Menu

في تل الرميدة .. الفلسطينيون يعيشون "رحلة رعب" يومية

قاوم - تل الرميدة - تفرض السياسات الصهيونية واعتداءات المستوطنين، ظروفاً حياتية قاسية على الفلسطينيين في حي "تل الرميدة" وسط مدينة الخليل، جنوبي الضفة الغربية المحتلة، وأبرزها المضايقات على التنقل والحركة بين أرجاء المدينة، والتي استحالت إلى "رحلة رعب".

وتمنع القوات الصهيونية سكان الحي الفلسطيني، من الوصول لمنازلهم بواسطة مركباتهم الخاصة منذ سنوات، كما تخضعهم للتفتيش في عدة نقاط عسكرية موجودة في الحي، إضافة لتعرّضهم بشكل متواصل لاعتداءات ومضايقات المستوطنين.

ومنذ اندلاع "انتفاضة القدس" في أكتوبر/تشرين الأول 2015، استشهد في الحي، الذي يقطنه نحو 300 عائلة، 8 فلسطينيين برصاص الجيش الصهيوني ومستوطنيه، بزعم تنفيذ عمليات طعن أو الاشتباه بهم.

الطالبة في مدرسة "قرطبة"، في البلدة القديمة من مدينة الخليل "ساجدة النجار"، تصف معاناتها اليومية خلال الذهاب إلى المدرسة والعودة منها بـ"رحلة الرعب".

"النجار" تقول لمراسل الأناضول، بينما تكون في طريق عودتها من المدرسة إلى منزلها في حي "تل الرميدة": "يوميا يتم إيقافنا على ثلاث حواجز عسكرية خلال رحلتي الذهاب والعودة، ونتعرض للتفتيش عدة مرات، كما يفتح الجنود حقائبنا ويبحثون عن لا شيء بين كتبنا المدرسية".

وتضيف الطالبة، التي تدرس في الصف العاشر الثانوي: "كثيرا ما تتسبب إجراءاتهم (الجنود الصهاينة ) بتأخير وصولنا إلى مدارسنا وبيوتنا".

ولا تقتصر معاناة الطلبة الفلسطينيين في "تل الرميدة" على إجراءات جنود جيش الاحتلال، فكثيرا ما يتعرض المستوطنون الذين يقطنون في ذات الحي لهم بالصراخ والضرب، كما يمنعوهم من الوصول إلى مدارسهم أو منازلهم، وفقاً لما تقوله "النجار".

الطالب في الصف الخامس الأساسي "صلاح محتسب"، يواجه هو الآخر الإجراءات الصهيونية الأمنية يوميا على الحواجز العسكرية".

ويقول "بعد أن قطع أحد الحواجز العسكرية في الحي: “يطلبون منا رفع ملابسنا عن أجسادنا (..) لا أدري لماذا ؟".

ويضيف "لا يقتصر الأمر على هذا، فبينما نحن في الطريق إلى المدرسة اعتدى علينا بعض المستوطنين بالصراخ و الضرب".

وبعد توقف استمر دقائق طويلة على أحد الحواجز العسكرية الصهيونية، تمكن الفلسطيني السبعيني إسماعيل ذيب، من الوصول إلى منزله.

وقبل أن يدخل بيته تحدث "ذيب" للأناضول وعلامات الإرهاق بدت واضحة على وجهه "نمر عبر حواجز عسكرية كثيرة، وأحيانا نمنع من عبورها ونضطر لأن نسلك طرقا أخرى مشيا على الأقدام لمسافة لا تقل عن (3 كلم) من أجل الوصول إلى منازلنا".

ويضيف "نخضع للتفتيش نحن وأمتعتنا بشكل مستمر (..) حولوا حياتنا إلى أكثر من سجن، نتعرض للتعذيب اليومي، ونمنع من البناء، إننا ممنوعون من الحياة".

وتبدو شوارع "تل الرميدة" شبه خالية من المارة، باستثناء بضعة أطفال يلهون قرب حاجز عسكري الصهيوني، كما أن البيوت الفلسطينية في الحي محصنة بشبابيك وقضبان حديدة لحمايتها من حجارة المستوطنين.

وعن ذلك تقول الفلسطينية زهور أبو عيشة، "تتعرض بيوتنا للاعتداء من قبل المستوطنين الذين يرشقوننا بالحجارة".

وتضيف "نسكن هنا منذ عشرات السنين، وهم (الصهاينة) يسعون لطردنا من الحي (..) إننا نعيش حياة ومعاناة لا توصف، وأبناؤنا يتزوجون ويسكنون بأحياء تخضع للسيطرة الفلسطينية، فلا يوجد فتيات تقبل بالعيش هنا في هذه المعاناة اليومية".

أبو عيشة تردف بقولها "أن تعيش هنا يعني أن تكون هدفا للقتل، شاهدنا بأم أعيننا شبان قتلوا برصاص الجيش والمستوطنين".

وقرب منزل أبو عيشة، فتحت الفلسطينية "روان المحتسب" باب منزلها لتدخل طفلها البالغ من العمر خمس سنوات، وتمنعه من الخروج إلى الشارع.

وتقول "المحتسب" للأناضول "منذ عدة أشهر لم أخرج من منزلي (..) ذات مرة أوقفني الجنود على حاجز عسكري وخضعت لتفتيش دقيق، بزعم الاشتباه بي”.

وتضيف "في حال كنت مضطرة للخروج أخرج برفقة زوجي، الحياة هنا تعني التعرض للموت في كل لحظة".

أنور القاضي، صاحب مخبز في حي "تل الرميدة"، يقول للأناضول "أن تعيش هنا يعني أنه من الممكن في أي وقت أن تشاهد ابنك أو أحد أقاربك أو جيرانك مقتولا برصاص الجيش الصهيوني (..) أن تعيش هنا يعني أن تمنع من زيارة الأقارب، ومن العلاج ومن الحياة".

ويستطرد بقوله "يعاملنا الصهاينة كأننا نحمل سلاحا خطيرا، يخضع الصغير والكبير للتفتيش، يمنعوننا عن بيوتنا وأراضينا في كثير من الأحيان".

وبينما يشير "القاضي" إلى خط أحمر رسم قرب منزله، يقول "يمنع الاقتراب من هذا الخط، من يقترب دون موافقة الجنود يقتل، الأسبوع الماضي هنا أمام بيتي قتل فلسطيني، بزعم تنفيذ عملية طعن".

ومنذ بداية أكتوبر/ تشرين الأول 2015، استشهد 8 فلسطينيين في حي تل الرميدة وحده، بحسب مراسل الأناضول، بزعم تنفيذ عمليات طعن.

ويسعى الجانب الصهيوني، بحسب عيسى عمرو، منسق شباب ضد الاستيطان (تجمع شباب غير حكومي)، إلى تهويد الحي، وطرد السكان الفلسطينيين منه.

ويقول عمرو "حي تل الرميدة واحد من أقدم أحياء الخليل، ويعود عمره إلى 7 آلاف عام، يتعرض للتهويد ولسرقة تاريخه، حيث يسكن أكثر المستوطنين تطرفا، ويقيم الجيش الصهيوني في الحي وحده نحو ستة حواجز عسكرية، ومستوطنة، ومعسكرا للجيش".

و"تل الرميدة" نموذج مصغر لما تعانيه البلدة القديمة من مدينة الخليل، ففي وسط البلدة نحو 120 عائق صهيوني، بينهم 20 حاجزا عسكريا، إضافة إلى أن السلطات الصهيونية أغلقت نحو ألف و800 محل تجاري منذ سنوات.

كما يوجود في البلدة ألف شقة سكنية هجرها سكانها بسبب المضايقات والأوامر العسكرية القاضية بإخلاء مساكنهم، بحسب عمرو.

ويسكن في البلدة القديمة لمدينة الخليل 600 مستوطن، يشرف على حمايتهم ألف و500 جندي إسرائيلي.

ولا تخضع مدينة الخليل لاتفاقية أوسلو للسلام الموقعة بين الجانبين الصهيوني والفلسطيني عام 1993.

في العام 1997 تم توقيع اتفاق حول الانتشار الجزئي للجيش الصهيوني في الخليل، وتم تقسيم المدينة إلى قسمين: منطقة H1، والتي تم تسليم السيطرة عليها للسلطة الفلسطينية، ومنطقة H2 التي بقيت تحت سيطرة الجيش الصهيوني ومن ضمنها البلدة القديمة.