Menu
التخوين والتكفير وجهان لعملة واحدة

التخوين والتكفير وجهان لعملة واحدة!!

المشترك بين التخوين والتكفير هو رفض ونبذ الآخر من النقيض إلى النقيض بكل قوة، فبالتخوين يتم اعتباره خارجاً من انتمائه الوطني وبالتخوين يتم اعتباره خارجا من انتمائه الديني، وهذا يعتبر شرعنة وإباحة دم هذا الذي يقع عليه وصف التخوين أو التكفير، وهنا تكمن الخطورة عندما تلقى جزافا دون تثبت ودونما الوصول إلى اليقين في الأمر بما لا يقبل الشك بتاتا.

لذلك فقد قال علماؤنا مقولتهم: أن تدخل ألفا في الدين خطأ خير من أم تخطئ في تكفير مسلم. فالمسألة لا تؤخذ بالظن أو حتى الأدلة إذا أحاطت بالمتهم وبقي هناك مجال للشك بأنه بريء فيجب أن يؤخذ بقاعدة أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته. وليس على المرء أن يتهم ويطلب منه إثبات براءته. وكذلك التخوين ليس بالمسألة السهلة لأن الحكم دون يقين له مآلات وعواقب وخيمة أولها ظلم المتهم وأهله وعشيرته، وهذا من شأنه أيضا أن ينزع الثقة من بين الناس وينشر الهوس وسوء الظن والاتهام بالباطل وبالتالي تمزيق النسيج الاجتماعي وإيهان الصف الداخلي.

لقد ظهرت نزعات تكفيرية خطيرة هذه الأيام منذ سبعينات القرن الماضي حيث جماعة التكفير والهجرة التي كفرت المجتمع وكل من لا يسير معها ويتبنى أفكارها، ومن يومها تظهر بين الحين والآخر دعوات تبدأ بالغلو في التكفير وتنتهي بإشاعة القتل وتبني نظرية التوحش وهذا نتاج طبيعي للتكفير كما حدث مع داعش هذه الأيام.

والتخوين كذلك فهو أفضل وصفة لحرب الآخر، فمن خلال النظر إليه عبر نظارة التخوين السوداء تثار الأحقاد وتغلي مشاعر الوطنية الصادقة في الصدور ولكن يتم توجيهها إلى هذا الذي تم تخوينه وإظهاره بصورة من يخون وطنه ويقف في صفوف الأعداء.

لذلك فالتخوين ليس مسألة سهلة ويجوز القول بها جزافا أو بانفعال عرضي أو حالة من انفلات اللسان، فمن يطلق كلمة من شأنها أن تخوّن الآخر دون دليل قاطع فقد ارتكب جريمة كبيرة، فالمسألة في غاية الخطورة ويترتب عليها عواقب وخيمة.

والسؤال ما هي دوافع من يقوم بالتخوين بغير حق أو دليل قاطع؟ وكذلك التكفير؟ لأنهما مشتركان في شطب المختلف معهم، لا يريدان أي شراكة ولا يبحثان عن أي مشترك بينهما أو مصالح أو برامج سياسية يلتقيان عليها، الذي يقوم بالتخوين أو التكفير يعلن بذلك عدم وجود أي إمكانية للعيش المشترك والرغبة الشديدة في الخلاص من الآخر الذي تم تخوينه أو تكفيره..

لذلك فإن من المسلمات في العمل السياسي المشترك لأي شعب يريد أن يصنع لنفسه مستقبلا زاهرا ويريد أن يحافظ ويرعى كل مكونات شعبه ويريد أن يسير قدما نحو غاياته وأهدافه, أن يبتعد عن التخوين والتكفير بعد المشرق عن المغرب. أن من أبجديات السياسة خاصة الفلسطينية التي عانت وتعاني الكثير من الاحتلال ومن نفسها الأمارة بالسوء، وخاصة في مرحلة الانقسام السوداء: هو أن نبتعد عن هذين الوصفين وأن لا يطلق طرف على آخر أي وصف من الوصفين كي تبقى سفن العودة ويبقى المجال مفتوحا للعمل المشترك من جديد.