Menu

حاجز قلنديا.. بوابة "جحيم" ينتظر زوالها

قاوم _ تقارير / إن سألت أي مواطن ممن يعبرون الطريق الواصل بين مدينة رام الله وجنوب الضفة الغربية عن الفاتورة الأصعب والأغلى ثمناً في حياتهم اليومية لأجابك دون تردد "حاجز قلنديا".

فهنا يعلق آلاف المواطنين بشكل يومي بكلا الاتجاهين والسبب "الاحتلال وحاجزه" الذي رسم به كما يرى محللون واقع حدود المدينة المقدسة مع الضفة الغربية عازلاً لها عن باقي القرى والمدن الفلسطينية، وتاركاً خلفه آلام الآلاف وقهر يتجدد كل صباح ومساء.

تتعدد أشكال القهر وبكل الأصعدة فعلى ذات الحاجز ترى الفلسطيني الذي يحمل الهوية الخضراء مع شقيقه الذي يحمل الهوية المقدسية في ذات طابور السيارات الطويل ينتظرون زوال هذا الاحتلال، وفي ذات الطابور الشاب والشيخ والمريض والامرأة والطالب والمحتاج، فلكلٍ من الموجودين حاجة يجعلها الحاجز هباءً أمام أمنية حل لأزمة هذا الحاجز.


الكل الفلسطيني يجمع أن الاحتلال وحاجزه هما السبب فيما آلت إليه الأمور على المعبر من أزمة مرورية خانقة يعيشها المواطن الفلسطيني وإن صح التعبير فهو الشعب الفلسطيني يوماً تلو آخر، منفقاً ماله ووقته وجهده وطاقاته في طابور الانتظار.

الجانب الاقتصادي


لو نظر أحد بعين الفاحص نحو الموارد الضائعة في الأزمة المرورية المستمرة لمدة لا تقل عن أربع ساعات يومياً عبر حاجز قلنديا من وقود وأعمال متعطلة ومواعيد منتهكة فهنا لا تعرف للوقت معنى، وأيضاً يمنع الملل من أن يتسلل للنفوس.

"لا نستطيع حصر الخسائر على الحواجز وخاصة الحواجز الكبرى كَحوارة قلنديا والكونتينر التي تقطع أوصال الضفة الغربية متسببة بخسائر ليست بالقليلة" كان هذا التعليق للناطق باسم وزارة الاقتصاد في محافظة الخليل "عزمي عبد الرحمن".

وتابع عبد الرحمن: "تشكل الحواجز عائق كبير جداً في حركة السيارات سواء التجارية والأفراد، معدمةً بذلك الالتزام بالمواعيد والالتزام بكل شيء كتسليم البضائع والعقود وغيرها وهذا معيق لجميع مجريات الحياة الاقتصادية والمدنية".

وأضاف: "يتفنن الاحتلال من خلال حواجزه بوضع العراقيل أمام المواطن والتاجر الفلسطيني، وبالتالي كافة مجريات الحياة من خلال تشديد اجراءاتها على الحواجز الرئيسية والفرعية المنتشرة كالسرطان في وطننا".

الجانب الاجتماعي والصحي


سيارة اسعاف تستنجد بصفاراتها فتح طريق تكدست بمئات السيارات، وأيضاً عريس وعروسه بليلة زفافهما علقا في الأزمة ليتركا سيارتهما المزينة ويسيران مشياً على الأقدام ليصلا قاعة فرحهما.. وآخر يذهب لزيارة قريبه ولكنه يحتجز في الأزمة فيعود مكتفيا باتصال يعتذر فيه عن الزيارة بسبب الانتظار.

الوكيل المساعد للتنمية الإدارية والتخطيط لوزارة الشؤون الاجتماعية "داوود الديك" فصرح : "تؤثر الحواجز بشكل عام وحاجز قلنديا بشكل خاص على الحياة الاجتماعية في فلسطين بشكل سلبي حيث أدت إلى قطع الأوصال الأسرية حيث أن أي زيارة ينوي الشخص القيام بها لأسرته وعائلته التي يفصل بينهما حاجز قد تستغرق منه ساعات طويلة قبل أن يصلهم وفي طريق عودته كذلك الأمر".

أما وزارة الصحة الفلسطينية فقد سجلت العديد من الوفيات وحالات الولادة نتيجة تأخر سيارات الاسعاف في الوصول للحالات المرضية أو تأخر وصولها للمستشفى بسبب الأزمة الخانقة التي تشهدها المنطقة.

الجانب الأكاديمي

حاولت أن أكتب مقدمة للمعاناة التي يعاني منها طلبة وأساتذة جامعة القدس – أبو ديس خلال مرورهم عبر أزمة قلنديا فعجزت مكتفياً بوصف الطالب مؤمن زيد أحد طلبة جامعة القدس الذي قال  معلقاً على معاناته كطالب فلسطيني في الوصول لجامعته: "ليس من السهل على طالب جامعي أن يتحضر يومياً للذهاب إلى محاضراته قبل أكثر من ساعتين من بدايتها، ليت بعد المسافة وطول الطريق سبباً، بل المنغصات التي يمارسها الاحتلال في أكثر من موقع على نفس السبيل، فمن أزمة حاجز قلنديا إلى مدخل الرام الذي يشهد مواجهات شبه يومية إلى حاجز "جبع" حيث يكمن الاحتلال ﻷي فلسطيني لاعتقاله أو حتى من أجل خلق أزمة غير مبررة".

ويضيف: "بعد عناء طويل في طريق ذهابك وتأخرك عن بعض محاضراتك وبعد زخم دوام طويل، ربما ستودع باب جامعتك الساعة الخامسة لتجد نفسك واقعا في مشكلة أكبر، احتقان مروري على مدخل العيزرية وأزمة خانقة من حزماً إلى جبع يغلق كامل الطريق أمام الفلسطينيين، أما المستوطنين فيسخر لهم طريق طوارئ خاص بهم لتسيير يومهم كالمعتاد، قد تطول بك طريق الإياب لتتجاوز الثلاث ساعات لتصل البيت منهكا وتستعد لنوم قصير لتجهز نفسك في اليوم التالي لمعاناة أخرى ومفاجآت أكبر. ليست مزاحا عندما أرى صديقي يكتب على الفيسبوك غزلا سخريا يقول فيه (عيناك كأزمة قلنديا لا حل لهما)".

 

يشار إلى أن معظم هذه الأزمات مرتبط ببعضه البعض فأزمة قلنديا تنتقل إلى مفترق بلدة الرام شمال القدس وأزمة حاجز جبع ومعبر حزما وطريق الخان الأحمر مما يدلل على حساسية وأهمية أزمة قلنديا على الحياة الفلسطينية.

حلول مقترحة

الناطق باسم المجلس الأعلى للمرور محمد حمدان نفى أن يكون المجلس حدد موعداً معيناً للبدء بخطة الحكومة لإنهاء أزمة قلنديا.

وكان مصدر مسؤول في المجلس الأعلى للمرور رفض الكشف عن اسمه قد كشف قبل أيام أن المجلس الأعلى للمرور وضع خطة لحل أزمة قلنديا بشكل نهائي وبما يخفف من معاناة المواطنين، قدمت لمجلس الوزراء وصادق على تنفيذها خلال اجتماعه أمس، وتتمثل بإحياء طريق مطار قلنديا القديم ( طريق القدس الرئيسية).

ونوه بأن الحكومة ستقوم بإعادة تأهيل الطريق من جديد ليتسنى للمركبات التي تتجه نحو القدس سلكها، فيما يبقى الطريق الحالي لمركبات الضفة الغربية.

وبين أن الطريق يبدأ بعد 100 متر من مفرق سمير اميس بالاستدارة نحو اليمين ومن ثم السير بمحاذاة الجدار الفاصل للوصول الى طريق حاجز قلنديا.

وأشار المصدر، الى ان طاقما من المجلس الاعلى للمرور ووزارة الاشغال يتكون من 11 مهندسا اطلعوا على الطريق الحالي ووضعوا خطة لإعادة تأهيله بشكل جيد.

وأضاف حمدان أن الموازنة لهذا المشروع جاهزة من قبل الحكومة لكن ما يعيقنا موافقة الجانب الاسرائيلي للبدء بالمشروع.

وفي النهاية يبقى المواطن الفلسطيني يكافح للحصول على جزء يسير من حريته، فيا ترى متى تتحقق هذه الأمنيات.