Menu

قنابل الموت الصهيونية تشطب عائلة رأفت الطناني من السجل المدني

قـــاوم_قسم المتابعة / الثانية عشر منتصف الليل، دقّ هاتف رأفت الطناني..أحد جيرانه يبلغه أن يغادر المنزل بسرعة لأن طائرات الاحتلال ستقصف الحي الذي يقطنه في مدينة الشيخ زايد شمالي قطاع غزة.

كان رأفت (39 عاما) وقتها ذاهبًا إلى البقالة المجاورة لشراء بعض الحاجيات لأطفاله الأربعة كي يواسيهم من صوت القصف والرعب الذي لا يتوقف، لكنه ترك كل شيء وذهب مسرعا إلى البيت الذي يقطنه بالإيجار، آملا أن يهرب بأسرته إلى مكان آمن.

خرج رأفت بأسرته من المنزل، ورفع سماعة هاتفه متصلاً بشقيقه الأصغر حاتم الذي يبعد بيته عنه مئات الأمتار، طالباً النجدة منه "الحقني يا خوي القصف فوق رؤوسنا"، ثم انقطع الاتصال دون أن ينهي رأفت كلامه، حيث كانت آلة القتل تضع حداً لآخر حديث بينهما في هذه الحياة.

"بدأ الشك يتسلل إلى قلب حاتم، فقد عاود الاتصال بشقيقه ولكن الهاتف مغلق، وهنا أحس بشيء "خطير"، وفق وصفه.

يقول حاتم " لم يمهل الاحتلال أخي رأفت وأهل الحي أكثر من 60 ثانية، حتى انهالت عشرات الصواريخ والقنابل فوق رؤوسهم".

ويضيف وعلامات الحزن على وجهه: ذهبت مسرعاً إلى المكان الذي يبعد عنّا مئات الأمتار، فوجدت ركام المنازل في كل ناحية ورائحة الصواريخ تعبئ المكان.

وتوجه حاتم إلى مكان الشقة التي يستأجرها شقيقه فوجدها كومة حجارة، ثم أخذ يبحث مع أشقائه وأقاربه في الأماكن المحيطة لعلّهم يجدوا أثرا لهم، لكن دون نتيجة.

ويتابع حاتم:" أبلغنا الجهات الرسمية أن شقيقي بات مفقودا لدينا، وعندها جاءت طواقم الدفاع المدني وأخذت تبحث عليهم بين الركام".

وبعد نحو 16 ساعة من البحث المتواصل، تم العثور على رأفت وجميع أفراد أسرته جثثا هامدة تحت ركام بناية جامعة فلسطين المجاورة للمكان، والمكونة من 6 طوابق، وفق شقيقه حاتم.

رأفت الطناني وزوجته راوية الحامل في الشهر الثالث (37 عاما)، وأطفاله إسماعيل (8 أعوام) وأمير (6 أعوام) وأدهم (4 أعوام) ومحمد (3 أعوام)، عائلة كاملة شطبت من السجل المدني نتيجة مجزرة مروعة تعرض لها حي الشيخ زايد شمالي القطاع.

ويرجح حاتم أن بناية جامعة فلسطين انهارت على أسرة شقيقه أثناء مرورهم في الشارع الملاصق لها خلال هروبهم من القصف، ما أدى إلى استشهادهم.

ويستغرب حاتم من الرواية التي يحاول الاحتلال أن يروجها لنفسه أمام العالم بأنه جيش إنساني، وأنه لا يقتل المدنيين ويقوم بتحذيرهم قبل أي قصف، والتي هي عكس الواقع تماما، وفقا له.

ويستنكر الحاج إسماعيل الطناني، والد الشهيد رأفت، الجريمة التي ارتكبها الاحتلال بحق ابنه وعائلته، واصفا إياها بالإبادة.

ويقول أبو رأفت يجب أن يرى العالم أخلاق هذا الجيش الذي يدعي الإنسانية، كيف يقتل الأطفال والمدنيين الآمنين".

ويستذكر الطناني حديث دار مع ابنه قائلا:" رأفت تمنى أن يرزقه الله الشهادة، وتحدث معي قبل يومين من استشهاده عن فضل الشهداء وأجرهم".

ويتابع:"زفيت ابني عريس من منزلي ومعه عروسته وأطفاله إلى الحور العين، وأنا في قمة الفخر والاعتزاز بأن ختم الله حياتهم بالشهادة".

رأفت عاش حياة مادية صعبة جدا، "ففي بعض الأحيان لم يكن يُحصّل 100 شيكل شهريا" من عمله في مجال البناء، وبسبب ذلك لم يكن يملك أي قدرة على شراء منزل وقضى كل حياته بالإيجار، يقول والده.

ويختم أبو رأفت حديثه قائلا:" كانت الظروف الصعبة تمنع رأفت أيضا من دفع ثمن إيجار الشقة التي يسكنها، فكنت أساعده في ذلك، والحمد لله هو الآن يسكن بجوار ربه حيث لا همّ ولا تعب ولا معاناة، وذهب من ظلم العباد إلى رحمة رب العباد".