Menu

الأسرى يخوضون معركة أدمغة لتهريب وإخفاء الجوالات

قــــــاوم / قسم المتابعة / أبدع الأسرى في سجون الاحتلال في تهريب الهواتف المحمولة "الجوال" عبر عدة طرق، ما اضطر مصلحة السجون الصهيونية لتشكيل وحدة خاصة لمتابعتها بعد أن أربكت حسابات الأجهزة الأمنية.
وشكَّل الجوال حلقة وصل بين الأسير والعالم المعزول عنه، فساهم بإحداث نقلة نوعية أتاحت المجال للتعرف على حياة الأسرى وتفاصيل حياتهم اليومية.
وتختص مجموعة صغيرة وسرية من بين الأسرى في إخفاء الهاتف وتحديد الموعد المناسب لإخراجه، وتخوض صراعاً كبيراً مع الاحتلال الذي يلاحقهم في كل لحظة.
والأسير المحرر عبد الرؤوف إنجاص (35عاماً) كان أحد أركان هذه المجموعات التي أبدعت طرقاً عديدة لتهريب الجوالات وإخفائها عن أعين السجانين وتعليم بقية الأسرى عليها.
ولم تمض 48ساعة على خروج انجاص من العزل الانفرادي وتحويله إلى السجن، حتى تمكن من الاتصال بأهله عبر جوال مهرب، ليخوض بعدها "معركة الاتصال والإخفاء" خلف أسوار السجن مثلما يُعرِفها الأسرى المحررون.
وسجل من خلف الأسوار انتصاراً أكبر عندما تمكن من مشاركة أهل قريته خربثا بني حارث شمالي مدينة رام الله حفل زفاف شقيقه الأصغر بالصوت والصورة.
وانجاص الذي بدأ حياة جديدة في قطاع غزة، اعتقلته قوة إسرائيلية خاصة من داخل جامعة أبوديس في القدس المحتلة عام 2003, حيث كان يدرس برمجة كمبيوتر في السنة الثالثة، وصدر بحقه حكم بالسجن لمدة 30عاما، لكنه تحرر في صفقة وفاء الأحرار أواخر عام 2011م.
ويسرد المحرر مشهداً لاقتحام الوحدة الإسرائيلية الخاصة "درور" للسجن الذي كان يتواجد به للبحث عن الهواتف، ويقول: "طلب مني الجندي إخراج الهاتف بعد أن فتشوا كل ما في الغرفة حتى القلم الذي نكتب به، فقلت له لا أعلم، وفي المرة القادمة سنجعلكم تبحثون عنه في ذرّات الهواء المتطايرة".
وأضاف "خرج الجنود بعدما غيروا معالم الغرفة، وبقي الهاتف الذي بحثوا عنه بمخبئه، وشكرنا الله أن أبعد عيونهم عن ذلك الجهاز الذي يوصلنا بالعالم الخارجي".
ووحدة "درور" التي تأسست عام 2010 تتميز بأنها ذات صلاحيات مفتوحة وشكلها الاحتلال لقمع الأسرى والتفتيش عن الهواتف.
وأسرى حزب الله هم أول من أدخل الهواتف إلى السجون منتصف التسعينيات، ولكنها وصلت للأسرى الفلسطينيين في بدايات انتفاضة الاقصى2000، وفق انجاص.
واستفاد الأسرى من الهواتف في التنسيق بين السجون لاتخاذ الخطوات الموحدة كالإضراب عن الطعام، فضلا عن قضايا الشأن الداخلي، وأخرى تهمهم بشكل مباشر لا سيما صفقة وفاء الاحرار التي استطاعوا فرض خطوط حمر لها وإضافة بعض أسماء الحالات الإنسانية وهذا ما تم بالفعل.
طرق التهريب

وكانت بدايات عمليات التهريب تتم عبر الشباك الحديدي الذي كان يفصل بين الاهل والأسير عن زيارته، وبعد انكشاف الأمر أقامت مصلحة السجون جدارا زجاجيا بدلا عن الحديدي.
ولكن الأسرى تمكنوا من التهريب عبر وسائل اخرى منها ما تم كشفه من مصلحة السجون ومنها ما بقي سرا حتى الان.
ويقول انجاص "أوجدنا طرقًا يعجز اللسان عن وصفها، لا نستطيع الافصاح عنها كلها،ويوضح أنه في أحدى المرات تم إدخال 17جوالاً في آن واحد، فيما بلغ العدد الإجمالي للجوالات المهربة بذطريقة اخرى نحو 31جوالاً.
ومن طرق التهريب، تقديم رشوة إلى سجانين لإدخال جوال قد تصل تكلفته ل50ألف شيكل، وقد كشفت مصلحة السجون هذه الطريقة وقدمت للمحكمة العسكرية الصهيونية الكثير من جنودها وضباطها الذي ساعدوا في هذا الأمر.
ويوضح انجاص أن جميع الطرق الذي ذكرت وغيرها من وسائل التهريب كشفتها مصلحة السجون الصهيونية .
فيس بوك

وبعدما تمكن الأسرى من نسج حلقات وصل بين العالم الخارجي، انتقل الأسرى للتواصل في الفضاء الالكتروني عبر التسجل بموقع التواصل الاجتماعي "الفيس بوك" من داخل السجن، كما فعل إنجاص وآخرون لحتى الآن يتواجدون بأسماء وهمية على العالم الافتراضي.
وكثيرة هي التحديات التي تواجه الأسرى لإجراء اتصالاتهم، كتركيب أجهزة تشويش تبث ترددات تعكس ترددات الجوالات أو عمليات التفتيش المفاجئ التي قد تستمر لأسبوع وبشكل دقيق.
ويروي إنجاص شيئا من حكاية التحدي "كان جهاز التشويش منصوبا قرب غرفة الأسير المحرر محمد دخان، فلف كمية كبيرة من ورق الصحف وأغرقهم بالزيت، ومدها نحو الجهاز، مما أدى إلى حرقه بعدما أشعل النار في طرف الورق".
ويشترط في مخبأ الجوال ألا يكون في جسم متحرك، وعدم تكرار المخبأ في السجون الأخرى، وسهولة وسرعة إخفائه عند عمليات التفتيش.
واعتادت وحدات التفتيش الصهيونية تقسيم غرفة الأسرى إلى مربعات صغيرة يتكفل كل جندي بالبحث عن الجوال داخل الباطون المسلح"، كما يشير إنجاص.
ويستذكر أنه في إحدى غرف سجن ريمون بقسم3 اكتشفت إدارة السجون مخبأ الجوال داخل الباطون المسلح لسقف الغرفة، مما أجبر الإدارة على تفريغ القسم بشكل كامل وإعادة بنائه.
ويضيف "عبر الجوال تمكن الأسرى من معرفة أسماء المنوي الإفراج عنهم بصفة شاليط، وإذاعتهم على الإعلام قبل أي مصدر آخر، من خلال اتصالهم المباشر بقيادة الحركة فور إعلان خبر اتمام الصفقة"، متابعا "هل تعلم أن المسؤول الأمني لسجن ريمون حصل على قائمة الأسرى المحررين منا"؟.
وفي أخر الأيام قبل الإفراج عنه، جهز إنجاص عدة أجهزة شحن خاصة ببطارية الجوال، مذكرا الأسرى بتقنيات تصليحه وإخفائه.