضمان الحق بالحرية والإجراءات العادلة والحق في الدفاع والحق في البراءة ".   مقارنة لا بد منها   عند مقارنتنا للدول التي طبقت هذا القانون منذ وضعه، وجدنا ثلاث دول طبقته بشكل واسع، ولكن دولة الإحتلال كانت الأشد في تطبيقه ولفترات طويلة، وتعتبر بريطانيا أول دولة قامت بوضع قانونه وتطبيقه خلال إنتدابها لفلسطين، لكنها لم تكن تطبقه إلا لمرة واحدة ولمدة ستة أشهر فقط، عكس تطبيق دولة الإحتلال له حيث تقوم بتجديد هذا الإعتقال كل مرة لفترة قد تصل كحد أقصى خمس سنوات .   وطبقت الحكومة العنصرية في جنوب إفريقيا " حكومة الأبرتهايد " نفس القانون، ولكن عند تجديد الإعتقال الإداري يتم الإفراج عن المعتقل لمدة ثلاثة أيام، وقد إنتهى هذا القانون مع سقوط الحكومة العنصرية لتفوق دولة الاحتلال أي دولة استعمارية وعنصرية بإبقائها على هذا القانون وتجاوزها في تطبيقه بحق الفلسطينيين.   الإعتقال الإداري بالأرقام   تظهر الإحصائيات التي حصلنا عليها من مصادر الأسرى في سجون الإحتلال وتقارير المنظمات الحقوقية أن مجموع من تم إعتقالهم إداريا منذ بداية انتفاضة الأقصى زاد عن الثلاثين ألف مواطن، وتذكر الإحصائيات أن أكبر عدد للمعتقلين في فترة واحدة كان عام 1989، حيث بلغ العدد أكثر من 1794 معتقلا إداريا، وفي سنوات التسعينيات وأوسطها كان العدد 350 معتقلا إداريا على الأقل، وقبل بداية إنتفاضة الأقصى وصل العدد ل 12 معتقلا إداريا على الأقل، ولكن مع تفجر الأوضاع واشتداد قبضة قمع وإرهاب الإحتلال بدأت الزيادة الملحوظة ليرتفع العدد في شهر آذار عام 2002 إلى 44 معتقلا إداريا، وخلال حملة السور الواقي والتي قادها رئيس وزراء الإحتلال الصهيوني السابق شارون، تم إعتقال ألف مواطن " إعتقالا إداريا " .   وفي عام 2005 ولغاية عام 2009 وصل عدد المعتقلين الإداريين إلى 750 معتقلا، وقد ازداد العدد في عام 2010 ليصل إلى 189 معتقل، أما في نهاية العام 2011 وحسب مصادر الأسرى فقد وصل العدد إلى 141 معتقلا إداريا، وبلغ عدد المعتقلين الإداريين حتى تاريخ 1442012 ، 330 معتقلا إداريا متوزعين في سجون النقب ، عوفر ، مجدو .     "كرامتي أغلى من الطعام"   بهذا الشعار بدأ المعتقلون الإداريون خطواتهم الإحتجاجية ضد الإعتقال الإداري، وبادر الأسير خضر عدنان بأولى الخطوات والتي كانت من خلال إضرابه عن الطعام الذي بدأ بتاريخ 18122011 واستمر لمدة 57 يوما على التوالي، وبعد تدهور حالته الصحية، وبعزيمته التي لم يثنيها الجوع إنتصر عدنان على السجان، وانتزع حقه في تحديد مدة إعتقاله، وعلى النهج ذاته سارت هناء الشلبي التي عاود الإحتلال إعتقالها إداريا مخالفا لشروط الإفراج عنها ضمن صفقة وفاء الأحرار، حيث جعلت الاحتلال يرضخ لمطالبها وينصاع لسلاح جوعها، وبذلك أفرج عنها بعد 40 يوما من إضرابها.   مع بداية قيام الحركة الأسيرة بالترتيب لإضراب شامل في كافة السجون والذي سيبدأ في يوم الأسير الفلسطيني 1742012، بدأ المعتقلون الإداريون بالإضراب عن الطعام كوسيلة لإجبار السجان على تلبية مطالبهم، ليصل عددهم إلى 36 أسير وأسيرة من بينهم أسرى مرضى كالأسير محمد سليمان والذي يعاني من مرض التلاسيميا ويحتاج للدواء ولوحدات دم بشكل دوري، وكبار في السن كالأسير أحمد الحاج وهو أكبر المعتقلين الإداريين .   حقيقة مرة .. والأخلاق تُهمة   تشير مصادر الأسرى في سجون الإحتلال عن حقيقة مرة ومضجعة تدل بما لا يدع مجالا للشك فيه أن قوات الإحتلال الصهيوني تستخدم هذا الأسلوب للقمع والقتل البطيء، وأن عددا من المعتقلين الإداريين قضوا أكثر من عشرة أعوام في السجون دون تهمة أو محاكمة أو حتى تحقيق، ومن أبرز هؤلاء النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني حاتم قفيشة من محافظة الخليل والذي أمضى ما يزيد عن 11 عاما ونصف معتقلا إداريا ولا زال حتى الآن يقبع في السجون الصهيونية، فيما أمضى الصحافي وليد خالد من محافظة سلفيت ما يزيد عن العشرة أعوام، وكذلك المربي أنس رفرف من محافظة الخليل أمضى 11 عام في سجون الإحتلال تحت تهمة الإعتقال الإداري ولا زالا معتقلين لهذا اليوم .   هذه الأسماء فقط عينة ومثال حي على طول الفترة التي يقضيها عدد كبير من المعتقلين دون تهمة أو تحقيق، لتكون المعلومات السرية هي حجة الإحتلال، والتي قد يفاجأ الكثيرين عندما يتم اعتقالهم أن التهمة أحيانا تكون " لكون المعتقل يحظى باحترام واسع وكبير في مجتمعه أو بلدته ويؤثر بشكل إيجابي على الآخرين " وهذا ما جاء كنص صريح في لائحة عدد من المعتقلين إداريا.   يبقى الإعتقال الإداري بعدم شرعيته وسهولة تنفيذه بحق الفلسطينيين في ظل عدم وجود رقيب على تصرفات الإحتلال الصهيوني الورقة الرابحة بيد الإحتلال لممارسة مزيد من الإجرام بحق الشعب الفلسطيني، وسلب أدنى حقوقه حتى لو لم تكن هناك تهمة واضحة بحق المواطن الفلسطيني، ليصبح وسيلة إنتقام من وجود شعب على أرضه، وتتضح هذه الصورة في التقرير السنوي المبكي المضحك الذي نشرته صحيفة " هآرتس " العبرية بتاريخ 30112011 حيث ذكرت فيه أن المحاكم العسكرية الصهيونية وافقت على 99.77% من قرارات الإعتقال الإدراي والتي إتخذها الحاكم العسكري المسؤول دون تبرير أو توجيه أو إتهام مباشر.   تأتي استجابة الاحتلال ورضوخه لإضرابات الأسرى الإداريين كمبادرة إعتراف ضمني ببراءتهم من كل تهمة موجهة إليهم، فلولا عدم وجود دليل إدانة ضدهم في الملفات السرية التي يخترعونها في محاولة منهم لإعتقال فكر كل إنسان ممكن أن يُقدم للوطن والقضية لما خضعوا لمطالبهم، وتجدر بنا الإشارة إلى أن معظم ملفات المعتقلين الإداريين هي تتمة لملفاتهم عند السلطة في الضفة الغربية ولسياسة الباب الدوار المُتبعة، والذي لا تطاله أيديهم يوكلون مهمة اعتقاله إلى الإحتلال.   المصدر : فلسطين الأن .