Menu
الشهيد أمير أبو ريالة أحد أبطال معركة الكرامة غرب غزة

الشهيد أمير أبو ريالة أحد أبطال معركة الكرامة غرب غزة

ولد أميراً, وعاش أميراً , واستشهد أميراً   السيرة الذاتية للشهيد المجاهد.. أمير أبو ريالة.  أميرٌ يحيا حياة الأمراء في زمن لم ينتصر الأمراء لاستغاثات الثكالى, وهو صقر حلّق فوق القمم الشامخة. حمل من رياح الوطن المسلوب عشقه لتراب غزة، فكان أن سقطَ فوق الأرض منتصراً، ليعود إلى مدينة منزله، كما أراد أن يعود: ’محمولاً على أكفِّ الرفاق’. حياته ونشأته  هو صاحبُ الكفّين الحانيتين المجهدتين, اللتين لم تتاخرا عن مساعدة محتاج او نصرة مظلوم,فلم يكن يطيق القعود..‏  لقد تخلّى أمير عن كل شيء لأجل أن يساعد والده في سبيل تأمين لقمة العيش للعائلة. وكان الأب ينظرُ بإكبار إلى القرار الشجاع والمُؤثِّر لولده البكر، وهو أن يترك دراسته بعد أن أنهى المرحلة الإعدادية والتحق بالمعهد المهني ليخوض غمار العمل، واقفاً جانب والده في مواجهة مصاعب الحياة وضنك عيشها، وليؤمن مصاريف دراسة إخوته.‏  في مدينة غزة، حيث يرتسم الحرمان على جدران المنازل، المعشوشبة عليها صور العشرات من الشهداء الأبرار الذين هاجروا إلى ربهم، فتحَ امير عينيه أمام مشاهدات التحدي التاريخي لرجال المقاومة ، ليس للعدو الصهيوني فحسب، بل لـ«الاستكبار العالمي»، وكغيره من الفتية الذين شبّوا في هذه الطريق ـ الطريق التي أضاء للشهداء قناديلها ـ تشرّب امير حبّ الجهاد والمقاومة، وانطلق من متراس العبادة إلى متراس الجهاد. الأمير المتوج  لم يغبْ عن بال امير لحظة واحدة ما يتضمنه اسمه من أبعادٍ روحية وإنسانية. فمنذ أن أخذته والدته بين ذراعيها، وسمّته حتى يكون في حياته اميراً كما الأمراء لكنه لم يكن أي أمير, فقد كان الأمير المتوج على عرشه وهو يزف إلى الجنان, وكأنها استشعرت ان ولدها الذي وإن غَرُبَت شمسُ عمره باكراً، فإن الفجر ما كان ليستفيق لولا ذلك الشفق الرائع الذي تلوّن من دمه في تلّة المنطار..‏  منذ ليونة عظمه، كان يرافق والده إلى مسجد حفصة بنت عمر، وكبر وهو يكادُ لا يفارق رحاب الله، فنهل منه تعاليم الإسلام المحمدي الأصيل، وشرب من عذب مائه الطهور ما سقى عطشه للمعرفة والحكمة.‏   أخلاقه وصفاته  كان أمير يعمل على مراقبةٍ شديدة للنفس. وإلى جانب تربيته الروحية، التي شذّب فيها نفسه وحماها من الكثير من أمراض الدنيا، التحق امير بصفوف المجاهدين في الوية الناصر صلاح الدين، وخضع للعديد من الدورات التي تؤهله للمشاركة في المهمات الجهادية. ولَكَم انتظر أن تحين تلك اللحظة، لحظة الجهاد العسكري، الذي يُعتبر في حياة المرء الملتزم المفصل الأساسي في طريق حياته..‏  كان والده يدعمُ مسيرة ابنه،  وكل افراد الاسرة يترقبون استشهاده وبانه خبره سيأتيهم في اي يوم, على الرغم من عدم معرفته إلا بعنوان الالتحاق بالمقاومة، لأنه أدرى الناس بالخطوة الأولى في طريق الجهاد، وهي السرية حتى الاستشهاد..‏  ومع كثرة انشغالات امير، ظلّ هو الابن المُضحي والمثابر في سبيل تأمين حياة لائقة لأخوته.. أنيس المساجد  كم كانت تؤنسه كلمة الرضا وهي تخرج من شفتي أمه وكأن نبضَ قلبها يقولها لا لسانها، ونظراتها ترافقُه وهو يمشي بطوله وسمرته، حاملاً بين أصابعه سُبحة تنسابُ كل حبّة من حباتها مع تسبيحة وحمد، غارقة في نظراته السارحة في مدى لا أفق له، كأنها تبحثُ عن مستقرٍّ لها ليس له وجود في هذه الدنيا..‏  في جيبه دوماً كتاب القرآن الكريم، ودعاء ان يرزقه الله الشهادة, وعلى لسانه الكلمات الطيبة تنبثقُ لتنشر أريجها في عقول الناس وقلوبهم، وهو يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر بعمله قبل لسانه، وبطيبة ومودة، في الزمن الذي تكالب فيه الباطل على الحق، وألبس الحق ألف لباس من الباطل، فصار القدوة والمثل؛ في الإيثار وبر الوالدين، والإيمان العميق واختيار نهج المقاومة..‏  وأشرقت شمس صباح السابع والعشرين من كانون الأول على وجه أمير الذي طار من الفرح وهو يسمع منادي الجهاد يهاتفه ويناديه إلى جنة عرضها السموات والأرض. استشهاده وتقلّب أمير بين كفي الحيرة وهو ينتظر الإذن للالتحاق بالمجاهدين في غرب غزة، والحربُ تقضمُ القطاع في كل مكان.. وكان ذلك اليوم، عندما رجع أمير  من عمله إلى المنزل. هيأ حقيبته على عجل، وودعَ أهله..   في منطقة الكرامة، دارت رحى المواجهات العنيفة، وتكسرت عنجهية العدو الصهيوني عند أقدام المجاهدين.. فكان أمير كثير الغياب عن المنزل وخلال أيام العدوان لم يتواجد في المنزل إلا أيام معدودات, وفي يوم استشهاده, عاد من رباطه, واخبر إخوانه المجاهدين انه تعب جدا ولا يمكنه أن يعود ثانية, اليوم ويريد أن يستريح, لبعض الوقت, لكن رفاقه رفض ذلك وأصروا على الذهاب معا, فخرج حاملاً سلاحه ليشارك في المواجهات اللاحقة،   فرفض العودة إلا شهيداً وفي منطقة الكرامة باغتته طائرة صهيونية بصاروخ ، إلى أن سقط شهيداً..‏يوم الخميس الموافق 15/1/2009م .  هوذا أمير.. عاد محملاً على أكف الرفاق.. ولكفي أمير ألف قصة وقصة..