Menu
الاحتلال الصهيوني كيان يهتز وفكرة الزوال تراود نصف الصهاينة

الاحتلال الصهيوني كيان يهتز وفكرة الزوال تراود نصف الصهاينة

قــاوم – قسم المتابعة : ترسم المواقف الصادرة عن كبار المسؤولين الصهاينة وتلك التي يعبّر عنها الفلسطينيون بمعظم شرائحهم صورة تعبر عن زاوية معينة لمستقبل قضية فلسطين، لا سيما في الذكرى الخامسة والستين للنكبة وإعلان إنشاء ما تسمى "إسرائيل" على أرض فلسطين. فمن جهة؛ يصرح الصهاينة علنًا، وعلى لسان كبار مسؤوليهم، أن الكيان الصهيوني يتعرض لتهديدات تُعد الأكبر في تاريخ إنشائه، وأن وجوده أصبح "في خطر غير مسبوق"، ومن جهة أخرى تجد الفلسطينيين في الداخل والخارج يعبّرون عن واقعهم بلسان حال "هلّت بشائر العودة .. وبدأت مرحلة تحرير فلسطين". المتتبع للتصريحات الصادرة عن المسؤولين الصهاينة بدءًا من الرئيس الصهيوني ورئيس وزرائه مرورًا بالوزراء ورئيس الكنيست والنواب الصهاينة وانتهاءً بالشارع الصهيوني نفسه، يجد منذ سنة مضت أن الحديث تركز بشكل غير مسبوق عن فكرة "وجود "إسرائيل" من عدمه في المستقبل"، في ظل ما تعيشه المنطقة من تحولات سياسية، وما تشهده من تصاعد لقوة فصائل المقاومة الفلسطينية تحديدًا.. فلم يبق خط أحمر صهيوني وإلا وتم المساس به. والراصد للمواقف الشعبية والفصائلية الفلسطينية في الوقت ذاته؛ يجد فيها تقدمّا يرافقه تعبير عن تطلّع لـ "التحرير"، ليس حدود الـ 67 .. بل إن الحديث عن تحرير فلسطين التاريخية أصبح يحمل معنى الـ "قاب قوسين أو أدنى"، ليس ذلك فقط؛ بل إن الأمر تحوّل لتصريحات فلسطينية تقول إن زمن بدء الاحتلال بالعدوان قد انتهى وقد أصبح الفلسطينيون يحددون زمن هجومهم ضد الاحتلال من أجل تحرير الأراضي المغتصبة منذ أكثر من ستة عقود. يرى الدكتور عبد الستار قاسم المحلل السياسي الفلسطيني وأستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح أن الكيان الصهيوني فقد اليوم المقومات الإستراتيجية لبقائه، وأصبح كيانًا غير قابل للحياة، بفعل عدة عوامل داخلية تسببت بتحولات في المجتمع الصهيوني وعوامل أخرى خارجية. نصف الصهاينة يخشون زوال دولتهم لعل استطلاع الرأي الذي أُجري في نهاية شهر أيلول (سبتمبر) 2012، ويشير إلى أن أكثر من نصف الصهاينة يخشون زوال الدولة العبرية في حال تورّطها في حرب إقليمية قادمة، يعطي مؤشرًا مهمًا حول المزاج العام للصهاينة، لا سيما وأنه قد يفسّر جانبًا من تصاعد الهجرة العسكرية إلى خارج فلسطين. وبحسب الاستطلاع الذي أجرته جامعة تل أبيب ونشرته صحيفة /هآرتس/ العبرية؛ فإن الغالبية العظمى من الصهاينة تتوّقع نشوب حرب قريبة مع طهران، في الوقت الذي يخشى فيه نصف سكّان الكيان الصهيوني على "وجود "إسرائيل" بشكل كبير"، انطلاقاً من قناعتهم بأن نزاعاً مع إيران من شأنه أن "ينهي الوجود "الإسرائيلي" في المنطقة". وتقول الصحيفة ذاتها إن النتائج التي أفضى إليها الاستطلاع "مفاجِئة ومُقلقة" بالنسبة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي ادعى بأن ضربة وقائية على المنشآت النووية الإيرانية قد تكون ضرورية لمنع طهران من إنتاج قنبلة ذرية. لكن نتنياهو عاد ليؤكد قلقه على "وجود" الكيان الصهيوني، ليقول في الرابع عشر من نيسان (إبريل) 2013 "إن "إسرائيل" تتعرض لتهديدات لمحوها من الوجود"، واصفًا تلك التهديدات بأنها "تُعد الأكبر بالمقارنة مع الفترات الماضية"، معُلنا أن إستراتيجيته الأولى في الحكومة ستكون "ضمان مستقبل إسرائيل". الأمر ذاته حذّر منه رئيس "الكنيست" (البرلمان) الصهيوني (سابقًا)، رؤوفين ريفلين، واعتبر أن ثلاث مخاطر تهدد وجود الكيان الصهيوني، معتبرًا إحدى هذه المخاطر "فقدان ثقة الجمهور الصهيوني بالأجهزة السياسية". وقال ريفلين: "إن فقدان ثقة الجمهور بالأجهزة السياسية يشكل خطراً وجودياً لا يقل خطورةً عن التهديد الإيراني أو خطر الانهيار الاقتصادي". ونبه تحديداً إلى "خطر انتشار الآراء التي تدَّعي تحديد أجندات الوزراء والمسؤولين الحكوميين بناء على العلاقة بين رأس المال والحكم". بداية الانحدار ويوضح قاسم في تصريحات خاصة لـ "قدس برس" تحول الكيان الصهيوني مما أسماه بمرحلة "التأسيس" نحو مرحلة "الاستهلاك"، معتبرًا أن الكيان الصهيوني كان في أوج قوته حتى منتصف السبعينيات من القرن الماضي، إلا أنها بدأت تنحدر قوتها بعد ذلك من خلال الهزائم التي لحقت بها مع بداية القرن الحادي والعشرين سواء في جنوب لبنان أو حروبها الأخيرة في غزة التي لم تحقق أهدافها كما كانت سابقًا". ويعتبر المحلل السياسي الفلسطيني أن " الاحتلال خرج من مرحلة "التأسيس"، حيث كان هناك قيم اجتماعية رفيعة وعمل جماعي واسع وتعاون متبادل، وكانت تمتلك جيشًا قويًا ومجتمعًا متماسكًا يقدم الكثير من أجل هزيمة أعدائه، حيث ان هذه القيم لم تعد موجودة، و"إسرائيل" دخلت مرحلة "الاستهلاك " والبحث عن الرخاء وأصبحت تتصف بالتفتت والتمزق السياسي والاجتماعي، وذلك الحرص على قيم الدولة لم يعد موجودًا لدى "الإسرائيلي" الذي كان يموت في المواجهة وأصبح لا يتردد في حزم أمتعته والسفر للخارج، عدا عن الظاهرة العنصرية داخل المجتمع الصهيوني ما بين اليهود أنفسهم وكل هذا كان له التأثير على "الجبهة الداخلية" الصهيونية، وضرب للنسيج الاجتماعي والأخلاقي للمجتمع الصهيوني. كيان غير قابل للحياة ومن الناحية الإستراتيجية؛ يعتبر قاسم أن الكيان الصهوني فقد أبرز عناصر قوته الداخلية، أما في المحيط فقد ظهرت قوى عربية مختلفة عن الأنظمة التقليدية التي كانت توفر الحماية للكيان الصهيوني، وهذه الانظمة التي كانت تنسق مع الكيان لم تعد قائمة ولم يعد الكيان الصهيوني قادرًا على القيام بمغامرات حربية غير محسوبة التوجه. ويضيف "المقومات الإستراتيجية لبقاء "إسرائيل" لم تعد قائمة، وأصبح كيان غير قابل للاستمرارية والحياة، فهي دولة بمساحة صغيرة لا تحتاج لقوة هائلة لإهلاكها كقنبلة نووية، ولا يوجد لديها مقوم إستراتيجي قوي من ناحية عدد السكان أو المساحة، وميزان القوة العسكرية لم يعد بشكل دائمًا لصالحها وحتى إن قوتها الاقتصادية ومهما عظمت ستبقى دولة صغيرة وبحاجة للمساعدات". فقدان الأمن .. هجرة عكسية أما عن قيمة الأمن وتأثيرها داخل المجتمع الصهيوني؛ فيرى عبد الستار قاسم أن "تجمع اليهود في "إسرائيل" جاء بسبب فقدانهم لقيمة الأمن في بلادهم وهذه القيمة العليا تم كسرها من خلال الانتفاضة الأولى والثانية ومن خلال العمليات الاستشهادية، ومؤخرا تغير الميزان العسكري، فلن تستطيع "إسرائيل" اليوم أن تؤمن لنفسها معركة خارج حدودها وبعيدًا عن موطنيها، فخلال أي حرب قادمة سيتم ضرب منشأتها الحيوية ومصانعها وتجمعاتها السكانية". وتوقع أن أي هزيمة ثقيلة تلحق بالكيان الصهيوني ستؤدي لهجرة الصهاينة للخارج خاصة بعد انهيار "الجبهة الداخلية" وفقدان العنصر الأهم "الأمن"، وخلال أي مواجهة قادمة من قوة عربية وإسلامية في عمل عسكري ضد الكيان سيزيد أزمة الأمن وسيؤثر على وضعها الاقتصادي والاجتماعي مما يسرع في إخلاء الصهاينة لفلسطين. واعتبر أن تضخيم قوة الكيان الصهيوني وإنكار هزيمته في الحروب الأخيرة من قبل أطراف معينة "مكابرة"، وحتى مخالفة لما يقر به الصهاينة أنفسهم من تعرضهم لنكسات وهزائم وتصريحات قادة الاحتلال واستطلاعات الرأي التي تشير إلى تخوفات حقيقية لدى الصهاينة على وجود دولتهم. مشروع يتآكل وبالرغم من الأجواء "الاحتفالية" الصهيونية بذكرى إعلان دولة الاحتلال في فلسطين؛ إلاّ أنّ تلك الأجواء تفتقد لأهم مقوّمات ما يسمى "الاستقلال"، وهو الأمن، الذي أصبح مفقودًا في الكيان بعد حروبه الأخيرة مع فصائل المقاومة، التي برهنت عن مؤشرات ظاهرة للعيان في التوازنات الاستراتيجية، تراجعت فيها قدرة الردع التقليدية الصهيونية. الهاجس الأكبر الذي ينغّص على الصهاينة "الاحتفال" هو التطور السريع للمقاومة الفلسطينية في غزة، والتي تستخدم أنواعًا جديدة وفعالة في كل حرب جديدة معها، لا سيما وأن صواريخها سقطت في "تل أبيب" (تل الربيع)، وأصبحت تهدد مواقع حيوية وإستراتيجية. وفي عمق المشروع الصهيوني يبدو التآكل الديمغرافي تحت السطح فيما بعد ستينية الاحتلال، ففلسطين المحتلة تشهد هجرة عكسية غير مسبوقة عبّرت عنها إحصاءات رسمية، اتضح فيها أنّ هجرة الصهاينة إلى فلسطين واصلت تراجعها في العقد الاخير إلى أدنى مستوى لها، رغم كافة الجهود المحمومة لاستجلاب مهاجرين جدد. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد؛ بل إنّ الصهاينة المتواجدين في فلسطين يواصلون الهجرة إلى الخارج، أو الإقامة لفترات طويلة في بلدان أخرى.