Menu

روح الإسلام المفقودة

*روح الإسلام المفقودة* الحمد لله حمدًا كثيرًا، والصلاة والسلام على إمام الهدى ورسول التُّقى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.. أما بعد : يقول الله تعالى في كتابه الكريم: ’..الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا..’ المائدة 3 من فضل الله سبحانه وتعالى على هذه الأمة المباركة آخر الأمم على ظهر الأرض، أن هداها للإسلام وشرَّفها به حيث جعلها ’ ..خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ..’ آل عمران 110، وكرَّمها بتيسير تعاليم نهجها، وإكمال شِرعة دينها، وخصَّ هذا الدين دون غيره بمزيَّة خالدة جمعت فيه كل الجوانب العقدية والخُلُقية والروحية؛ لتصبغه بصِبغة ترسِّخ دعائمه مدى الزمان، وتكتب له الخلود مادامت الحياة .  تلك المزيَّة الخاصة وهذه الصِبغة الكاملة تمثل الروح الحقيقية للإسلام، والتي لايقتصر فقط على تأدية العبادات وحدها،، ولكنه مزيج من الأعمال الخاصة بين العبد وربِّه، ومن عدة أمور أخرى كثيرة، أقرَّها الشرع وأرسى معالمها على شواطئ الحياة قدوتنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم؛ ليتم للمرء بها سعادة الدنيا والآخرة. لكن مع مرور السنين، وتتابع حضارات الغرب الزائفة الحاقدة على الدين، ووطأة الهجمات المتتالية والمكيدة للإسلام من قبل أعدائه، وركون الكثير من أبناء هذه الأمة إلى الدنيا الفانية-إلا من رحم الله- أصبح الإسلام في نفوس أبنائه يفتقر إلى عدة أمور، هي بمثابة الروح الملازمة لحياته، والأساس الأقوى لكيانه.. أولها وأهمها: ماكان بين العبد وربه استشعار روح العبادة بمعناها الحقيقي، القولية والفعلية؛ حيث أصبحت مجرد أقوال تُذكر وحركات تُؤدّىَ، ولم تعُد كما كانت على نهج أسلافنا!عبادة حسية حركية تعلِّق القلب بمولاها، وتُسكن الجوارح لخالقها؛ لتشعر بلذة الأنس بقربه، وتدرك عظمته وقدسيته وسلطانه على هذا الكون الفسيح، فيحصل لها الطمأنينة والرضا والانشراح . يقول فقيد العروبة والإسلام الشيخ المجاهد الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله: {حين تضيع معاني الدين وتبقى مظاهره؛ تصبح العبادة عادة، والصلاة حركات، والصوم جوعا، والذكر تمايلا، والزهد تحايلا ، والخشوع تماوتًا ، والعلم تجملاً ، والجهاد تفاخرًا، والورع سخفًا، والوقار بلادة، والفرائض مهملة، والسنن مشغلة} ثانيها: مايتعلق بالفرد: التحلِّي بروح الخُلُق الإسلامي القويم، والتخلُّق بالأدب الجميل عن ‏ ‏أبي الدرداء رضي الله عنه‏ أن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال :‏ ’‏ما شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن وإن الله ليبغض ‏ ‏الفاحش ‏ ‏البذيء’ سنن الترمذي .  وعن ‏أبي هريرة رضي الله عنه قال: ‏ ‏قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم: ‏ ’‏ أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا ...’ سنن الترمذي . فإذا ضاعت الأخلاق من أيدي المسلمين، واندثرت القيم بين الناس ، وتلاشى الأدب من المجتمع!! غدا إسلامهم جسدًا بغير روح، وبنيانًا من دون أساس!! وهل يمكن للإسلام أن يبلغ ذروته في نفوس الناس بغير روح الأخلاق؟؟!! ثالثها: مايخص علاقة المسلم بأمته: الشعور بروح الأخوة في الله تجاه المسلمين، وأن الفرد المسلم ماهو إلا عضو أساسي من أعضاء الجسد الإسلامي. عن ‏ ‏النعمان بن بشير رضي الله عنه ‏‏قال: ‏ قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم: ‏’ ‏مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا ‏ ‏اشتكى ‏ ‏منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ’ صحيح مسلم . فعليه أن يحب الخير لهم ، ويسعد لأفراحهم، ويتألم لآلآمهم، ويحزن لمصابهم، ويسعى لمواساتهم ولوبالكلمة الطيبة، ويبذل يد العون والمعروف لهم، ويحاول جاهدًا لتفريج همومهم وتنفيس كروبهم مااستطاع إلى ذلك سبيلاً، متأسيًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم : ’ المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا ‏ ‏ يسلمه ‏ ‏ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم ‏ ‏كربة ‏ ‏فرج الله عنه ‏ ‏كربة ‏ ‏من ‏ ‏كربات ‏ ‏يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة’ صحيح البخاري . وبعد.. فإن هذه الجوانب المختصرة ماهي إلا نسمات يسيرة من روح الإسلام -المفقود في الوقت الحاضر-وعماده وقوامه الذي لايتم إلا به ، ولايكمل دونه، ولايتحقق بغيره!!.. ومن أراد أن يحيا بروح الإسلام، يجده كاملاً في خير الكتب كتاب الله تعالى، ويلتمسه من سيرة خير خلق الله نبينا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، وصحابته الكرام؛ الذين حين فهموه وعاشوا به حياتهم ، صاروا سادة الدنيا والدين، ونالوا رضا رب العالمين. نسأل الله تعالى أن يحيي قلوبنا ونفوسنا وحياتنا بالإسلام، وأن يرزقنا اتباعه على الوجه الذي يرضيه عنا وأن يتوفانا وهو راضٍ عنا..إنه سميعٌ مجيب. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين صلاةً وسلامًا تامَّين متلازمين إلى يوم الدين. والحمد لله رب العالمين. إعداد// شمس العلوم.