Menu

في يوم الأرض... صغار فلسطين يصفعون "بنغوريون" و يقودون المرحلة!

قاوم _ وكالات /

أربعون عاماً مضت على أحداث يوم الأرض التي شهدها عام 1976 فيما لا يزال فلسطينيو الأراضي المحتلة في عام 1948 يواجهون مخططات مصادرة الأراضي والتضييق على قراهم، ومنها مخطط توسيع مستوطنة حريش، الذي تم الكشف عنه في الآونة الأخيرة، وسيأتي على حساب توسعة مناطق نفوذ العديد من بلدات وادي عارة في منطقة المثلث الشمالي.

فقد كشفت لجنة التخطيط والبناء المحلية في وادي عارة إلى جانب المركز العربي للتخطيط البديل عن مخطط جديد لتوسعة مستوطنة حريش، على حساب القرى العربية المحيطة بها، واقتطاع مساحات كبيرة منها تصل إلى 13.410 دونماً من أجل التوسعة المقررة، لمضاعفة مساحة حريش بنحو ثلاث مرات، بما يتيح لها أن تتحول من منطقة بمساحة 7.108 دونمات إلى منطقة بمساحة 20.518 دونماً. ويهدف المخطط الى تحويل حريش من بلدة تم تخطيطها لإقامة 13 ألف وحدة سكنية فيها، تستوعب 58 ألف نسمة، إلى أخطبوط متمدد، يستوعب أكثر من 100 ألف نسمة، فضلاً عن إقامة 25 ألف وحدة سكنية لاستيعاب هذا العدد المقدر من المستوطنين، بحسب ما جاء في بيان "المركز العربي للتخطيط البديل".

مخطط خطير

يقول رئيس مجلس عارة - عرعرة المحلي، مضر يونس، في حديث لـ"العربي الجديد" إن "مستوطنة حريش التي تمت إقامتها لتستوعب 7 آلاف نسمة كما قيل في البداية، وضيّقت منذ إقامتها على البلدات العربية في المنطقة، ستتوسع لتشمل نحو 100 ألف نسمة"، مشدداً على أن "هذا الأمر في غاية الخطورة بالنسبة للبلدات العربية". ويلفت يونس إلى أنّ "المخطط يحاصر قرية أم القطف بشكل خاص، كذلك سيحدّ قرية ميسر المتواجدة جنوبي حريش ويمنع تطورها. كما سيحاصر قرية برطعة وسيحاذي قرية عرعرة، وسيؤثر كثيراً على قرية كفر قرع التي تخطط لإقامة منطقة صناعية وسيؤدي توسيع حريش إلى إجهاض خطتها".

في جانب آخر للقضية، يشير يونس إلى وجود كسارة تحفر بالصخر في المنطقة، "تنشر الكثير من الغبار وتلوث الجو، هي كسارة (فيرد) التي تذهب عائداتها المالية من الضرائب للمجلس الإقليمي منشيه، في حين تطالب بعض القرى العربية المتضررة بحصة من تلك العائدات الضخمة، ولكن في حال توسعة حريش ستذهب عائدات الضرائب إليها، وسيغلق الباب كلياً بوجه العرب، ولن يبقَى لهم إلا الغبار والأجواء الملوثة".

وبينما يؤكد يونس أن "التوسعة المتوقعة لحريش بحسب المخطط، لن تكون باتجاه المستوطنات الأخرى القائمة في المنطقة، بل باتجاه البلدات العربية أي أن تأثيرها هو على العرب"، يوضح أنه "في قرى كفر قرع، برطعة، وبسمة، هناك خرائط هيكلية تم وضعها لتوسعة نفوذ هذه البلدات ستتأثر سلباً". ويضيف: "نحن في عارة وعرعرة مخططنا الحالي لم يتخط المنطقة التي ستتوسع عليها حريش، ولكن برؤية مستقبلية فليس لنا منفذ إلا التوسّع بالاتجاه الذي ستسيطر عليه، وهذا معناه محاصرتنا على المدى البعيد. المخطط سيقتل المنطقة برمتها".

ألفا نسمة مقابل 150 ألفاً

في حين يسكن في مستوطنة حريش أقل من ألفيّ نسمة، هناك أكثر من 150 الف نسمة من العرب في منطقة وادي عارة، لكنهم لا يحصلون على تسهيلات كتلك التي تحصل عليها حريش، مما يشكل مثالاً صارخاً على سياسة الكيل بمكيالين الصهيونية ، يضاف إلى أمثلة كثيرة أخرى.

لا يتوقف الأمر عند هذا الحد، في العام 1993 تم توحيد قريتيّ عارة وعرعرة العربيتين المتلاصقتين بمجلس محلي واحد، بقرار من وزارة الداخلية الصهيونية . ويشير يونسي إلى أنه "بدلاً من توسعة منطقة نفوذهما أو الحفاظ عليها كما هي، على الأقل، تمت مصادرة 4500 دونم منها، أي العملية عكسية في حالة العرب، فحريش ليست بحاجة لهذه التوسعة ولكنها تحصل عليها، ونحن الذين نحتاجها نخسر من أراضينا"، على حد قوله.

ويستدل بالخارطة التي أعدها المركز العربي للتخطيط البديل للقول إن التوسعة المقررة تقتطع أجزاء كبيرة من مناطق نفوذ برطعة، وأم القطف، وتستحوذ على نحو 3000 دونم متاخمة لقرية ميسر من الجهة الشمالية. كما تستحوذ على منطقة كسارة وادي عارة (فيرد) ودار الحنون، وتعبر شارع وادي عارة (65) لتصل الى حدود البناء في كفر قرع حيث تستحوذ على 2500 دونم تقريباً بين شارع 65 وكفر قرع.

ويحد المخطط المقترح من الامتداد الطبيعي للقرى العربية المجاورة، وتطويرها وتوسعتها بشكل كبير، ويتناقض مع أسس التخطيط وحقوق البلدات العربية في ضمان مستقبلها العمراني وتطورها الطبيعي.

وفي السياق، يقول رئيس المركز العربي للتخطيط البديل، حنا سويد، إن "هذا المخطط يأتي على عكس التوجهات المعلنة لوزارة الإسكان ودائرة التخطيط بالعمل لحل أزمة السكن في البلدات العربية، وإتاحة المجال للتطور العمراني فيها".

ويلفت سويد إلى أنه "قبل أسابيع قليلة أقرّ تعديل المخطط القطري تاما 35، وكان هناك تشديدات صارمة على توسيع البلدات العربية في وادي عارة بالتحديد، واليوم يأتي هذا المخطط ليبرهن زيف النوايا المعلنة للهيئات الرسمية، وعدم وجود أي نية حقيقية لحل قضايا الأرض والمسكن في البلدات العربية". ويتساءل: "إذا كان بالإمكان توسيع حريش بنحو ثلاثة أضعاف مساحتها، فلماذا لا يتم توسعة البلدات العربية بهذا الحجم وإعداد مخططات جدية تجيب عن الاحتياجات الحقيقية لبلداتنا"؟

تحذير من المضي بالمخطط

وحول الخطوات التي سيتم اتخاذها، يوضح سويد في حديث لـ"العربي الجديد" أنه "في هذه المرحلة اتُخذ قرار بأن يتم ترتيب لقاء مع وزير الداخلية الصهيونية ارييه درعي لإبلاغه بالمعارضة الكلية للسلطات المحلية العربية التي تمثل المواطنين العرب بالمنطقة لمخطط توسيع حريش على حسابهم وتحذيره من تداعيات ما قد يحدث، وذلك بمشاركة رؤساء السلطات المحلية وممثلين عن البلدات ونواب من القائمة المشتركة في الكنيست". ووفقاً لسويد "سيعقد قريباً اجتماع لرؤساء السلطات المحلية ولجنة التنظيم واللجنة الشعبية في وادي عارة، التي لها تاريخ مشهود في متابعة قضايا الأرض، وسيتم التباحث في الخطوات التي سيتم اتخاذها". كما من المقرر "عرض احتياجات البلدات العربية بشكل رسمي، فضلاً عن خطوات عملية شعبية تظهر في المراحل الأولى احتجاج المواطنين كنوع من التحذير من مغبة المضي في مخطط توسيع حريش". ويتوقع سويد "تداعيات واسعة لهذا المخطط نظراً لحجمه وتأثيره الكبير على البلدات العربية"، مضيفاً: "نحن في المركز العربي سنعمل مع الجميع من أجل إفشاله وضمان حقوق ومصالح البلدات العربية في المنطقة".

تصدٍّ شعبي محدود

من جهته، يوضح رئيس اللجنة الشعبية في منطقة وادي عارة، أحمد ملحم، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "مشروع حريش كُشف من قبل اللجنة الشعبية في عام 2007 وتم عرضه على كل القوى في الداخل، وكان يهدف لضم 28 ألفاً و800 دونم لمخطط حريش – كتسير، أي مخطط يأتي على كل المنطقة، لتحقيق أهداف عدة". ووفقاً لملحم فإن من بين هذه الأهداف "منع توسعة العرب لبلداتهم في المناطق المفتوحة، وخلق توازن ديمغرافي بحسب ما قاله في حينه أريئيل اتياس وزير الإسكان، وثالثاً أن شريحة اليهود الحريديم (المتزمتين) التي سيُأتى بها هي المجموعة الوحيدة التي ستتمكن من منع العرب من رفع أنوفهم بعد العام 2000 وهبة الأقصى، على حد تعبيره". أما الهدف الرابع، فيتمثل من وجهة نظر رئيس اللجنة الشعبية في منطقة وادي عارة، في "التخلص من اليهود الحريديم من بلدات يهودية أخرى والإتيان بهم إلى المنطقة".

ويوضح ملحم: "خضنا نضالاً شعبياً وبالضغط تقلص المخطط من إسكان 150 ألف مستوطن إلى نحو 70 ألف شخص على أن تكون المدينة مختلطة". ويضيف: "في حينه أيضاً تم التراجع عن إقامة المدينة على 28 ألف دونم والاكتفاء بنحو 4300 دونم لتبنى عليها حريش، ولكن هذه كانت خطوة تكتيكية من قبل السلطات الصهيونية للبدء ببناء حريش فعلياً ومن ثم الانقضاض مجدداً على الأراضي كما نرى اليوم".

ولفت ملحم إلى أن "حريش تُبنى وقريباً سيتم تسليم شقق للكثيرين وستكون حريش مدينة. ولكن العودة لضم أراضٍ إضافية لمسطح حريش، بحسب المخطط الجديد الذي تم كشفه، سيعني محاصرتنا". ووفقاً لملحم: "بتنا في مرحلة متأخرة ولا يوجد بين أيدينا على المستوى الشعبي والمهني الكثير من الأوراق، إلا محاولة الاحتجاج الرسمي والتأثير السياسي على وزير الداخلية، من قبل القائمة المشتركة والسلطات المحلية والجهات المهنية. وفي ظل وجود حكومة عنصرية يهودية متطرفة، لسنا متفائلين كثيراً، كما أن الدور الشعبي قد يكون ضعيفاً، إذا لم يكن العمل السياسي في أعلى مستوياته، لكن سنفعل ما بوسعنا".