Menu
مستوطنات

"سيف القدس" علامة فارقة

الاستيطان بالضفة والقدس.. مخططات لا تنتهي ومقاومة لا تهدأ

قـــاوم_قسم المتابعة / سجّل العقد الماضي تسارعًا غير مسبوق في عمليات الاستيطان والتهام أراضي المواطنين بالضفة والقدس المحتلتين، وفق استراتيجية صهيونية ممنهجة تهدف لترحيل الفلسطينيين وسرقة ما تبقى من أراضيهم.

ووفق إحصائيات لمنظمة "بتسليم" الحقوقية الصهيونية فإنّ الزيادة السكانية في مستوطنات الضفة كانت أعلى خلال عام 2020 بنسبة 68% منها في الأراضي المحتلة، في ظل توسعة إقامة بؤر استيطانية جديدة وتوسعة رقعته على حساب أراضي المواطنين في الضفة.

في غضون ذلك لم يفتأ الفلسطينيون يدافعون عن أرضهم ويقاومون الاحتلال وقطعان مستوطنيه بشتّى السبل، حتى جاءت معركة "سيف القدس" لتشكّل لهم سيفًا ودرعًا في مقاومتهم التي لا تهدأ.

معركة البقاء

ومنذ ما يسمي باتفاق أوسلو، الذي صنّف 51% من أراضي مدينة الخليل بمناطق "ج"، وخاضعة لسيطرة الاحتلال بشكل كامل، تشجّعت الأطماع الاستيطانية في المدينة كلّها، وضاعت أراضيها في ظل تمدّد الغول الاستيطاني.

وفي عام 1997 ضرب الاستيطان قلب مدينة الخليل بعد اتفاقية بين الاحتلال والسلطة، قُسمّت المدينة بموجبها إلى مناطق "H1" الخاضعة للسيطرة الفلسطينية الكاملة، ومناطق "H2" الخاضعة للسيطرة الأمنية للاحتلال.

وبحسب المعطيات، فإن نحو 43% من منازل البلدة القديمة في الخليل فارغة، و1829 من المحال التجارية مغلق إما بقرارات عسكرية صهيونية أو نتيجة سياسية التضييق والتهجير القسري لسكان المنطقة.

علاوة على ذلك قطّع الاحتلال أوصال البلدة بــ21 حاجزًا عسكريًا مزودًا بمنظومة كاملة من البوابات الإلكترونية وكاميرات المراقبة وأجهزة التفتيش، يمر عبرها سكان البلدة وزوارها بشكل يومي.

ويقول الحاج عوني أبو شمسية، صاحب أحد المحال التجارية المغلقة بأوامر عسكرية منذ عام 2000 في شارع السهلة، إنّه حاول إخراج معدات من محلّه تقدر تكلفتها بــ70 ألف دينار أردني، ولكن سلطات الاحتلال لم تسمح له بل قامت بمصادرتها وسرقتها.

ويضيف أبو شمسية إنّ الشارع مفرغ تمامًا ووجود الفلسطينيين في المنطقة مهدد، في ظل التضييق المستمر من قبل جنود الاحتلال والمستوطنين.

وعن  دور السلطة في مواجهة تضييق الاحتلال، قال إنّ حضورها غائب حتى على مستوى تعزيز صمود السكان والتشجيع على الوفود إليها، مشيراً إلى قيامها بإغلاق محطة وقود كانت تشجّع المواطنين في الوفود إلى المنطقة. 

وتابع "السلطة بإمكانها مواجهة انتهاكات الاحتلال بدعم صمود المواطنين على أقل تقدير، مع التزامها بما أمضت عليه من الاتفاقيات المجحفة بحق الفلسطينيين".

ويلفت الحاج أبو شمسية إلى أنّ المستوطنين والاحتلال "استضعفوا الجانب الفلسطيني، ولكن المعركة الأخيرة للمقاومة في غزة أعادت اعتبار الفلسطينيين كأصحاب حق أمام الاحتلال وأمام العالم".

شعلة الشيخ جراح

ومع الارتباط الوثيق بين مدينة الخليل والقدس، أثيرت مخاوف من سعي الاحتلال لاستنساخ خطته في تهجير الفلسطينيين بشارع الشهداء في الخليل وتطبيقها على حي الشيخ جراح بالقدس المحتلّة، بحسب ما ترى آلاء سلايمة إحدى سكان الحي المهدّد.

وقالت سلايمة إنّ قوات الاحتلال تحاول فرض ذات التجربة المريرة في شارع الشهداء بالخليل على أحياء الشيخ جراح وبطن الهوى في القدس المحتلّة، مشيرة إلى أنّ قوات الاحتلال حولت الحي إلى ثكنة عسكرية مغلقة، ونصبت حواجز على مدخله ومنعت المتضامنين من الوصول إليه كما كان الحال في شارع الشهداء.

ولكنها تلفت إلى وجود مفارقات حاليًا تكمن في طبيعة المواجهة ووقتها وآليات مقاومتها، في ظل تضامن شعبي ودولي واسع على أرض الواقع، وفي وسائل التواصل الاجتماعي التي عرّت جرائم الاحتلال وعنصريته أمام العالم.

وأضافت بأنّ أهالي الحي أحالوا قضيتهم إلى محكمة الجنايات الدولية، مشيرةً إلى أنّهم لن يعتمدوا على محاكم الاحتلال غير المنصفة.

وتابعت "قضية الشيخ جراح شكلت شعلة لانتفاض الفلسطينيين واشتباكهم مع الاحتلال من شمال فلسطين إلى جنوبها، والمقاومة لبّت نداء أهل القدس والشيخ جراح حينما ردت بقصف القدس المحتلة".

ودعت سلايمة السلطة إلى القيام بدورها تجاه القضية واستغلال الإمكانيات المتوفرة، مشيرةً إلى أنّ منطقة شرقي القدس المحتلّة تعتبر وفق القوانين الدولية أرض فلسطينية تخضع للسلطة.

جبل صبيح

وفي نابلس تحوّل جبل صبيح جنوبي المحافظة إلى ميدانٍ للمقاومة الشعبية؛ رفضًا لمحاولات الاحتلال بناء مستوطنة على أراضي الجبل الذي تعود ملكية أراضيه للمواطنين.

ويقول الحاج محمد خبيصة صاحب إحدى الأراضي المهددة في الجبل "إن أراضي الجبل مجبولة بعرق آبائهم وأجدادهم، و95% منها مزروعة بشجر الزيتون".

وأضاف خبيصة "إنّ شباب بيتا دفعوا دماءهم فداءً للجبل، وسيستمر أصحاب الأراضي بمواجهة الاحتلال وإن كان الثمن أرواحهم وأبناءهم، وما حدث عام 1984 لن يتكرر".

وعن دور السلطة، بيّن أنّ الجهات الرسمية أوصلت أعمدة الكهرباء إلى المنطقة، كما رفعت دعوى لدى محاكم الاحتلال وقدمت لها أوراق تثبت ملكية أصحاب الأرض، لافتًا إلى أن محكمة الاحتلال إلى الآن تماطل في البتّ بالدعوى.

وأشار إلى أن محاكم الاحتلال والمستوطنين الذين يحاولون السيطرة على جبل صبيح بحماية جيش الاحتلال كلهم في ذات الطرف ولن ينصفوا الفلسطينيين.

المقاومة تصنع فارقًا

المختص في شؤون الاستيطان فرحان علقم أكّد أنّ المواجهة الأخيرة التي خاضتها المقاومة ضد الاحتلال شكّلت "تدخلاً إيجابيًا" لصد الهجمة الصهيونية والاستيطانية في حي الشيخ جراح وباب العمود وفي باحات المسجد الأقصى.

واعتبر علقم أنّ من أصداء هذا التدخل ونتائجه العملية توقف السماح بدخول المستوطنين إلى باحات المسجد الأقصى لمدة تزيد عن أسبوعين، وإرجاء البتّ في قضية الشيخ جراح وحي بطن الهوى.

وشدّد على أنّ إطلاق المقاومة بغزة الصواريخ باتجاه القدس المحتلّة أحدث فارقًا في المعركة ضد الاستيطان، حيث أنّها "المرة الأولى التي تتدخل المقاومة استجابة لنداء القدس، وحملت في جعبتها رسالة للاحتلال بأنّ المقاومة تعي ما تقول وتحذيراتها للاحتلال كانت حقيقية".

ورأى أنّ فعل المقاومة كان له أثره في الموقف الأميركي الذي صرّح بحق الفلسطينيين في أن يكون لهم دولة مستقلة في حدود عام 1967.

وأشار المختص في شؤون الاستيطان إلى أنّ بأنّ المقاومة ستكون خلف شعبها في الضفة والقدس "كان لها أثرٌ في إحياء المقاومة الشعبية للتصدي لهجمة الاستيطان المسعورة وغير المسبوقة".

وأضاف "هذه النداءات والتحضيرات للتصدي لمحاولات الاستيطان وسرقة الأراضي على مستوى المحافظات لم نشهدها سابقًا، وكما يُقال فإن نفس الرجال يحيي الرجال".

وأكّد على أنّ المقاومة أعادت للفلسطينيين مشاعر النصر والفخر، فيما لم تعطِ المفاوضات منذ مؤتمر مدريد الفلسطينيين إلى مزيدًا من الخسارة، وفقدان الأرض وعربدة المستوطنين.