Menu

"القوائم السوداء".. وسيلة ضغط لإسكات صوت المدافعين عن القدس

قاوم _ وكالات /

لم تتوان سلطات الاحتلال الصهيوني لحظةً واحدة عن فرض إجراءاتها وممارساتها العنصرية والعقابية بحق الفلسطينيين في القدس المحتلة، كوسيلة ضغط عليهم لثنيهم عن الدفاع عن المسجد الأقصى المبارك، وإجبارهم على ترك المدينة لقمة سائغة للمستوطنين واليهود المتطرفين.

وآخر هذه الممارسات، ما كشفت عنه صحيفة "هآرتس" العبرية من إعداد الشرطة وجهاز الشاباك "قوائم سوداء" لفلسطينيين اشتركوا بأعمال مقاومة في القدس، وتحويلها لبلدية الاحتلال بهدف فرض إجراءات عقابية ضدهم، مثل هدم المنازل، الملاحقة الضريبية أو إغلاق محالهم التجارية وغيرها.

وبحسب الصحيفة، فإنه يتضح من القوائم أن معظم الذين وردت أسمائهم فيها هم أشخاص اعتقلوا خلال الشهور الأخيرة على خلفية مشاركتهم في مظاهرات احتجاجية بالمدينة، مشيرة إلى أنه بعد فحص قوائم الأسماء الواردة بالقوائم، فإن موظفي البلدية يشرعون بتفعيل إجراءات الملاحقة ضدهم.

ويرى نشطاء مقدسيون أن الاحتلال يريد من خلال ذلك إخماد الهبة الجماهيرية التي انطلقت بالمدينة منذ استشهاد الفتى محمد أبو خضير في ونيو 2014، والعدوان الصهيوني على قطاع غزة، وكذلك إسكات الصوت الحر المدافع عن القدس والأقصى.

وتعقيبًا على ذلك، توجهّت جمعية حقوق المواطن الثلاثاء إلى المستشار القضائي للحكومة الصهيونية مطالبةّ إياه بالتحقيق الفوري والجاد فيما تداولته وسائل الإعلام حول تسليم الشرطة "قائمة سوداء" لبلدية الاحتلال.

وجاء في رسالة المحامية آن سوتشيو، باسم الجمعية أنه في حال تحقق من صحة الخبر، فإن هذه الخطوات غير قانونية وتدوس على مبادئ الأساس لسلطة القانون، مؤكدة أن "الشرطة لا تملك أي صلاحية وفق القانون لتسليم أسماء مشبوهين لسلطات أخرى، لاتخاذ اجراءات عقابية لا تمت بالشبهات بصلة".

وأوضحت أنه في حال تحقق من الأمر، فإن الشرطة تخل بواجباتها القانونية الامتناع عن تسليم قاعدة بينات لأفراد ومؤسسات غير مخولين للاطلاع عليهم، وذلك استنادًا لقانون السجل الجنائي الذي يمنع تداول او تسليم معلومات منه، وهو يتيح نقل معلومات لسلطات محلية فقط في حال تعيينات لوظائف معينة.

وطالبت الجمعية من المستشار القضائي بإصدار أوامر للشرطة وللبلدية بالتوقف الفوري عن اتخاذ هذه الإجراءات، وبفتح تحقيق جنائي أو إداري ضد المتورطين، وكذلك إلغاء كافة الإجراءات العقابية التي اتخذت حتى اللحظة وفق "القائمة السوداء".

لإسكات الصوت الحر

الناشط المقدسي فخري أبو دياب يقول  إن سلطات الاحتلال تستهدف النشطاء بالقدس بغرض إسكات صوتهم الحر المدافع عن المدينة والأقصى، وإجبارهم على الرحيل وترك المدينة من خلال فرض إجراءات صارمة ضدهم، بالإضافة إلى منع فضح جرائمها بحق السكان.

ويضيف أن" الاحتلال يريد طردنا وزيادة فرض الغرامات المالية علينا، فكل يوم هناك اقتحامات من قبل موظفي البلدية والشرطة لأحياء ومنازل بالمدينة، بهدف تضييق الحياة على السكان، وخاصة الذين يقاومون المحتل وإجراءاته".

و"يدعي الاحتلال أن هؤلاء النشطاء هم من يُحرضون المقدسيين على سياساته وممارساته، لذا يريد التخلص منهم ومحاربتهم بكافة الوسائل، باعتقاده أن ذلك سيقلل من الاحتكاكات والمواجهات بالمدينة ومن مناهضته". وفق أبو دياب

ويتابع "نحن نعاني بشكل كبير من مضايقات وإجراءات الاحتلال، وخاصة الذي يُسمع صوته دائمًا، ويدافع عن مدينته ويواجهون سياساته العنصرية.

ورغم ذلك، إلا أنه يؤكد إصرار المقدسيين على مواصلة دفاعهم عن القدس والأقصى، قائلًا "معنوياتنا ستبقى عالية، وسنواصل دفاعنا عن أرضنا، لأننا نحن أصحاب الحق، وأن الاحتلال يجب أن يزول".

ويستكمل حديثه "سنبذل أغلى ما نملك في سبيل حماية مقدساتنا وأراضينا، فالاعتقال والطرد وهدم المنازل لا يهمنا، ولن نترك المقدسات وأراضي القدس للاحتلال، ويفعل ما يشاء، فهذه ضريبة صمودنا ورباطنا في القدس".

ويرى الناشط المقدسي سامر أبو عيشة أن هذه الخطوة متسلسلة غير منفصلة عما يجري بالمدينة، وخاصة اعتقال الاحتلال مؤخرًا ثمانية نشطاء بتهمة "التحريض على الفيس بوك"، وذلك لمحاولة السيطرة على الهبة الجماهيرية بالمدينة.

ويضيف لوكالة "صفا" أن الاحتلال يتخبط في قراراته وإجراءاته لعدم إمكانيته السيطرة على المواجهات بالمدينة ومنع تزايدها، نظرًا لتميزها بالعمل الجماهيري والفردي.

و"يحاول الاحتلال بكافة الوسائل إخماد تلك الهبة، ولكنه لم ولن ينجح في ذلك، لأنه لا يدرك أن المسألة وجودية، ولا مدى انتمائنا للأرض، وأنه لا يمكننا التخلي عنها مهما كلفنا ذلك من ثمن".

ويوضح أن الإجراءات الإسرائيلية تزيد الضغوطات على المقدسيين، ما يؤدي حتمًا لزيادة وتيرة الاحتكاك والمواجهات، ولانفجار الوضع فيها، مؤكدًا أن تلك الإجراءات لن تمنعنا من مواصلة دفاعنا عن القدس والأقصى، بل تزيد من حدة التصدي للاحتلال.

وسيلة ضغط

ودائمًا ما يفرض الاحتلال إجراءات عقابية بحق المقدسيين، بهدف إبعادهم وكبح جماحهم في الدفاع عن قضيتهم الأولى، وهي قضية المسجد الأقصى، وفق ما يقول رئيس لجنة أهالي الأسرى والمعتقلين المقدسيين أمجد أبو عصب

ويضيف "شاهدنا في الآونة الأخيرة استهداف الاحتلال لعدد كبير من منازل الأسرى المقدسيين ومصالحهم التجارية وأملاكهم، وخاصة بعد أحداث أبو خضير والعدوان على غزة، والعمليات الفدائية التي وقعت بالمدينة".

ويشير إلى أن الاحتلال أصدر عدة أوامر هدم لمنازل أسرى داخل السجون مثل عدنان غيث وناصر الهدمي وغيرهم، وكذلك مصادرة سيارة الأسير عمر الشلبي.

ويسعى الاحتلال لاستفزاز المقدسيين اقتصاديًا لثنيهم عن الدفاع عن الأقصى، كونه تفاجأ بحجم الهبة الجماهيرية بالقدس، ووقوف سكانها مع أهالي غزة والضفة الغربية.

ويحاول استخدام تلك الإجراءات كوسيلة ضغط على المقدسيين، رغم استمراره في حربه واستهدافه لهم منذ سنوات، كما يريد التركيز أكثر على الوضع الاقتصادي واستهداف مصالحهم، كي يُبين للصهاينة أن الأمور في القدس تحت السيطرة.

وترى سلطات الاحتلال أن الاعتقال والقمع غير كافٍ بالمدينة، لذا لابد من زيادة قرارات الهدم حتى يُعاقب العائلة بكاملها وليس الأسير فقط، ولكن هذه الضغوطات من شأنها أن تؤدي لردادت فعل أخرى، وتزيد من حدة الاحتقان، وفق أبو عصب