Menu
مؤتمر لبحث سبل الدفاع عن حق العودة

مؤتمر لبحث سبل الدفاع عن حق العودة

قــاوم- قسم المتابعة: دعا باحثون وأكاديميون و كتاب فلسطينيون بمشاركة أحزاب سياسية، إلى وضع خطط وبرامج دورية من أجل استمرار الدفاع عن ملف حق العودة و على ضرورة التمسك بعودة اللاجئين إلى ديارهم التي هجروا منها وفقاً للقرار 194، والحفاظ على هويته الفلسطينية من الاندثار، في ظل الممارسات الصهيونية التي تستهدف الأرض والمقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين، خاصة أن هذه الممارسات تأتي تزامنا مع الاحتفال بذكرى يوم الأرض الخالد.   وجاءت الدعوة من خلال المؤتمر الذي عقده التجمع الشعبي الفلسطيني للدفاع عن حق العودة و مركز قدس نت للدراسات والإعلام والنشر الالكتروني تحت عنوان ’ الحركة الشعبية الفلسطينية: دورها, وآليات تفعيلها في الدفاع عن حق العودة’ ، الذي يستمر يومي الأربعاء والخميس ، وافتتح المؤتمر بالقران الكريم, والسلام الوطني, وقراءة الفاتحة على أرواح الشهداء .   ودعا الدكتور عبد الله الحوراني في كلمة التجمع الشعبي للدفاع عن حق العودة , إلى التمسك بحق العودة الذي تكفله مواثيق الأمم المتحدة وقراراتها الخاصة بحقوق الإنسان وحق تقرير المصير وتثبيت المفهوم السياسي والقانوني الموحد لحق العودة، باعتباره حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وأراضيهم وممتلكاتهم التي طردوا منها عام 1948.   وحذر من المخاطر المحدقة بقضية اللاجئين وحقوقهم والمتمثلة بمشاريع التوطين والدمج والتهجير والتصدي لها، داعيا إلى تحفيز الجماهير لتنظيم صفوفها وتعبئة طاقاتها دفاعا عن حق العودة ومن أجل حماية الهوية الوطنية وضمان الحقوق السياسية والاجتماعية والقانونية للاجئين في جميع أماكن تواجدهم.   ودعا القيادة والمفاوض الفلسطيني بشكل خاص إلى التمسك بحق العودة باعتباره أهم الثوابت الوطنية التي لن تسمح جماهير شعبنا بتجاوز أي منها، والتصدي لكل المحاولات الصهيونية والمحلية والإقليمية والدولية الهادفة إلى مقايضة بين الحقوق الوطنية الثابتة او إحلال حق مكان آخر. أما في كلمة القوى الوطنية والإسلامية فقال الكاتب والمحلل السياسي يحيى رباح:’ إن القضية الفلسطينية لها ميزة عن العالم وهى قضية اللاجئين الفلسطينيين الذين طرودا من ديارهم تحت السلاح والموت، وانه لا يصحح هذه الخطيئة التاريخية ضد الشعب الفلسطيني، إلا حق العودة لديارهم التي هجروا منها ’.   وأضاف:’ أن الانقسام والصراع الداخلي سرق الجهد والأنظار عن قضايانا الكبرى، لأن معركة اللاجئين هي معركة المصير الوطني ، فإما أن نخوضها موحدين ، أو سندفع الثمن غاليا ، و جميعنا يدرك المخاطر التي تهدد حق العودة وفى إطار النظرة الأشمل والخطر الذي يتعرض له المشروع الوطني الفلسطيني ’.  داعيا الخطاب الرسمي الفلسطيني والعربي إلى أن يدافع عن قضية اللاجئين وفقا لقرار 194 وإبراز حق العودة كمضمون أساسي لهذا القرار, مشددا على أن هناك مخاطر على الدولة الفلسطينية من الاعتراف بدولة يهودية يمكن أن تقضى على حلم حق العودة، وكذلك المحاولات الأمريكية الساعية لذلك من خلال تقليص خدمات الانوروا . بينما ألقى كلمة اللجان الشعبية في مخيمات اللاجئين كمال الصوري الذي أكد أن القضية الفلسيطينة تشكل نموذجا راقيا في الدفاع عن حق العودة والتمسك بقرار 194، واستطاع المدافعون عن حق العودة الوقوف في وجه كل المؤامرات التي تعترضهم .   وطالب بتطبيق كل القرارات الداعية إلى ضمان عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم، وكذل إنهاء حالة الانقسام وإعادة بناء الوحدة الوطنية التي يتمسك بها شعبنا من اجل تعزيز مكانة القضية الفلسطينية، داعيا كافة مكونات الشعب الفلسطيني لإحياء ذكرى النكبة في برنامج موحدة وان وأن يكون هذا العام عام حق العودة.   بينما أكد أستاذ التاريخ المشارك في الجامعة الإسلامية د.خالد الخالدى في ورقته التي استعرض فيها تجارب من التاريخ القديم للذين نجحوا في تحرير هذه الأرض وعادوا إليها بعد أن كانت محتلة, وذلك في سبيل الاستفادة من هذه التجارب, وتحقيق العودة مثلما تحققت لهم.  وسرد الخالدي هذه التجارب عبر النقاط التالية:   أولاً: حرر العرب هذه الأرض المقدسة من الاحتلال الروماني سنة 16هـ / 637 م , ودخل العربي والعجم في دينهم خلال سنوات قليلة , وصاروا سادة وحكاماً لها قروناً من الزمن , عندما دخل الإيمان إلى قلوبهم , وتمسكوا بمبادئ دينهم , الصدق والعدل والتسامح والأخوة والأمانة والإخلاص والإتقان والإيثار وغيرها من مبادئ الإسلام العظيم , التي أصبحت أخلاقاً نادرة عند كثير من الناس في زماننا , ولا عودة أيها الأخوة الكرام إلى أرضنا المحتلة , ما لم نعد إلى هذه المبادئ ونعيشها واقعاً في حياتنا , ولا نكتفي بترديدها كشعارات فقط ومن يقرأ سير الصحابة الكرام يدرك أنهم عاشوا مبادئ الإسلام الرائعة في كل جوانب حياتهم.      ثانياً: أيقن أجدادنا الذين فتحوا هذه الأرض , وأقاموا دولة امتدت من الأندلس غرباً إلى الصين شرقاً أنهم ينصرون بكثرة الطاعات وقلة المعاصي , ولم ينس عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- قبل أن يغادر بيت المقدس أن يدل أهل فلسطين على الطريق الذي تحقق به النصر والعودة فقال : ’ إنكم كنتم أذل الناس , وأحقر الناس, وأقل الناس, فأعزكم الله بالإسلام, فهما تطلبوا العزة بغيره يذلكم الله ’, وحذرهم من الخطر الحقيقي الذي يزيل حكمهم عن هذه الأرض الطاهرة فقال :’ يا أهل الإسلام, إن الله تتعالى قد صدقكم الوعد, ونصركم على الأعداء, وأورثكم البلاد, فلا يكون جزاؤه منكم إلا الشكر, وإياكم والعمل بالمعاصي, فإن العمل بالمعاصي كفر بالنعم, وقلما كفر قوم بما أنعم الله عليهم , ثم لم يفرغوا إلى التوبة, إلا سلبوا عزهم, وسلط الله عليهم عدوهم’ . وعندما ترك أهل فلسطين العمل بهذه الوصية, وكثرت المعاصي بينهم سلبهم الله عزهم, وسلط الله عليهم عدوهم, فاحتلها الصليبيون سنة 492هـ / 1099م. ثالثا: لم يتحقق النصر والعودة إلى القدس وفلسطين والشام إلا عندما تسلم قيادة المسلمين قادة ربانيون, أمثال نور الدين محمود الذي وصفه ابن الأثير فقال:’ طالعت تواريخ الملوك المتقدمين إلى يومنا هذا فلم أرى بعد الخلفاء الراشدين وعمر بن عبد العزيز أحسن سيرة أحسن سيرة من الملك العادل نور الدين ’ ويصفه آخر فيقول :’ كان حريصاً على أداء السنن وقيام الليل بالأسحار ينام بعد صلاة العشاء ثم يستيقظ في منتصف الليل, فيصلي ويتبتل إلى الله بالدعاء حتى يؤذن الفجر كما كان كثير الصيام ’, ويصفه ابن كثير فيقول :’ قرأ عليه بعض طلبة الحديث حديثاً مسلسلاً بالتبسم, فطلب منه أن يبتسم ليصل إلى التسلسل, فامتنع من ذلك وقال إني أستحي من الله أن يراني مبتسماً والمسلمون يحاصرهم الفرنج بثغر دمياط ’.   وأمثال صلاح الدين الأيوبي الذي حرر القدس سنة 583هـ/1187م, ووصفه ابن شداد فقال :’ كان حسن العقيدة, كان كثير الذكر, شديد المواظبة على صلاة الجماعة, ويواظب على السنة والنوافل ويقوم الليل, وكان يحب سماع القرآن وينتقي إمامه, وكان رقيق القلب خاشع الدمعة, إذا سمع القرآن دمعت عيناه, شديد الرغبة في سماع الحديث, كثير التعظيم لشعائر الله ’.   رابعاً: لم يتحقق النصر والعودة أيها الأحبة إلا بعد أن تحققت وحدة الأمة, فلم يبدأ صلاح الدين الحرب ضد الصليبيين, وينتصر في معركة حطين ويحرر القدس إلا بعد أن وحد صف المسلمين, وقضى على الأمراء الموالين للصليبيين.   خامساً: لم تتحقق العودة إلا بجيل متعلم من المجاهدين, فبعد أن كانت الشام خالية من العلم والعلماء في زمن الاحتلال الصليبي صارت في عهد نور الدين وصلاح الدين موئلاً للعلماء الذين استقدمهم نور الدين, وشجعهم على نشر العلم, واهتم جداً ببناء المدارس, فخرج جيلاً متعلماً مؤهلاً للنصر والتحرير.   سادساً: لم تتحقق العودة إلى القدس وفلسطين إلا بالعدل والحرص على رفع الظلم عن المظلومين, روي أن نور الدين محمود كان يقول:’ حرام على كل من صحبني أن لا يرفع لي قصة مظلوم لا يستطيع الوصول إليَّ ’. وعندما استدعاه القاضي لينظر في شكوى رفعت ضده, سارع إلى مجلس القاضي وقال:’ السمع والطاعة, وتلا قول الله تعالى:’ إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا, إني جئت ها هنا امتثالاً لأمر الشرع, وفي مرة أخرى دعي إلى القضاء فاستجاب, ولما ثبت أن الحق مع نور الدين وهب لخصمه ما ادعاه عليه.   سابعاً: لم تتحقق العودة إلا بتقبل الحاكم للنصح, فعمر بن الخطاب كان يقول:’ رحم الله امرءاً أهدى إليَّ عيوبي ’, ويقول:’ لا خير فيكم إن لم تقولوها ولا خير فينا إن لم نسمعها, وعندما اعترضت امرأة على قراره بتحديد المهر لم يخجل أن يعترف بخطئه ويقول:’ أخطأ عمر وأصابت امرأة , وعن نور الدين محمود قال أحد المؤرخين:’ كان أشهى شيء عنده كلمة حق يسمعها أو إرشاد سنة يتبعها’.   ثامناً: لم تتحقق العودة إلا بحكام ومسئولين رحماء بالناس, فقد غير عمر بن الخطاب قراره بفرض العطاء للأولاد بعد أن تفطمهم أمهاتهم, بعد أن سمع طفلاً يبكي لأنه أمه فطمته حتى يحصل على العطاء, وقال ويلك يا عمر كم أبكيت من أطفال المسلمين, وألغى نور الدين محمود الضرائب التي فرضت على الناس بسبب ظروف الحرب, واعتبرها خروجاً عن الدين , وكان يقول نحن نحفظ الطريق من لص وقاطع طريق أفلا نحفظ الدين ونمنع ما يناقضه؟!   تاسعاً: لم تتحقق العودة إلا بحكام ومسئولين أمناء يزهدون في المال العام, يصف أبو شامة نور الدين فيقول:’ كان أدنى الفقراء في زمانه أعلى نفقة منه, من غير اكتناز ولا استئثار بالدنيا’, وعندما اشتكت زوجته الضائقة المادية أعطاها ثلاثة دكاكين له بحمص وقال:’ ليس لي الا هذا, وجميع ما بيدي أنا فيه خازن للمسلمين, لا أخونهم فيه ولا أخوض في نار جهنم لأجلك’.  وتوفي صلاح الدين الأيوبي محرر القدس دون أن يؤدي فريضة حج, لأنه كان لا يملك مالاً يستعين به على ذلك, وعندما توفي لم يجدوا في حوزته سوى دينار وستة وثلاثين درهماً, ولم يترك داراً ولا مزرعة ولا بستاناً ولا شيئاً من أنواع الأملاك’