Menu

في 2022.. مقاومة صاعدة تجابه دموية الاحتلال وعدوانه

قاوم-قسم المتابعة/ما بين دموية وتنكيل مفرط، ومقاومة صاعدة تحمل الأمل، ارتسم مشهد عام 2022 في الأرض الفلسطينية المحتلة، مع قابلية مفتوحة لمزيد من التصعيد في العام الجديد كما تؤشر معطيات أولى أيامه.

ووثق مركز معلومات فلسطين "معطى" أكثر من 35 ألف انتهاك للاحتلال الصهيوني، في الضفة والقدس المحتلتين، عام 2022، في أعلى معدل للانتهاكات بحقّ الفلسطينيين بالنظر للأعوام الأربعة الأخيرة، في تأكيد واضح على إجرام الاحتلال وبشاعته وسياسته العدوانية تجاه الفلسطينيين.

شملت الانتهاكات جميع أنواع الجرائم التي ارتكبها الاحتلال ومستوطنوه، ولم يسلم منها البشر والحجر والأرض والحيوان، وتنوعت بين قتل واعتقال وإبعاد وهدم للمنازل إضافة لتجريف الأراضي وسلب الممتلكات، واعتداءات طالت قطاع التعليم والقطاع الصحي.

وبحصيلة بلغت نحو 230 شهيدًا رحل عام 2022 الأكثر دموية خاصة في الضفة المحتلة، منذ عام 2005، حسب تقارير أوتشا (مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية).

ووفق المعطيات التي نشرها مركز "معطى"؛ فقد استشهد في الضفة المحتلة (176) مواطناً، منهم (45) طفلاً وطفلة، و(7) نساء، و(4) مسنين، في رقم هو الأعلى منذ عدة سنوات، كما استشهد 6 معتقلين في سجون الاحتلال.

ومن شهداء الضفة 19 من القدس المحتلة، في حين استشهد 53 فلسطينيًّا في قطاع غزة، غالبيتهم ارتقوا خلال عدوان الاحتلال في آب/أغسطس.

الاغتيال يفجر الغضب
ويشير خبراء استطلع إلى أن دموية الاحتلال وإقدامه على العودة لتنفيذ سياسة الاغتيالات في الضفة المحتلة بوقت مبكر من عام 2022، أسهم في تأجيج الأمور وحالة الغضب الشعبي التي أفضت لمزيد من المواجهات وتشكل حالات المقاومة.

في الثامن من فبراير 2022، جاءت أول عملية اغتيال منذ سنوات في الضفة المحتلة، عندما أقدمت قوة خاصة من جيش الاحتلال، على اغتيال المقاومين أدهم مبروكة ومحمد الدخيل وأشرف المبسلط، بعد أن استهدفت مركبة تقلهم بما يزيد على 90 رصاصة في حي المخفية في نابلس.

غضب متصاعد

ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا، أن جرائم الاحتلال التي بدأت مبكرًا في عام 2022، بما في ذلك عمليات قتل وإعدام، وصولاً إلى اغتيال الشبان الثلاثة في نابلس، مع تصاعد الاعتداءات في القدس والضفة بأشكال مختلفة أدت لحالة من الغضب الفلسطيني المتصاعد.

وأوضح القرا، في حديثه أنه "كلما أوغل الاحتلال في إجرامه ودمويته وفي ظنه إخماد صوت الغضب الفلسطيني، كان هذا الغضب يتصاعد، فكل عملية اغتيال وكل عملية قتل وإعدام ميداني تخلق جيلاً يطلب الثأر".

وعلى وقع الاغتيال وغيره من جرائم الاحتلال ازدادت محاولات تنفيذ العمليات الفردية "الذئاب المنفردة" عبر عمليات طعن ودهس، بالتوزاي مع تبلور أكثر لحالات المقاومة خاصة في جنين مثل كتيبة جنين وعرين الأسود في نابلس مع بروز مجموعات مقاومة تتبع كتائب القسام.

وأشار القرا إلى أن الحصيلة القاسية للاحتلال لم تقتصر على عمليات القتل؛ فهناك عمليات اقتحام واعتقال تكاد تكون غير مسبوقة، فضلا عن الاستيطان الذي تفشى كالسرطان في الضفة والقدس المحتلتين.

اعتقالات بالآلاف واعتداءات استيطانية بالجملة
ووفق تقرير أصدرته "هيئة شؤون الأسرى والمحررين"، و"نادي الأسير الفلسطيني"، ومؤسسة "الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان"، ومركز وادي حلوة-القدس، فقد شهد عام 2022 اعتقال قوات الاحتلال 7 آلاف فلسطيني منهم 882 طفلا و172 امرأة.

وبيّن أنه "في بعض الحالات استخدمت قوات الاحتلال أفراد العائلة دروعًا بشرية، ونفذت عمليات اعتقال؛ بهدف الضغط على المطاردين لتسليم أنفسهم، وطال ذلك أشقاءهم وأصدقاء لهم وأمهاتهم وزوجاتهم وأبناءهم".

ووفق رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان مؤيد شعبان؛ فإن الاحتلال ومستوطنيه نفذوا خلال العام الماضي، 8724 اعتداء بحق المواطنين وممتلكاتهم بمختلف المحافظات.

ومن أبرز الاعتداءات قرارات بالاستيلاء على 26424 دونما تحت مسميات مختلفة، وإقامة 12 بؤرة استيطانية والتصديق على ما مجموعه 83 مخططا هيكليا وتفصيليا في الضفة والقدس المحتلتين.

في مقابل ذلك نفذ الاحتلال ما مجموعه 378 عملية هدم، وهدمت خلالها 715 منشأة في الضفة المحتلة بما فيها مدينة القدس وتضرر جراء ذلك 1235 شخصا، وأصدرت 1220 إخطارا بهدم منشآت فلسطينية بدعوى عدم الترخيص، في ارتفاع قياسي مقارنة بالأعوام الماضية.

الأمل بالمقاومة
ويرى الكاتب السياسي ناجي الظاظا أن عام 2022 عامٌ دامٍ فلسطينياً بما يحمله من جرائم صهيونية تعرض لها الشعب الفلسطيني سواء في الضفة أو غزة أو القدس أو الداخل المحتل.

واستدرك في مقال له " أن هذا العام يحمل أيضًا الأمل بالمقاومة والحرية بما شهده من ولادة حالات عسكرية في الضفة المحتلة، وانتقالة نوعية للعمل المقاوم فيها؛ لما أسماه الاحتلال بالذئاب المنفردة إلى المجموعات العسكرية المنظمة، والتي تشمل جميع مكونات العمل الوطني.

ورصد مركز "معطى"، مقتل (31) صهيونيا أغلبهم من الجنود، وإصابة أكثر من (525) آخرين، خلال عام 2022، جراء تنفيذ أكثر من (12188) عملا مقاوماً، منها (848) عملية إطلاق نار، و(37) عملية طعن أو محاولة طعن، و(18) عملية دهس أو محاولة دهس، إضافة لعملية تفجير مزدوجة واحدة.

وأشار إلى أنه خلال العام المنصرم، مثّلت ظاهرة المقاومة الفردية شرارة انطلاقة موجة عمليات فردية نوعية استهدفت الاحتلال في الضفة والقدس والداخل المحتل، ثم تطورت إلى فعل مسلح منظم لمهاجمة أهداف الاحتلال العسكرية.

نقلات نوعية للمقاومة

ويذهب اللواء يوسف شرقاوي، الخبير في الشؤون العسكرية، إلى أن أهم ما ميّز عام 2022م هو ميلاد نقلات نوعية في مقاومة الاحتلال عكست ارتفاع وتيرة التحدي بالضفة المحتلة.

وأشار في "خرجت للوجود كتيبة نابلس وجنين ثم عرين الأسود، وشكلت تحديا غير مسبوق ازداد وانتقل لبقية محافظات الضفة، ويمكن أن ينتقل لداخل أراضي 48".

بدوره، يؤكد طلال عوكل -المحلل السياسي- أن تصاعد المقاومة الشعبية والمسلحة عام 2022 يحمل عدة دلالات؛ أولها أن مخططات الاحتلال الإسرائيلي بواسطة المزايدات الحزبية الإسرائيلية أو السياسة الإسرائيلية الرسمية عكست إستراتيجية الاحتلال.

ويضيف"هناك تصعيد كبير ونوعي في مخططات الاحتلال ضد الفلسطينيين ليس على مستوى إنكار الحقوق السياسية الفلسطينية فحسب؛ بل الدخول لمرحلة تجريف الوجود الفلسطيني قابلها تصعيد شعبي فلسطيني خارج سياق السياسة الرسمية والفصائلية".

رحل عام 2022 لكن تأثيراته على القضية الفلسطينية لم تنته؛ ففي باكورة العام الجديد ارتقى 4 شهداء، منهم 3 أطفال، ونفذ وزير الأمن القومي الصهيوني المتطرف ايتمار بن غفير اقتحامًا للأقصى وسط مخططات وجنوح نحو المزيد من الإرهاب الصهيوني الذي ينذر بانفجارات لا حدود لها.