Menu
شيخ الأسرى.. تحققت وصيتي وأنا حي

شيخ الأسرى.. تحققت وصيتي وأنا حي

قـــاوم – وكالات :   "لا تدفنوني قبل أن تضعوا جثماني في المنزل لساعات، أتشرب فيها رائحة بلادي"، هذه كانت وصية الأسير المحرر سامي يونس قبل أن يمن الله عليه بالتحرر ويحقق له وصيته التي تركها لأهله ليعملوا على تنفيذها بعد مماته.   ولم يتوقع يونس أن يعود إلى بلدته عرعرة – على تخوم أم الفحم بأراضي الـ48 المحتلة-  حيًا يرزق من جديد بعد قضاء 29 عامًا في سجون الاحتلال، وهو الذي تمنى الموت مرارًا نتيجة ما تعرض له من تعذيب.   ويونس (83 عامًا) هو شيخ الأسرى الفلسطينيين وعميدهم، اعتقل بتهمة خطف جندي وقتله، وحكم بالسجن مدى الحياة ثم خفف ذلك إلى 40 عامًا قضاها متنقلا بين العديد من السجون وذاق خلالها مرارة الفرقة وألمها، وعانى جراء ذلك أمراض مختلفة، لم تشفع له عند الاحتلال للإفراج عنه، حتى خضع لصفقة تبادل الأسرى مع فصائل المقاومة، وأفرج عنه مع عدد من أسرى الداخل.   عاد يونس إلى بلدته، فوجد معالمها تغيرت وسكانها قد كثروا، ومات من الأصحاب من مات، ومن الأهل فقد الوالدة التي قضت نحبها كمدًا وحسرة عليه قبل 12 عامًا، فلم يحد ذلك من عزيمته ولم يمزق معنوياته، فهو ما زال مصرًا على أن الطريق التي قرر أن يسلكها، كانت ضربًا صائبًا وقرارًا "لا أعتذر عنه ولا آسف عليه".   وفي القرية، ضرب آل يونس خيمة واسعة لاستقبال المهنئين، فشيخ الأسرى كان رجل سياسة وجمهور له من الأصدقاء والجماهير من تعرفه، فلم يجد وقتًا للنوم والراحة منذ أفرج عنه صباح الثلاثاء لكثرة المهنئين والوفود الرسمية ووسائل الإعلام التي تتسابق لإجراء اللقاءات.   لن أندم   ويقول الأسير المحرر " إن أقسى سنوات الأسر الأيام الخمسة الأخيرة، فلم أستطع مفارقة الأحبة الذين قضوا معي سنوات وسنوات، لقد كانت هذه اللحظات أشد وطأة من سنوات السجن والعزل".   ويؤكد أنه ليس نادمًا على ما قام به، "وهل أندم على ما قدمته لوطني وشعبي؟، لقد وجدت أن من واجبي أن أقدم شيئًا، فأنا لم أحتمل المجازر ولا التشريد وعمليات القتل المنظم التي قادها اليهود بحقنا، وأكدت لهم أكثر من مرة أنني لن أندم أبدًا، بل أنا فخور بما قمت به وسأبقى افتخر حتى ألقى الله بهذا العمل".   تهديد وابتزاز         وتعرض المسن للابتزاز والتهديد من قبل المخابرات الصهيونية قبيل الإفراج عنه بساعات، مشيرًا إلى أنها هددته بإلغاء أمر الإفراج عنه إذا لم يوقع على تعهد بعدم زيارة الضفة ولقاء شخصيات وطنية ، مؤكدا أنه رفض ذلك.   ويضيف: "لم أخضع للتهديد، وأكدت لهم أن صفقة التبادل ستتعطل بدوني، فهناك اتفاقية مع فصائل المقاومة ، والمقاومة أدرجت اسمي، ولن تتم الصفقة دون الإفراج عني، ولذلك تراجعوا صاغرين أمامي ولم أوقع على أوراقهم".   ما وراء الأبواب ... التعذيب          وتمنى الأسير الموت عبثًا نتيجة التعذيب، فلم يجده "تعرضت للتعذيب الجسدي الشديد خلال السجن، فكانوا يتعمدون إذلالي بالتعري والتعذيب الجسدي المرير، لقد مرضت مرضًا شديدًا، وعذبت عذابًا يشيب له رأسي عند تذكره، كم تمنيت أن أموت".   ويشير المحرر يونس إلى أنه تعرض للتعرية خلال التحقيق، والشبح والضرب والتقييد لساعات "لقد كانوا يجبرونني على التعري، والنوم لأيام في غرفة باردة تملؤها المياه، ورأسي مغطى بكيس ذو رائحة نتنة، ثم يعرضوني على التحقيق بغرفة ساخنة فجأة مما يصيبني باضطراب".   ذكريات السجون   وحول ذكرياته داخل السجن، يقول الأسير المحرر: "لا أتذكر أوقات فرح كثيرة، لكنني عشت أيامًا جميلة بصحبة أصدقاء أحببتهم، أجملها هي اجتماعي بأبطال الشعب الفلسطيني وبواسله، أمثال عبد الله ومروان البرغوثي، وغيرهم من القيادات".   ويؤكد أن صفقة تبادل الأسرى تمت بعد أن تنازل كبار الأسرى وقياداتهم عن حقهم بالإفراج، وانحازوا إلى مصلحة 1027 أسيرًا وأسيرة على حساب مصالحهم الشخصية، "فهم أدركوا أن الكيان الصهيوني لن يفرج عنهم مهما طال الزمان".   ويلفت إلى أن أسرى الـ48 بسجون الاحتلال أصيبوا ب"خيبة أمل كبيرة" لعدم الإفراج عنهم "فقد اعتقدنا أن عمداء أسرى الداخل سيشملون بالصفقة، معظمهم محبطون، فهم الأشد معاناة بين الأسرى، ومعاملتهم تختلف عن الباقين، من حيث التضييق وتشديد الخناق".   ويقدم المحرر يونس شكره إلى فصائل المقاومة، مضيفًا "أشكر تلك السواعد التي عملت على أسر جلعاد شاليط من أجلنا نحن أسرى الشعب الفلسطيني، وكل من وقف إلى جانبنا في هذه المحنة ".   وتنسم الحرية ضمن صفقة تبادل الأسرى، 5 من أسرى الداخل، فيما بقي نحو 120  آخرين يعانون خلف القضبان، من ضمنهم 20 هم من أقدم أسرى الشعب الفلسطيني.