Menu
تقرير : الاحتلال الصهيوني يخطو خطوات واسعة على طريق مشروع تهويد القدس أرضاً وشعباً

تقرير : الاحتلال الصهيوني يخطو خطوات واسعة على طريق مشروع تهويد القدس أرضاً وشعباً

قــــاوم- القدس المحتلة : أطلقت مؤسسة القدس الدولية تقرير "حال القدس" خلال الفترة من كانون الثاني/يناير وحتى آذار/ مارس 2011، ويرصد التقرير، الذي يصدر بشكل ربع سنوي، تطوّر الأحداث في مدينة القدس على المستويين الميداني والسياسي. ويقدم التقرير قراءةً منهجيّة لهذه الأحداث تضعها في سياق الصراع بين مشروعٍ تهويديّ شامل يطال مختلف جوانب الحياة في المدينة، ينفذه ويرعاه الاحتلال والجمعيّات المرتبطة به، وبين محاولات مقاومة هذا المشروع من قبل المقدسيّين المعتمدين على قدراتهم الذاتيّة وقليلٍ من الدعم الخارجيّ . وقد خلص التقرير إلى أنه خلال الشهور الثلاثة الأولى من هذا العام "كانت القدس تغلي كما كلّ العواصم العربيّة، لكن بينما كانت عواصم المنطقة تسير نحو الحريّة، كانت القدس تسير نحو مزيدٍ من القهر والقمع، بعد أن خطا الاحتلال خطواتٍ واسعةً على طريق مشروع تهويد المدينة أرضًا وشعبًا ". كما لفت التقرير إلى الغياب العربي والإسلامي عن المشهد المقدسي الذي لم يصدر عنه خلال الفترة الماضية أي تحرّك جديّ لوقف الاعتداءات الصهيونية، باستثناء إدانات خجولة صدرت من مصر والأردن لهدم فندق "شيبرد" في حيّ الشيخ جرّاح. ودعا الأطراف العربية والإسلامية إلى استخدام عوامل الضغط المتاحة، كاللجوء إلى مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، والضغط على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عبر شبكة المصالح التي تربط الطرفين وذلك لدفعهما للتحرك لوقف الاعتداءات بشكلٍ أكثر جديّة وفاعليّة. وفيما يلي الملخص التنفيذي للتقرير كما قدمته المؤسسة :-  ملخص تنفيذي تقرير حال القدس خلال الفترة من كانون ثانٍ/يناير وحتى آذار/مارس 2011 خلال الشهور الثلاثة الأولى من عام 2011 كانت القدس تغلي كما كلّ العواصم العربيّة، لكن بينما كانت عواصم المنطقة تسير نحو الحريّة، كانت القدس تسير نحو مزيدٍ من القهر والقمع، بعد أن خطى الاحتلال خطواتٍ واسعةً على طريق مشروع تهويد المدينة أرضًا وشعبًا. فعلى مستوى التهويد الدينيّ للمدينة، أنهت دولة الاحتلال في شهر كانون الثاني/يناير العمل في أحد أهمّ وأكبر مواقع الحفريّات، وهو نفق يصل بين الجزء الجنوبيّ والجزء الغربيّ من المدينة اليهوديّة التاريخيّة التي يبنيها المحتلّ أسفل المسجد الأقصى ومحيطه. وبذلك تكون هذه المدينة التي تُشكّل قلب مشروع التهويد الدينيّ قد أصبحت شبه مكتملة ومتصلة الأطراف بشكلٍ مباشر، وبات بإمكان الاحتلال أن يُنظّم الجولات السياحيّة لزوّار المدينة دون أيّ احتكاكٍ بينهم وبين الفلسطينيين. وفي يوم الأحد 9/1/2011 هدمت جرّافات الاحتلال فندق "شيبرد" في حيّ الشيخ جرّاح وذلك تمهيدًا لإقامة مجمع استيطانيّ يضمّ أكثر من 70 وحدةٍ سكنيّة على أرض الفندق. ويُعدّ هذا المشروع الاستيطانيّ الأكبر في محيط البلدة القديمة منذ أن أكمل الاحتلال استيلاءه على كامل القدس عام 1967. وبهدم هذا الفندق يكون الاحتلال قد تجاوز أحد أصعب العقبات في إطار مشروع تهويد الأحياء المحيطة بالبلدة القديمة والمسجد الأقصى والذي يهدف لفصل الأحياء العربيةّ في قلب المدينة عن الأحياء العربيّة في الأطراف ويقطع التواصل الجغرافيّ فيما بينها مما يُفرغ أي سيادة فلسطينيّة مستقبليّة على هذه الأحياء من محتواها. أمّا على مستوى التهويد الديموغرافي فقد أقرّ الاحتلال خلال الشهور الثلاثة الماضية بناء أكثر من 1500 وحدة استيطانيّة جديدة في مستوطنتي "جيلو" جنوبًا و"بسغات زائيف" شمالاً، بعد أن تمكّن من احتواء الضغوط الأميركيّة والأوروبيّة عليه لوقف الاستيطان عبر اتباع سياسة الباب الدوّار. ففي أوج موجة الضغوط السياسيّة أعلن مكتب رئيس وزراء الاحتلال إلغاء 3 مخططات استيطانيّة في القدس، لكن ما أن ظهرت إشارات لتراجع هذه الضغوط وانشغال المجتمع الدوليّ بالأوضاع في البلدان العربيّة حتى أقرّ الاحتلال مشاريع استيطانيّة جديدة أكبر حجمًا بكثير من تلك التي أُلغيت. وقد أظهر الاحتلال من خلال تعامله مع هذه الأزمة أنّه قادرٌ على احتواء الضغوط عليه مهما بلغت، وبالتالي فسيبقى الاستيطان في القدس خلال الفترة القادمة أولويّة وسيسير بنفس الوتيرة السريعة التي تُغيّر وجه المدينة وواقعها السكاني بما يتجاوز حدود أيّ مفاوضات. محاولة تثبيت وضع القدس كـ"عاصمةٍ يهوديّة" لم يقتصر على التوسع الاستيطانيّ، إذ أقرّت دولة الاحتلال في شهر شباط/فبراير الماضي خطة لبناء قاعدة لجيش الاحتلال في قلب مدينة القدس على بعد مئات الأمتار شمال شرق البلدة القديمة، وذلك في إطار السياسة التي بدأت منذ عام 2005 في عهد أريئيل شارون لنقل كافة المقرات المركزيّة لمؤسّسات الدولة إلى القدس. وعلى الرغم من أنّ هذا المشروع يُنهي أيّ مستقبلٍ لسيادة فلسطينيّة على المنطقة وحتى على الأحياء العربيّة فيها، ويجعل الحديث الأوروبيّ والأميركيّ عن القدس عاصمةً لدولتين مجرّد كلامٍ في الهواء، إلاّ أنّ أيّاً من الطرفين لم يُظهر ردّة فعلٍ على المشروع ما يُشكّك ليس فقط بمدى جديّة هذه الأطراف في طرحها، بل وأيضاً في قدرتها على تنفيذ هذا الطرح في ظلّ سياسة فرض الأمر الواقع التي يُمارسها الاحتلال. وفي ذات الوقت الذي كان الاحتلال يعمل فيه لجذب المزيد من المستوطنين اليهود إلى المدينة، كان يزيد من ضغوطه على السكّان المقدسيّين عبر إحكام سيطرته على قطاع التعليم العربيّ في القدس، إذ أصدرت وزارة المعارف في دولة الاحتلال في منتصف شهر آذار/مارس قرارًا يقضي بمنع استخدام المناهج الأردنيّة أو المناهج الفلسطينيّة الرسميّة في مدارس القدس جميعًا بما في ذلك مدارس الأوقاف والمدارس الأهليّة، فارضةً استبدالها بمناهج شبيهة بتلك المفروضة على العرب داخل الأراضي المحتلّة عام 1948. هذا التطوّر الميدانيّ المتسارع لمشروع التهويد جاء مصحوبًا بتراجع سياسيّ فلسطينيّ كبير، إذ بدا المفاوض الفلسطينيّ مسلّمًا بالأمر الواقع في المدينة بحسب ما نشرته قناة الجزيرة الفضائيّة من وثائق في شهر شباط/فبراير، بعد أن أبدى استعداده للتفاوض حول السيادة على المسجد الأقصى والسماح بمشاركته بين المسلمين واليهود، كما أقرّ المفاوض بقاء كافّة المستوطنات في المدينة بما في ذلك الحيّ اليهوديّ، وذلك دون أن يحصل على أيّ تنازل أو حتى مجرّد اعتراف بحقٍ للفلسطينيّين بالتواجد في المدينة، كما لو أنّه كان يبحث خلال المفاوضات عن ما يحفظ به ماء وجهه فقط لا عن ما يحفظ حقوق المقدسيين في المدينة. ولم يكن اليمين الإسرائيليّ الحاكم وحده الذي لم يعترف بأيّ حقّ للفلسطينيّين في القدس، إذ أظهرت مبادرة السلام الإسرائيليّة التي أطلقتها مجموعة من العسكريين السابقين والسياسيين في دولة الاحتلال في نهاية شهر آذار/مارس أن سقف العروض الإسرائيليّة في القدس لا يقترب حتى من أدنى الحقوق الفلسطينيّة، إذ طرحت المبادرة الإبقاء على المستوطنات كما هي ومنح الفلسطنيين سيادة على الأحياء العربيّة في المدينة دون غيرها، مع وضع المسجد الأقصى تحت إشراف لجنة إسرائيليّة دوليّة وفتحه أمام دخول اليهود وصلاتهم والاعتراف بحقّهم ومصالحهم فيه. وفي خضمّ هذا الحراك السياسيّ جاء انفجار عبوةٍ ناسفةٍ في محطّة حافلاتٍ في القدس ليُسجّل المزيد من التراجع السياسيّ الفلسطيني، إذ رغم عدم معرفة الجهة التي تقف خلف الانفجار سارع رئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال سلام فياض إلى إدانة الحادث وكذلك فعل الرئيس الفلسطينيّ، فيما لم تتبنى أيّ من فصائل المقاومة المسؤولية عنه. الغائب الأكبر عن المشهد المقدسيّ كان الجانب العربيّ والإسلاميّ الذي لم يصدر عنه خلال الفترة الماضية أي تحرّك جديّ لوقف الاعتداءات الإسرائيليّة باستثناء إدانات خجولة صدرت من مصر والأردن لهدم فندق شيبرد في حيّ الشيخ جرّاح، وفيما عذا ذلك فقد مرّت الاعتداءات في ظلّ صمتٍ رسميّ وشعبيّ مطبق ساهم في تشجيع الاحتلال على تكثيف اعتداءاته وتسريعها. إنّ التعامل مع كلّ هذه الوقائع يفرض أوّلاً على الفلسطينيّين سلطةً وفصائل مقاومة إيجاد حلّ لمشكلة غياب المرجعيّة المقدسيّة القادرة على إيجاد آليّّات عملٍ فعليّة لمواجهة خطوات الاحتلال، كما يفرض عليهم الارتقاء بمستوى أدائهم السياسيّ بعيدًا عن التسليم بالأمر الواقع وعن المزايدة وتسجيل النقاط، بحيث يتمكنون من التوصل لرؤيةٍ سياسيّة جامعة قابلةٍ للتطبيق تستند إلى كلّ عناصر القوّة التي يمتلكها الفلسطينيّون سواءً على مستوى قدرات المقاومة أو على مستوى قوّة القانون الدوليّ الذي يُشكّل عاملاً ضاغطاً على دولة الاحتلال وحلفائها. الجانب العربيّ والإسلاميّ يمتلك أيضًا الكثير من عوامل الضغط التي يُمكن له أن يستخدمها في هذا الإطار، كاللجوء إلى مجلس الأمن والجمعيّة العامّة للأمم المتحدة، والضغط على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عبر شبكة المصالح التي تربط الطرفين وذلك لدفعهما للتحرك لوقف الاعتداءات بشكلٍ أكثر جديّة وفاعليّة. أمّا الدول التي تُقيم علاقات مع دولة الاحتلال فهي قادرةٌ أن تربط مستوى هذه العلاقات بل ومستقبلها بالوضع في مدينة القدس مستندين بذلك لمخالفة الاحتلال الواضحة للقانون الدوليّ في كلّ ما يتخذه من إجراءات.