Menu
شهادات حية تؤكد وحشية التعذيب في مراكز التحقيق الصهيونية

شهادات حية تؤكد وحشية التعذيب في مراكز التحقيق الصهيونية

قـــــاوم- الضفة المحتلة : الحديث عن التعذيب في أقبية سجون الاحتلال الصهيوني من بُعد، لا ينقل الصورة الحقيقية لما يجري خلف الأبواب المغلقة والزنازين الوحشية المظلمة وغرف الشبح والتعذيب، لكن من تجرع هذا الكأس بمرارة وكُتب له العيش، يستطيع عن يصف من خلال التجربة العملية هذا النوع من الاستبداد والسادية الوحشية التي مارسها جهاز "الشاباك" ضدهم.   حرمان من النوم  النائب الشيخ محمد جمال النتشة القيادي البارز في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" من الخليل، دخل هذا النوع من التحقيق في شهر ديسمبر من عام 1990م، حيث تعرض لأصناف شتى من التعذيب في مركز تحقيق المسكوبية بالقدس المحتلة، فقد أكد لنا في حديث خاص لـ "المركز الفلسطيني للإعلام" أن أساليب التحقيق التي كان يمارسها محقق الشاباك كانت تفوق التصور من هز وشبح وحرمان من النوم، ولعل الأخير كان يقصد منه تدمير أعصاب الأسير وجعله في حالة عدم توازن حتى ينالوا منه.   وأضاف النائب النتشة: "تصور أن يحرم الأسير من النوم طيلة تسعة عشر يومًا! لقد حرمت النوم خلال التحقيق في المسكوبية ثلاثة أسابيع تقريبًا وأنا في تحقيق متواصل، حيث كان المحقق يأتيني بصحن الطعام القذر خلال التحقيق وأنا لا أعرف الليل من النهار ولا طعم الراحة، فيضع الصحن المذكور في المرحاض ويقول كل ومعك خمس دقائق، وأنا مكبل اليدين والرجلين، فأقوم بتوزيع الوقت: دقيقتين للأكل، وثلاث دقائق استغلها خلسة للنوم.   وقال: "حتى عندما كان المحقق نفسه يتعب ويقوم بإرجاعي الى الزنزانة حتى يستريح هو، كان يأمر السجان بالضرب على باب الزنزانة بقدمية وبالعصا أو بتشغيل أصوات الموسيقى الصاخبة حتى لا أستطيع النوم ولو لحظة واحدة .. والهدف من ذلك أن يعيش الأسير حالة توتر وقلق وإرهاق متواصل خلال التحقيق فيصبح بلا توازن ويفقد أعصابه وقد ينهار .. لكن التواصل مع الله بالذكر والتسبيح كان هو العاصم.   الهز القاتل  وثمة أسلوب وحشي آخر من أنواع التعذيب تمثل في أسلوب الهز الذي يؤثر على النخاع الشويكي ويؤدي إلى الوفاة، فقد قال الدكتور عدنان أبو تبانة (50 عامًا) من الخليل الذي خضع لهذا النوع من التحقيق خلال اعتقاله في صيف عام 2002م في مركز تحقيق الجلمة: يأتي محقق قوي البنية وقد يكون من الرياضيين أصحاب العضلات المفتولة فيمسك بتلابيب الأسير او أكتافه، ويبدأ بهزه عدة مرات بقوه متواصلة، عندها يفقد الأسير الوعي، وقد يسقط على الأرض وهذا ما حصل لي في تلك الرحلة القاتلة، حيث فقدت الوعي ثلاث مرات.   وأضاف الأسير المحرر أبو تبانة: خلال هذه الرحلة القاتلة شعرت أن هدف المحققين القضاء علي، عندها أبلغت المحامي الذي كان يترافع عني، حيث رفع اعتراضًا للمحكمة العليا الصهيونية حذرهم فيها أنني أتعرض للقتل، بعدها وبضغط قانوني توقفت عملية الهز التي لا أزال أعاني من آثارها منذ عشرين عامًا.   واختتم الدكتور أبو تبانه حديثه بالقول: "جراء هذا النوع من التعذيب استشهد الأسير عبد الصمد إحريزات من الخليل ، واستشهد غيره الكثير".   الحجز في الزنزانة لأسابيع  على إثر الاحتجاجات القانونية دوليًا والتي أدانت الاحتلال بسبب هذا النوع من التعذيب؛ مارس جهاز الشاباك نوعا آخر، أطلق عليه التعذيب النفسي، حيث يحتجز الأسير الفلسطيني في زنزانة مغلقة صغيرة جدا لا يتجاوز حجمها 80سم × 150سم لمدة ثلاثة أشهر متواصلة دون أن يرى الشمس ولا يشم هواء نقيًا، معزول عن العالم، لا يوجد بحوزته أية وسيلة اتصال، ولا يعرف الليل من النهار، فلا صحيفة ولا راديو ولا حتى مصحف ولا قلم ولا ورقة، يترك في عزل كامل عن الحياة تحت ظروف اعتقال قاهرة، منفردا يتحدث مع نفسه، ضمن أجواء الاشاعات التي يتعمد السجان والمحقق أن يثيرها عبر عملاء يعملون لصالح الشاباك يتم إدخالهم الى الزنزانة لمدة ساعات ومن ثم يتم إخراجهم، بعد أن يبلغوا الأسير بأن والده توفي، أو أن زوجته تخضع للتحقيق في الزنازين.   وقد تمكن جهاز الشاباك الصهيوني من الضغط نفسيا على الآلاف من الأسرى الفلسطينيين بهذا الأسلوب ، وإسقاطهم او انتزاع الاعترافات منهم عنوة.   أبو خليل البسطامي (56 عامًا) من الخليل أمضى في سجون الاحتلال نحو ثمانية عشر عامًا، وأعيد اعتقاله عام 2004م بسبب فعاليات انتفاضة الأقصى، حيث خضع للتعذيب النفسي، طيلة 90 يوما، ثم حول بعد ذلك للاعتقال الإداري.   فقد أكد في حديث خاص لـ "المركز الفلسطيني للإعلام" لقد اعتقلت يوم 17-8-2004م وتم نقلي إلى مركز تحقيق عسقلان المعروف بمركز "شكما"، وقال لي المحقق منذ اليوم الأول أنت منظم في كتائب الأقصى وتقوم بهجمات ضد الجيش الصهيوني، فأنكرت ذلك، بعدها تم نقلي الى زنزانة صغيرة حارة نهارًا وباردة جدا ليلا، وقد مكثت فيها ثلاثة وعشرين يومًا منفردا دون تحقيق، لم أر أحدا سوى السجان الذي يفتحها أثناء إدخال الطعام.   وأضاف : "بعدها تم نقلي إلى التحقيق لمدة نصف ساعة أبلغني خلالها المحقق أن ابني غسان البالغ من العمر 14 عاما توفي في حادث سير، حيث تبين لي فيما بعد أن الخبر كاذب، وبعد نصف ساعة تم نقلي الى زنزانة أخرى، مكثت فيها منفردًا لمدة عشرين يومًا، وأنا أفكر في ابني غسان هل هو ميت أم حي، مرة أبكي، ومرة أحدث نفسي أنهم كذابون.   وأشار أبو خليل: "خلال هذه الرحلة اقتادني السجان إلى ممر "كرودور" داخل قسم التحقيق وقال لي المحقق انظر من عدست الباب، فنظرت فإذا بزوجتي وابنتي داخل الغرفة؟ بعدها قال لي المحقق وهو يقهقه ... لا تريد أن تعترف على راحتك ، الليلة نتسلى نحن وابنتك وبعدها مع زوجتك، وبعدها تم إعادتي إلى الزنزانة مرة أخرى ولمدة ستة أيام متواصلة، علمت بعدها أنه تم استدعاء زوجتي وابنتي لنصف ساعة فقط بحجة دعوتهم لزيارتي، وكان الهدف مشاهدتهم عبر العدسة للضغط النفسي علي وقد كان، حيث عشت أصعب أيام حياتي، وأنا أفكر ماذا سيصنعون في زوجتي وابنتي.   مشهد تراجيدي مؤلم يتفنن ضباط الشاباك الصهيوني في صناعته وفبركته لمواجهة الفلسطينيين في أقبية التحقيق بالتعذيب النفسي تارة والجسدي تارة أخرى لمواجهة هذه المعركة العنصرية غير المتكافئة.