Menu

النكبة والثورات العربية... بقلم : فارس عبد الله

النكبة والثورات العربية بقلم : فارس عبد الله * تمر علينا ذكرى الثالثة والستون لنكبة الأمة , بضياع القدس وإغتصاب فلسطين , فالنكبة وأن كانت جغرافيتها أرض فلسطين , إلا أنها تشكل نكبة لكل عربي ومسلم على هذه الأرض , بما تشكله فلسطين من رمزية لعقيدة المسلمين , كأرض وقف إسلامي , سالت دماء صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم على ترابها , حتى أصبحت فلسطين مقياس لعافية الأمة جمعاء , فإذا كانت فلسطين تنعم بالسلام وحكم الإسلام , فإن الأمة تكون بعافية وسلامة بل تتقدم الركب في قيادة البشرية ,وإذا إختطفت فلسطين من حضنها الدافئ الآمن , وسيطر عليها الأشرار,كانت الأمة كما هي الآن ومنذ سقوط فلسطين تحت الاحتلال الصهيوني تعيش أسوء مراحل الضياع والانكسار , ففلسطين بحاجة لأمتها مجتمعة ومتلاحمة وقوية , والأمة بحاجة لفلسطين محررة وعزيزة تنعم بالحرية, حتى يتكامل مشهد العزة في أمة القرآن والجهاد فلا بد من إسترداد فلسطين وتحريرها , لتنطلق الأمة للبناء والريادة , نحو قيادة البشرية التي تجسدت للنبي صلى الله عليه وسلم , عندما تقدم لإمامة الأنبياء عليهم السلام , للصلاة في ساحات المسجد الأقصى, وهذه الأمة المسلمة على موعد مع الريادة والقيادة ,بإقامة الخلافة على منهاج النبوة , بعد أن تسقط مرحلة الأنظمة الجبرية , وها نحن نرى تهاوي أكبر قلاعها في المنطقة ,والتي كانت تطبق على حركة الجماهير وتحارب المجاهدين , بل وتشكل حلف إستراتيجي مع أعداء الأمة , من أجل الحفاظ على الكيان اللقيط المقام على أرض فلسطين. في الذكرى الثالثة والستون للنكبة, تتعالى حناجر الغاضبين من قلب القاهرة , الشعب يريد تحرير فلسطين , فلقد سقط حامي الصهيونية اللامبارك , فتقام صلاة الفجر بالملايين في ميادين مصر العروبة والإسلام , فيهتز عرش صهيون الورقي , ويتسلل الشعور لذا يهود بدنو أجل اقتلاعهم من أرض بيت المقدس , ويتكامل المشهد في كل بلاد المسلمين والتي تواصل إحياء ذكرى النكبة , لتأكيد على حتمية العودة في أقرب فرصة , ولعل الرسالة قوية في الحشد الجماهيري الهادر المتوجه لحدود فلسطين مع مصر ولبنان والأردن وسوريا , فالعودة إلى فلسطين تحتاج إلى إقتلاع كل الحصون العميلة المحيطة بفلسطين , وإزالة الأسلاك الشائكة المنزرعة حولها لحماية الصهاينة , والتي تحول بين الأمة وتحقيق إرادتها بالنصر والتحرير على أرض فلسطين . فكما قلنا أن نكبة فلسطين هي نكبة لكل مسلم , فإن تحرير فلسطين لا يمكن أن يتم إلا من خلال وحدة الأمة وتضافر جهودها , فالشعب الفلسطيني بمقاومته منذ النكبة كانت مهمته إبقاء جذوة الصراع مشتعلة , بالعمل على ديمومة صورة فلسطين المحتلة في كل مشهد , حتى تتحرك الأمة في موعد يريده الله عزوجل , لتبدأ الملحمة التحريرية لطرد الصهاينة من أرض فلسطين. فلقد شكلت الأنظمة القمعية العميلة , وعلى رأسها النظام المصري المخلوع , أكبر عائق لمسيرة الجهاد والمقاومة , بل شكل عامل هدم وإعاقة , لكل مقومات النهوض للأمة جمعاء نحو تقديم واجبها لفلسطين وأهلها , فلقد بلغ تنسيق النظام المصري المخلوع مع الكيان الصهيوني , أن قام بالوكالة عن الصهاينة , بضرب المجاهدين واعتقالهم وتعذيبهم في سجونه سيئة الصيت, بل والمشاركة في حصار قطاع غزة , وملاحقة كل مناصر لأهلها, والعمل على ضرب جهود كسر الحصار العربية والدولية , حتى ضاق الشعب المصري نفسه من أفعال النظام العميل , ولعل من أكبر الأسباب للثورة المصرية , هو عداء النظام المصري المخلوع للقضية الفلسطينية والتآمر والمشاركة في الحرب على قطاع غزة . تأتي الذكرى الثالثة الستون للنكبة مع تصاعد الثورات العربية في كل عواصم الظلم والاستبداد والقمع , والتي تشكل إزاحة حاجز كبير نحو إرباك العدو الصهيوني , وزلزلة كيانه في الطريق لإزالته وطرد المحتلين ,ولما كانت الثورات تقودها جماهير الأمة , فأن خطاب الثورة يلتزم بخطاب الأمة نحو القيام بالواجب اتجاه القضية الفلسطينية , لإزالة أثر النكبة ومساعدة الشعب الفلسطيني على إستعاده وطنه وتحرير المقدسات . تأتي الذكرى الثالثة والستون لنكبة ضياع فلسطين ,وقد إشتعلت الثورات العربية , وتحرر الشباب العربي من قيد الخوف وسياج البطش ,الذي كان يمنع من مجرد إبداء الشعور بالتعاطف مع فلسطين وأهلها , ليسطع الحلم وتتكامل الأطروحة الثورية , هذه الأمة تتشكل من جديد على هيئة جيش التحرير , القادم نحو فلسطين , فالشعب يريد - من تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا والأردن والخليج والمغرب العربي وباكستان واندونيسيا وفي كل بلاد المسلمين - تحرير فلسطين , كما وتأتي ذكرى النكبة وقد إنتهى الانقسام وإنعقدت المصالحة بين الفلسطينيين فتوحدوا وهذا فرض عليهم , وهم يواجهوا الاحتلال ومخططاته الخبيثة لاستهداف كل ما هو فلسطيني على هذه الأرض المباركة . فهل تشكل هذه الذكرى الثالثة والستون للنكبة , بداية المشوار نحو إنهاء الاحتلال وإزالة أثار النكبة على وجه فلسطين الندي , فلقد إنتفضت الأمة وأطاحت بحلفاء الصهاينة , وكما أن اللحمة والوحدة عادت بين الفلسطينيين, لينصهر الحال الفلسطيني مع واقع الأمة الذي يتبلور شعاره الاتحاد والوحدة , من أجل تطهير البلاد من الصهاينة ,وأرباب السوابق واللصوص , ودعاة الفتنة والفجور , وما ذلك على الله بعزيز .  كاتب وباحث فلسطيني 14/5/2011م