Menu

أم سامر وحيدة على مائدة الإفطار مجدداً

قــــاوم / قسم المتابعة / "الله أكبر على كل من حرمني أولادي" رددتها أم سامر بحرقة ما أن سمعت آذان المغرب وهي تجلس وحيدة على مائدة الإفطار في أول يوم من شهر رمضان.
ولم يبق لأم سامر العيساوي (66 عاما) سوى الصلاة والقرآن والدعاء تستأنس بهم في إحياءها لليالي شهر رمضان الفضيل بعدما سلب منها الاحتلال الإسرائيلي تارة أخرى قرة عينها سامر ومهجة قلبها شيرين ومحبوبها مدحت بإعادة اعتقالهم.
وتقول "الحزن والظلم شعور لا يوصف بكلمات وهو ما يلازمني منذ 26 عاماً؛ أشتاق لأن أجتمع مع أولادي كلهم على سفرة واحدة في رمضان أو أراهم في أحضاني يوم عيد".
وتضيف "لكن في كل رمضان وعيد يكون واحد أو اثنين أو ثلاثة مغيبين في السجون، والحسرة تأكل قلبي وقلب والدهم في كل مناسبة".
ولكن أم سامر كانت قد أخذت وعدًا على نفسها بأن تزين كل الأشجار المحيطة بالمنزل بالأضواء والفوانيس في رمضان هذا العام احتفاءًا بوجود سامر الذي لطالما غيبته السجون عنها.
وتتابع "جهّز لي سامر خيمة فوق سطح البيت لنقضي فيها جلساتنا برمضان وأنا ورغم غياب اثنين من أولادي كنت أنوي تزيين الأشجار حول بيتنا وأحولها إلى جنة لأني فرحة برمضان مع سامر، لكن وفي اللحظة الأخيرة أخذوه مني مرة أخرى".
واعتقلت قوات الاحتلال الصهيوني في الاثنين الماضي المحرر سامي بعد اقتحام منزله في بلدة العيساوية شمالي القدس المحتلة، وذلك بعد الإفراج عنه في الـ23 من ديسمبر الماضي بعد خوضه أطول إضراب عن الطعام امتد لـ270 يومًا احتجاجًا على إعادة اعتقال عقب الإفراج عنه ضمن صفقة "وفاء الأحرار" عام 2011.
وتردد الأم بصوت مهتز "ما لحقت أفرح في سامر ولا أزين الشجرة ولا أجلس في الخيمة، وجاء رمضان كباقي الأعوام السابقة لكن الجميع غائب هذه المرة".
ومضى اليوم الأول من رمضان بأجواء كئيبة وأم سامر تلازم منزلها، بينما والده الذي يعاني من مرض القلب انهار لغياب أبناءه واستسلم لفراش المرض.
ومددت محكمة صلح الاحتلال في القدس المحتلة في اليوم الأول من رمضان اعتقال الأسير سامر حتى مطلع يوليو المقبل.
لقاء شيرين

وفي اليوم الثاني من رمضان، انطلقت والدة العيساوي نحو المحكمة لتشهد جلسة لابنيها شيرين ومدحت، متلهفة لعودة واحد منهما ليقضي معها رمضان سيما وأنها أبلغت بأن الحكم على شيرين سيكون "الحبس المنزلي".
لكن الأم تفاجأت بتأجيل القاضي لمحاكمة شيرين 4 أشهر أخرى وانهارت وأجهشت بالبكاء وهي تحاول أن تسترق نظرة إلى وجه ابنتها وأفراد الأمن حولها، لتناديها بصوت عالي "شيرين يا أمي أنتي صائمة".
وأجابتها شيرين بسرعة البرق وقبل أن تختفي عن أعينها بفعل سرعة اقتياد الأمن لها : "نعم يا أمي أنا صائمة، لكني لم أتناول منذ بدء رمضان سوى كأس ماء".
وغيّبت أقبية سجن "هشارون" الاحتلالي المحامية شيرين بعد اقتحام المنزل واعتقالها وشقيقها مدحت في السادس من مارس الماضي.
وكما تقول الأم "كيف أقبل على الطعام وأبنائي في الزنازين؛ شيرين التي كانت تعينني في المنزل وتسندني غابت، وهي من كانت تجهز لسفرة الإفطار والسحور وتحاول أن تخلق أجواء حلوة لتنسيني مرارة غياب إخوانها".
أمل باللقاء

"أحن إلى ضحكات سامر وذهابه إلى الصلاة دائمًا في المسجد الأقصى وعودته لي مرة أخرى، وأحن لشيرين الحنونة التي كانت تخفف عني غياب غيرها، ومدحت الهادئ الملتزم"، تردد أم العيساوي باكية.
وتستحضر أكثر ما تحبه فيهم برمضان "كانوا يذهبوا للصلاة وأثناء عودتهم يحضروا أكلات ومشروبات رمضان ويقولوا لي: بدنا تجهزي هالأكلة من ايديكي على الإفطار يا غالية".
ولكن الاحتلال سلب أم سامر طلة أبنائها بعدما تعبت وعانت سنوات طويلة في تربيتهم حتى أحسنت أخلاقهم، وهي تقول عنهم "أولادي متواضعين قلوبهم رقيقة يحبون الناس ولا أزكيهم على أحد لكن هذه تربيتي لهم".
وتتابع "اعتقلوهم ظلماً وعدواناً وكبرت أنا وأبوهم ونحن ننتظر أن يجتمعوا ويبقوا معنا دون أن يعودوا للسجون مرة ثانية".
وعادت للتكبير مرددة "لكن الله أكبر على الجميع والسجن لا يغلق بابه على أحد للأبد؛ وسيأتي اليوم الذي نعيش حياتنا فيه بسلام وكما نريد".