Menu
أبطال ثورة البراق

في ذكراهم الـ91..فلسطين تستذكر شهداء ثورة البراق عام 1929

في ذكراهم الـ91..فلسطين تستذكر شهداء ثورة البراق عام 1929

تسابق رفاق ثورة البراق محمد جمجوم وفؤاد حجازي وعطا الزير على الشهادة عام 1930 بعد إطلاق حكم الإعدام عليهم من قبل السلطات البريطانية آنذاك، فقال جموم كما وصفته إحدى الأغنيات “أنا أولكم ولا أشرب حسرتكم”، وحجازي رده قائلًا، “أنا أولكم ما نهاب الردى ولا المانونا”.

وكانت السلطات البريطانية قد أصدرت حكمًا بالإعدام بحق 26 شابًا فلسطينيًا خففته إلى المؤبد وأبقت على الحكم بحق هؤلاء الشبان الثلاثة لدورهم البارز في أحداث ثورة البراق التي اندلعت عام 1929 واعتُقل على إثرها عشرات الشبان.

وجاءت هذه الاعتقالات بعد مسيرة ضخمة انطلق بها الفلسطينيون من باحات المسجد الأقصى المبارك باتجاه حائط البراق ردًا على مظاهرات اليهود في تلك الفترة ودفاعًا عن الحائط ضد محاولات الاستيلاء عليه واندلعت على إثرها مواجهات امتدت إلى أنحاء فلسطين كافة.

وقد سبق هذه المواجهات اعتداءات من قبل حركة بيتار “الصهيونية” التي استفزت المسلمين بتنظيم مظاهرة بمناسبة ما يسمونه “تدمير الهيكل” التي وصلت حائط البراق وردد فيها اليهود نشيدهم القومي الصهيوني وشتموا المسلمين الذين كانوا يحتفلون بذكرة المولد النبوي آنذاك فجاءت مسيرة المسلمين بعد يومين للرد عليهم.

وعند تنفيذ حكم الإعدام بحق الشبان الثلاثة تزاحم جمجوم والزير على الشهادة، إلّا أن عطا الزير طلب أن يتم تنفيذ حكم الإعدام به دون قيود لكن طلبه رُفض، وسار إلى المشنفة رافعًا رأسه ومنشرح الوجه.

ويشترك محمد جموم وعطا الزير في مسقط رأسهم مدينة الخليل، أما عن محمد جمجوم فقد خرج إلى الحياة العامة بعد تلقيه التعليم الابتدائي في مدينته وكان يتقدم المظاهرات كما العديد من أبناء مدينة الخليل وأحدها مشاركته في ثورة عام 1929 التي أدت لاعتقاله وإعدامه.

في حين أن ابن بلده عطا الزير كان يعمل في المهن اليدوية الحرّة واشتغل في الزراعة، كما عُرف بجرأته وإقدامه على المشاركة في الدفاع عن الوطن والأهل تحديدًا في أحداث الصدامات بين الفلسطينيين والمستوطنين آنذاك.

أما أصغرهم فؤاد حجازي فلم يشترك معهم في مسقط الرأس لكنّه اشترك معهم في ارتقاء الروح، فهو من مدينة صفد أكمل تعليمه الثانوي في الكلية الاسكتلندية ودراسته الجامعية في الجامعة الأمريكية ببيروت.

وشارك في جنازة الشهداء الثلاثة الآلاف ودفنوا في المقبرة الإسلامية في عكا، وتحولوا إلى رمز فلسطيني يقاوم المحتل ولا تزال ذكراهم حدثًا هامًا يحييه الفلسطينيون كل عام.

ووجه الشهداء الثلاثة رسالة إلى جميع الفلسطينيين قبيل إعدامهم وجاء فيها، “الآن ونحن على أبواب الأبدية، مقدمين أرواحنا فداءً للوطن المقدس، لفلسطين العزيزة، نتوجه بالرجاء إلى جميع الفلسطينيين، ألا تُنسى دماؤنا المهراقة وأرواحنا التي سترفرف في سماء هذه البلاد المحبوبة”.

وتابع الشهداء في رسالتهم لشعبهم، “أن نتذكر أننا قدمنا عن طيبة خاطر، أنفسنا وجماجمنا لتكون أساسًا لبناء استقلال أمتنا وحريتها وأن تبقى الأمة مثابرة على اتحادها وجهادها في سبيل خلاص فلسطين من الأعداء، وأن تحتفظ بأراضيها فلا تبيع للأعداء منها شبرًا واحدًا، وألا تهون عزيمتها وألا يضعفها التهديد والوعيد، وأن تكافح حتى تنال الظفر”.

وأضاف الشهداء: و”لنا في آخر حياتنا رجاء إلى ملوك وأمراء العرب والمسلمين في أنحاء المعمورة، ألا يثقوا بالأجانب وسياستهم وليعلموا ما قال الشاعر بهذا المعنى: “ويروغ منك كما يروغ الثعلب”.

وتابعوا، “على العرب في كل البلدان العربية والمسلمين أن ينقذوا فلسطين مما هي فيه الآن من الآلام وأن يساعدوها بكل قواهم”.

وأضافوا، ” وأما رجالنا فلهم منا الامتنان العظيم على ما قاموا به نحونا ونحو أمتنا وبلادهم فنرجوهم الثبات والمتابعة حتى تنال غايتنا الوطنية الكبرى، وأما عائلاتنا فقد أودعناها إلى الله والأمة التي نعتقد انها لن تنساها”.

وأنهى الشهداء رسالتهم، ” والآن بعد أن رأينا من أمتنا وبلادنا وبني قومنا هذه الروح الوطنية وهذا الحماس القومي، فإننا نستقبل الموت بالسرور والفرح الكاملين ونضع حبلة الأرجوحة، مرجوحة الأبطال بأعناقنا عن طيب خاطر فداء لك يا فلسطين، وختاما نرجو أن تكتبوا على قبورنا: “إلى الامة العربية الاستقلال التام أو الموت الزؤام وباسم العرب نحيا وباسم العرب نموت”.

وتخليدًا لذكراهم كُتبت عنهم قصيدة “الثلاثاء الحمراء”، وغنّتهم فرقة العاشقين ووصفت حسرة أمهاتهم في توديعهم، واستنظارهم، وأشارت الأغنية إلى شجاعتهم في مواجهة الجيش البريطاني واستقبالهم لقرار الشهادة بإيمانٍ عالٍ.

وزيّنت فرقة العاشقين صفات الشهداء الثلاثة بترديد شعارهم، “كله لعيونك يا فلسطينا”.