Menu

26 عاماً على إنتفاضة الحجر .. ذكرى خالدة وأحداث تتجدد

خاص/ صوت المقاومة / قاوم/ انتفاضة الحجارة، مصطلح خالد في ذاكرة الفلسطينيين بل في ذاكرة العالم أجمع، ثورة اندلعت من استخدام الحجارة في التعبير عن رفض المحتل، ومن هنا جاءت التسمية، الانتفاضة التي انطلقت شرارتها في الثامن من ديسمبر كانون الأول عام 1987م سرعان ما تطورت إلى استخدام السلاح الأبيض ومن ثم للعمل العسكري الذي لا يتعدى إطلاق النار من عدة بنادق كانت بحوزة التنظيمات العسكرية، الشرارة انطلقت من مخيم جباليا بقطاع، غزة ثم انطلقت إلى كل مدن وقرى ومناطق ومخيمات فلسطين .

 شرارة الانتفاضة

 قبل ستة وعشرين عامًا من الآن اشتعلت شرارة الانتفاضة الفلسطينية الأولى ذلكَ المظهر الثوري الأول في العالم الذي اتخذَ من الحجر رمزا له، فأطلق عليها بجدارة "انتفاضة الحجارة".

 فلقد فجرت الانتفاضة بركاناً من الغضب الشعبي العارم بعد مرور أربعين عام على الاحتلال، وعبرت عن طاقة مكبوتة كانت تنتظر لحظة انبلاجها، فصارت التضحية منهج حياة يعبر عن رغبة جامحة في الانعتاق من نير الاحتلال.

 لقد قرر الشعب الفلسطيني أن يضع حداً "للإهانة"؛ إهانة المحتل لأبناء شعبنا بكافة فئاته وشرائحه الاجتماعية. فخرجت الجموع منفلتة من عقاله، وكأنها تُسدل الستار على مرحلة من "التيه" الوطني الذي أصابها على مدى عقود، واستجمعت كل قواها واستلهمت كل مكوناتها المعنوية، ليعلن الشعب بشكل واضح وصريح رفضه القاطع للاستمرار في حالة الرزوخ تحت خط القهر، وليقذف بنفسه في آتون معركة غير متكافئة مع المحتل، الذي استمرأ القتل والتعذيب والاعتقال وسياسة "تكسير العظام".

 تلكَ الانتفاضة التي أشعلَ فتيلها إستشهاد 4 عمال فلسطينيين في مدينة جباليا بعدَ أن تعمدَ سائق شاحنة صهيونية اعتراض طريقها عمدا، وفي تشييع جنازة العمال الأربعة ألقى المشيعون حجارتهم على قوات الاحتلال الصهيوني الذين كانوا في موقع عسكري بمدينة جباليا، ما دفعهم إلى طلب دعم عسكري لم تستجب له القوات العسكرية العليا الصهيونية .

 يوم واحد يفصل بينَ امتناع العسكر عن الإمدادات واحتشاد الناس في تظاهرات كبيرة اجتاحت شوارع القطاع الساحلي ما دفع الجيش الصهيوني إلى محاولة تفريقهم بالقوة, الأمر الذي فاقم الحدث واندلعت الانتفاضة.

 ولم تكن انتفاضة الحجارة عفوية إلا في موعد اندلاعها، وفي تفاصيل المواجهات اليومية مع جيش الاحتلال في شوارع وأزقة المدن والمخيمات؛ فقد كانت الأرض تختمر منذ سنوات وترتوي بعرق المناضلين. لقد كانت المعضلة الكبرى للثورة الفلسطينية هي أنها ثورة تم استنباتها خارج الأرض الفلسطينية، وكانت النتيجة الحتمية –بفعل المؤامرات والتدخل الأمريكي- أن خرجت القوى الثورية من كل دول المواجهة المباشرة المحيطة بدولة الاحتلال. من هنا جاءت الحاجة المُلحّة لنقل المعركة إلى الداخل المحتل، حيث الجماهير العريضة الحامية للثورة.

 الحجر مازال خيار الشعب

لن ينتهي دور الحجر في تاريخ الصراع الفلسطيني الصهيوني بإنتهاء إنتفاضة الحجارة , فقد ظل الحجر السمة البارزة في مواجهة الشباب المنتفض لجيش الاحتلال الصهيوني في الضفة المحتلة وفي ظل الظروف الصعبة التي تعيشها مدن الضفة بسبب سيطرة جيش الاحتلال بشكل محكم عليها بالإضافة لعمليات التنسيق الأمني التي حالت دون تمكن الشباب الفلسطيني من تطوير قدراته في مواجهة العدو الصهيوني .

 وفقا إعلام العدو باتت مدن الضفة المحتلة أشبه ببرميل بارود يتدحرج لينفجر، وصولا إلى انتفاضة ثالثة على غرار انتفاضة الحجارة الاولى، مشيرة إلى تصاعد العمليات الفردية بشكل ملحوظ خلال الفترة الماضية بالضفة والقدس.

 وسرد إعلام العدو أبرز العمليات التي جرت في الضفة مؤخرا، وأبرزها مقتل أربعة صهاينة  على يد فلسطينيين، إضافة إلى كثافة في عمليات إلقاء الحجارة و الزجاجات الحارقة . وعادت لتصف الوضع هناك بأنه "جو من العنف يخيف سكان المستوطنات".

 وتطرق إعلام إلى حادثة "غوش عتصيون" الأخيرة التي نجى فيها مستوطن وزوجته من الموت بعد إلقاء فلسطيني زجاجة حارقة على سيارتهم بشكل مباشر. وربط إعلام بين كيفية هذه العمليات من حيث الشكل والمضمون وبين العمليات الفردية التي كان يقوم بها شباب الإنتفاضة الأولى والتي انطلقت شرارتها عام 1987 .

 وأوضحت تحليلات خارجة من داخل الكيان الصهيوني أن الأشهر الأخيرة شهدت أيضًا زيادة في الجرأة لدى الأطفال الفلسطينيين بإلقاء الحجارة، مشيرةً إلى أن حافلات المدراس الصهيوينة تتعرض كذلك للرشق بالحجارة.

 وأكدت أن الأحداث مستمرة بالضفة، وأن طرقها باتت غير آمنة. وأضافت تلك التحليلات إن: "حالة غياب الأمن على طرق الضفة المحتلة ، دفعت المستوطنين من الخروج بعد حلول الظلام من داخل مستوطناتهم ".

 واختتمت تحليلات العدو بأنه رغم العمليات الواسعة التي تقوم بها الشرطة الصهيونية ، إلا أن ما يجري يشير إلى بداية انتفاضة ثالثة في حال استمرار الأحداث الجارية.