Menu

هواجس "إسرائيل" في "دافوسها ... بقلم : د. عصام نعمان

  هواجس "إسرائيل" في "دافوسها     بقلم : د. عصام نعمان للغرب مؤتمر سنوي يشي فيه زعماؤه بهواجسهم ويبررون مواقفهم وأخطاءهم وخطاياهم. إلى "دافوس" يأتي زعماء آخرون ورجال نافذون من غير دول الغرب، وخصوصاً من دول العرب، ليفعلوا الأمر نفسه. زعماء "إسرائيل" يحرصون أيضاً على الذهاب إلى "دافوس" لمواجهة من ينتقدون الكيان الصهيوني من العرب وغير العرب. شيمون بيريز، رئيس الدولة، زبون دائم في "دافوس"، والعالم مازال يذكر المشادة الحامية التي جرت، قبل سنوات، بينه وبين رجب طيب أردوغان. غير أن "إسرائيل" لا تكتفي ب "دافوس" السويسري. فقد حوّلت المؤتمر السنوي الذي يعقده معهد السياسات الاستراتيجية في "المركز المتعدد المجالات في هرتسليا" إلى "دافوس" آخر، صهيوني الأغراض، يشارك فيه، إلى قادة "إسرائيل"، زعماء أوروبيون وأمريكيون و...قادة رأي عرب أيضاً. في مؤتمر هرتسليا السنوي الثاني عشر الذي انعقد مؤخراً تحت عنوان "عين العاصفة: "إسرائيل" والشرق الأوسط"، جرى التركيز على التحوّلات التي تعصف بالمنطقة وانعكاساتها المحتملة على الكيان الصهيوني. وبحسب الإعلان التمهيدي للمؤتمر الأخير فإن قسماً من الأحداث والتحوّلات والمسارات حصل على "عتبة البيئة الاستراتيجية ل "إسرائيل"، ومن شأنها أن تعيد صوغ أمنها القومي ومكانتها الدولية واستقرارها الإقليمي وميزان حصانتها الاقتصادية والاجتماعية". كلمة الافتتاح ألقاها رئيس "الدولة" شيمون بيريز، العائد لتوّه من مؤتمر "دافوس". اهتمّ برسم صورة قاتمة للأوضاع الإقليمية والدولية، معتبراً أن العالم بصورته المعروفة آخذ في الانحسار، في حين أن صورته البازغة ما زالت غير واضحة. لاحظ بيريز أيضاً أن مؤسسات دولية ضعفت، وحكومات فقدت قدرتها، والقومية تراجعت، بينما العالمية تقدّمت. ولم تفت السياسي الصهيوني العتيق ظاهرة لافتة: "هناك اقتصادات راسخة تنهار فجأة من دون أي سبب ظاهر أو حل واضح". ماذا عن "إسرائيل"؟ رأي بيريز أن الكيان الصهيوني "غارق، من الناحية السياسية، في عالم عتيق، عالم الماضي". ماذا عن العرب؟ يقول إنه لا أحد يعلم كيف ستنتهي الاحتجاجات التي تعتمل في العالم العربي، مشيراً إلى أن "قوى إسلامية متطرفة صعدت إلى السلطة وعززت قوتها في كل من تونس ومصر". كما لاحظ بيريز أن إيران تطمح إلى حيازة أسلحة دمار شامل، داعياً إلى عدم استبعاد أي خيار في مواجهتها لكونها خطراً وجودياً. رئيس المعهد المضيف اللواء احتياط داني روتشيلد كان أكثر صراحة من بيريز في التعبير عن هواجس "إسرائيل". فقد قدّم وثيقة للمؤتمر خالف فيها المنطق السائد حيال إيران، وشدد على وجوب عدم التعامل مع إيران النووية "كتهديد وجودي ل "إسرائيل" أو أن يجري تصويرها بهذا الشكل. صحيح أن منع امتلاكها سلاحاً نووياً مسألة حيوية من الدرجة الأولى بالنسبة إلى "إسرائيل"، إلاّ أن الخيار الأمثل لتحقيق ذلك هو دفع الولايات المتحدة إلى مواجهة هذا الوضع". إلى ذلك، يرى روتشيلد أن أمريكا "تقوم في الشرق الأوسط بانعطافة استراتيجية باتجاه آسيا ودولها الكبرى، إضافةً إلى أن الصين والهند لا تبديان رغبة في التدخل في الشرق الأوسط، ما يؤدي إلى زيادة عدم الاستقرار الإقليمي ويتيح للإسلام الراديكالي تعزيز قدراته". وبعكس ما هو شائع عن أن "إسرائيل" رصيد للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، يرى روتشيلد أن أمريكا تعدّ "إسرائيل" وتحركاتها المحتملة خطراً استراتيجياً أكثر مما هي حليف استراتيجي". هواجس قائد سلاح الجو الجنرال عيدو نحوشتان لا تقل عن هواجس زميله روتشيلد. فقد ألقى كلمة في مؤتمر هرتسليا قال فيها إن آخر الأحداث التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط (يعني الانتفاضات الشعبية) تسبّبت بنشوء حالة من عدم الوضوح إزاء مستقبل الدول المحيطة ب "إسرائيل". شدد على أن مظاهر الضعف التي تعتري الأنظمة العربية الحاكمة من شأنها أن تفاقم عمليات تهريب الأسلحة والوسائل القتالية إلى مختلف المنظمات "الإرهابية" (يعني تنظيمات المقاومة). غير أن أشد ما يقلق الجنرال نحوشتان أن عملية بناء القوة الجوية في الدول المحيطة ب"إسرائيل" باتت في الآونة الأخيرة واسعة للغاية وتشمل التزوّد بطائرات ووسائل تكنولوجية متطورة، وتشكّل تحدياً كبيراً للتفوق الجوي لدى الجيش "الإسرائيلي". "إسرائيل" خائفة؟ نعم، لكنها مازالت مخيفة أيضاً، لأن الولايات المتحدة مازالت معها، تزودها بالأسلحة المتطورة وترعى مطامعها وتنخرط في مخططاتها العدوانية. صحيفة الخليج الإماراتية