Menu

هل يجوز صيام يوم عرفة الجمعة منفردا ؟

قــــــاوم / قسم المتابعة / صيام يوم الجمعة منفردا نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، ودخلت عليه امرأة من نسائه ، أو دخل عليها ، فوجدها صائمة ، فقال لها : "أصمت أمس؟" فقالت : لا ، قال: " أتصومين غدا؟" قالت : لا ، قال :" فأفطري" . ، لكن إذا صادف يوم الجمعة يوم عرفة مثلا ، وصامه وحده فلا بأس ، لأن هذا الرجل صامه لأنه يوم عرفة ، لا لأنه يوم جمعة ، وكذلك لو كان عليه قضاء من رمضان ، ولا يتسنى له الفراغ إلا يوم الجمعة ، فإنه لا حرج عليه أن يفرده ، لأنه أفرده لم يفرده لأنه يوم جمعة ، ولكنه أفرده لأنه يوم فراغه ، وكذلك لو صادف يوم الجمعة يوم عاشورا فصامه فإنه لا حرج عليه أن يفرده ، لأنه صامه لأنه يوم عاشوراء ، لا لأنه يوم جمعة ،ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : "لا تخصوا يوم الجمعة بصيام ، ولا ليلتها بقيام" فنص على الخصوصية ، أي على أن يفعل الإنسان هذا لخصوصية يوم الجمعة وليلة الجمعة] .
انتهى من" سؤال على الهاتف " شريط "282".الشيخ العلامة ابن عثيمين.

أما يوم السبت:

قد اختلف العلماء فى إفراد صوم السبت تطوعا، والتفصيل أنه جاء الحثُّ على صيام ستة أيام من شوال فى الحديث الذى رواه الإمام مسلم بسنده المتصل عنْ عُمَرَ بْنِ ثَابِتِ بْنِ الْحَارِثِ الْخَزْرَجِىِّ عَنْ أَبِى أَيُّوبَ الأَنْصَارِىِّ - رضى الله عنه - أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: « مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ ». وجمهور العلماء على استحباب صوم هذه الأيام المباركة حتى يتم الأجر ويحصل الفضل. وصوم السبت مع غيره من الأيام كالجمعة قبله أو الأحد بعده جائز بلا كراهة؛ لأنه لم يرد نص بالمنع.

أمَّا إفراد السبت بصيام التطوع فإنَّ العلماء اختلفوا فى هذه المسألة، ومستند الخلاف الحديث الذى رواه أصحاب السنن وأحمد عن عبدِ الله بن بُسْر المازنى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تَصُومُوا يَوْم السَّبْت إلا فيما افتُرِضَ عليكم» والكلام فى هذا الحديث ينصب على سنده ومتنه.

أما سنده فمحل خلاف بين العلماء، فالإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة كذَّب هذا الحديث، ومن العلماء من ضعفه، ومنهم من قال بنسخه، ومنهم من حسَّن إسناده.

قال العلامة ابن القيم فى زاد المعاد: فقال مالك رحمه الله هذا كذب يريد حديث عبد الله بن بسر ذكره عنه أبو داود، قال الترمذي: هو حديث حسن، وقال أبو داود: هذا الحديث منسوخ، وقال النسائي: هو حديث مضطرب، وقالت جماعة من أهل العلم: لا تعارض بينه وبين حديث أم سلمة؛ فإن النهى عن صومه إنما هو إفراده، وعلى ذلك ترجم أبو داود، فقال: باب النهى أن يخص يوم السبت بالصوم وحديث صيامه إنما هو مع يوم الأحد، قالوا: ونظير هذا أنه نهى عن إفراد يوم الجمعة بالصوم إلا أن يصوم يوماً قبله أو يوماً بعده. اهـ

أما عن متنه، فإن الحديث قد صدِّر بأداة نهى والعلماء على أن النهى هنا ليس للتحريم وإنما نهى للتنزيه، قال الإمام الطيبى فى الكاشف عن حقائق السنن: واتفق الجمهور على أن هذا النهى والنهى عن إفراد الجمعة نهى تنزيه وكراهة لا تحريم. ا.هـ

وقد قسَّم الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله – فى مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين « أحوال صيام يوم السبت، وبين حكم كل حالة ـ قال رحمه الله: وليعلم أن صيام يوم السبت له أحوال:
الحال الأولى: أن يكون فى فرضٍ، كرمضان أَدَاءً، أو قضاءً، وكصيام الكَفَّارَةِ، وبدل هدى التَّمَتُّع، ونحو ذلك؛ فهذا لا بأس به ما لم يخصه بذلك مُعتَقِدًا أن له مزية.

الحال الثانية: أن يصوم قبله يوم الجمعة؛ فلا بأس به.
الحال الثالثة: أن يُصَادِف صيام أيام مشروعة؛ كأيام البيض، ويوم عرفة، ويوم عاشوراء، وستة أيام من شَوَّال - لمن صام رمضان - وتسع ذى الحجة؛ فلا بأس؛ لأنه لم يصمه لأنه يوم السبت، بل لأنًّه من الأيام التى يُشْرَع صومها.

الحال الرابعة: أن يُصادِف عادةً، كعادة من يصوم يومًا وَيُفْطِر يَوْمًا فَيُصَادِف يوم صومِهِ يوم السبت؛ فلا بأس به، كما قال النبى صلى الله عليه وسلم لما نهى عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين: «إلا رجلاً كان يصوم صوما فليصمه»، وهذا مثله.

الحال الخامسة: أن يَخُصَّهُ بصوم تَطَوُّع؛ فيفرده بالصوم؛ فهذا محل النَّهى إن صَحَّ الحديثُ فى النهى عَنْهُ «. انتهى.

أما شيخ الإسلام ابن تيمية ـ قدس الله سره ـ فقد رجَّح عدم كراهة إفراد السبت بالصوم تطوعا، قال فى الفتاوى الكبرى: ولا يكره إفراد يوم السبت بالصوم ولا يجوز تخصيص صوم أعياد المشركين ولا صوم يوم الجمعة ولا قيام ليلتها.ا.هـ وهذا الرأى أيضا رواية عن أحمد ومستند العلماء حديث أم المؤمنين أم سلمة رضى الله عنها قالت: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم يوم السبت والأحد أكثر ما يصوم من الأيام ويقول: إنهما يوما عيد للمشركين فأنا أحب أن أخالفهم ) رواه أحمد وابن خزيمة وابن حبان فى صحيحهما.

قال الأمير الصنعانى فى سبل السلام:

وعن أم سلمة رضى الله تعالى عنها، {أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أكثر ما يصوم من الأيام يوم السبت، ويوم الأحد، وكان يقول : إنهما يوما عيد للمشركين، وأنا أريد أن أخالفهم } أخرجه النسائي، وصححه ابن خزيمة، وهذا لفظه فالنهى عن صومه كان أول الأمر حيث كان صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب ثم كان آخر أمره صلى الله عليه وسلم مخالفتهم كما صرح به الحديث نفسه، وقيل : بل النهى كان عن إفراده بالصوم إلا إذا صام ما قبله أو ما بعده . وأخرج الترمذى من حديث عائشة قالت { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من الشهر السبت والأحد والاثنين ومن الشهر الآخر الثلاثاء والأربعاء والخميس } وحديث الكتاب دال على استحباب صوم السبت والأحد مخالفة ؛ لأهل الكتاب وظاهره صوم كل على الانفراد والاجتماع. اهـ

الخلاصة:
الذى نرجحه فى هذه المسألة هو جواز إفراد صوم السبت فى شهر شوال؛ لأنَّ صيام السبت وافق صيام أيام مشروعة، لأنَّ القصد حينئذ هو صيام أيام شوال لا صيام يوم السبت هذا إن صَحَّ الحديثُ فى النهى عَنْهُ كما قال ابن عثيمين رحمه الله.