Menu

إرباك في غلاف غزة

قــاوم_قسم المتابعة/مستوطنات غلاف غزة هي تسمية مستحدثة بعد الانسحاب من غزة عام 2005م، وأطلقها الاحتلال على المستوطنات التي تقع في المدى الدائم لقصف صواريخ المقاومة.

وكأن مهمة المقاومة بعد تطهير غزة من المستوطنات، انتقلت لتستهدف المستوطنات المحيطة بها.

وبمشهد ذكر الصهاينة بجريمتهم في حرب النكبة هرب الآلاف من المستوطنين من مستوطنات الغلاف في نهاية حرب 2014م، عندما أمطرت بالصواريخ.

واليوم يعود المشهد الرمزي مع مسيرات العودة حيث يتجمع آلاف اللاجئين على حدود قطاع غزة، مطالبين بالعودة إلى ديارهم التي هجروا منها.

وبعد عدة أشهر من انطلاق المسيرات، أطلق الشباب "الإرباك الليلي" من أجل الاستمرار في استنزاف الاحتلال بأقل خسائر ممكنة في صفوف المشاركين.

فقد كانت الخسائر الكبيرة التي وقعت منذ انطلاق مسيرات العودة، مادة للنقاش والجدال، وفي حين حاول المتخاذلون استغلالها من أجل إفشال المسيرات، كان هنالك مخلصون طرحوا تساؤلات.

والبعض يتساءل لماذا لا تحافظ المسيرات على طابع "سلمي" دون الدخول في احتكاك مع الاحتلال، والجواب ببساطة لأنها تصبح بلا تأثير فهذا احتلال بلا أخلاق ولا خجل، يجب أن يتضرر حتى يكون لها تأثير.

تأتي فعاليات الإرباك الليلي لتشكل مسارًا جديدًا لاستنزاف الاحتلال، وتوقيتها الليلي يقلل الخسائر في صفوف الشبان، كما أنها تمزج عدة أساليب نفسية (صافرات الإنذار والإطارات المشتعلة) ومادية (تخريب السياج الحدودي).

نقطة قوة "الإرباك الليلي" ومسيرات العودة تكمن في استنزافها للاحتلال نفسيًا وماديًا، لكنها وسيلة استنزاف بطيئة، لهذا فمن الخطأ استعجال النتائج، فالاحتلال لن يقدم تنازلات جوهرية من أجل وقف بالونات العودة أو تخريب السياج.

تمكنت مسيرات العودة من تحويل البالونات الحارقة وتخريب السياج الفاصل وعمليات الاقتحام المحدودة، إلى فعل يومي روتيني، وهذا يشكل خسائر مادية للاحتلال لكن الأكثر تأثيرًا هو الخسائر المعنوية.

استمرار مسيرات العودة يشعر مستوطني غلاف غزة بعدم الأمان، وهذا يردع قدوم مستوطنين جدد، ويعرقل مخططات الاحتلال القديمة من أجل توسيع الاستيطان في النقب وجنوبي فلسطين.

كما أن استمرار المسيرات تشعر الشعب الفلسطيني والعالم بأسره بأن القضية الفلسطينية ما زالت حية وأن مطالبتنا بحقوقنا ليست مجرد أحلام بل هي أمر ممكن.

ومثلما أوضحنا في مرات سابقة فالدخول بمواجهة عسكرية شاملة بين المقاومة ودولة الاحتلال مكلف جدًا، ولا تحتمله غزة في الوقت الحالي، والاستمرار بالهدوء في ظل حصار خانق هو انتحار.

لتأتي مسيرات العودة لتشكل حالة من الضغط الجماهيري على الاحتلال، دون انفجار شامل، إلا أن المطلوب الحذر واتخاذ الاحتياطات حتى لا تقع خسائر كبيرة في صفوف المشاركين، حتى تستمر المسيرات لأطول فترة ممكنة.

وللأمانة يمكن القول أن حجم الخسائر بالنسبة لأعداد المشاركين في انخفاض مستمر، مع زيادة في حجم الأضرار التي تلحق بالاحتلال، فمسيرات العودة خلال الجمعتين الأخيرتين كانتا الأكبر منذ مسيرة 14/5 والتي ارتقى فيها أكثر من 60 شهيدًا، مع ذلك فعدد الشهداء كان محدودًا مقارنة مع الأعداد في الأسابيع الأولى لمسيرات العودة.

فالشبان يتعلمون من أخطائهم ويتعلمون من الميدان متى يتقدمون ومتى يتأخرون ومتى يضربون، مع ذلك مطلوب المزيد من الحذر والتعلم بشكل أفضل من الأخطاء.

ومطلوب أيضًا نقل تجربة مسيرات العودة إلى خارج قطاع غزة، لتوسيع دائرة الاستنزاف، وأيضًا لا يجب استعجال قطف النتائج.