Menu
تقرير : المصريون عندما يعزلون النُخْبَة العلمانية!

تقرير : المصريون عندما يعزلون النُخْبَة العلمانية!

قــــاوم – وكالات :   جاءت الجولة الثانية من الاستفتاء على الدستور لتؤكِّد أنَّ المصريين يعيشون في وادٍ، وأنَّ نخبتهم العلمانية الفاسدة الأنانية تعيش في وادٍ آخرَ مختلف تمامًا، ويمكننا في هذا السياق أن نرصد الآتي:   - جاءت كثافة التصويت لتؤكِّد وعْيَ الشعب المصري وتفاعله مع الأحداث السياسية الساخنة على ساحَتِه الداخلية، وقد كانت المعارضة الأنانية الفاشلة تتمنَّى ألا يذهب المصريون بكثافة إلى صناديق الاقتراع، من أجل التشكيك في جدوَى الاستفتاء الذي لا يعبِّر عن المصريين الذين قاطعوه وشاركوا فيه، لكن المصريين صفعوا نُخْبَتهم وأضاعوا عليها هذه الفرصة، وأكَّدوا أنهم استعادوا حريتهم.   - فعلت المعارضة الأنانية الفاشلة كلَّ ما تستطيع من أجل التشكيك في الإشراف القضائي الكامل على الاستفتاء، ذلك أنَّ معنى الإشراف القضائي الكامل هو قطع كل الألسنة التي تدَّعي التزوير؛ فالمصريون يثقون في قضاتهم الذين كشفوا التزوير قبل ذلك، والذين خرجوا في انتفاضة ضد فساد النظام البائد بلغت ذروتها عام 2006م، وكانت النُّخْبة المعزولة ترَى أنَّ فرصتها هي في رفض القضاة في الإشراف على الاستفتاء، ليَسْهُل عليهم بعد ذلك الطعن والتشكيك في النتائج.   - وجدت المعارضة الأنانية الفاشلة نفسها في مأزقٍ نتيجة وعي المصريين وكثافة تصويتهم، ولذلك لجأ القوم إلى اللامعقول، فيَقِف أحد قادة جبهة الإنقاذ عصر يوم الجولة الأولى ليعلن أنَّهم رصدوا تصويت المصريين بـ"لا" بنسبة 66% ولو جاءت النتيجة عكس ذلك فلن يعترفوا بها. وهذا كلام صبيان غير عقلاء، فما زلنا عصر اليوم الأول وباقي على انتهاء التصويت ساعات طويلة لا يعرف أحد ما سوف تنتهي إليه، ثم ما هي الوسائل العبقرية التي تمكِّنهم من معرفة النتيجة قبل انتهاء التصويت. كان المصريون البسطاء يتابعون ذلك ويضحكون.   - رغم الفساد في مؤسَّسة القضاء، والذي يحتاج إلى تطهير، ورغم ما فعله نادي القضاة من جريمةٍ قادَ خلالها نوادي القضاة وضغط عليهم للامتناع عن الإشراف على الاستفتاء، أثبت 14 ألف قاضٍ أنهم شرفاء، وأنَّ الأمل موجود فيهم، فقادَ هؤلاء الإشراف على الاستفتاء، وتعاونوا مع منظمات المجتمع المدني، ورأيتُ أحدهم حينما ملَّ من إخراج بطاقة هويته القضائية للذين يطلبون أن يَرَوْها وقد قام بتصويرها ووضعها على باب اللجنة حتى يرتاح الجميع.   - رغم كل الشفافية من جانب اللجنة العليا للانتخابات، ورغم ردّها على كل الأسئلة والاستفسارات، ورغم دَحْضها لكل شبهة، كان المرضَى في فضائيات الفتنة لا يَكفُّون عن كذبهم، فيُروِّجون كل ساعة شائعة خائبة، وأهمها أنَّ كثيرًا من المشرفين على الاستفتاء ليسوا قضاة، وكانت الإجابة من اللجنة العليا للانتخابات تأتِي مُفْحِمة، قائلةً: هاتوا رقم اللجنة وصورة من تشكُّون فيه، ولم يستطع القوم أن يثبتوا صحة كذبهم ولو مرَّة واحدة. وكانت أغرب هذه الحماقات الفضائية أنَّ إحدى قنوات الفلول حدَّدت لجنة في محافظة المنوفية وقالت إنَّ المشرف عليها "منجّد" وما هي إلا ساعة حتى خرج علينا هذا "المنجّد" في فضائية إسلامية لنكتشف أنَّه "مستشار بالنيابة العامة"!! - أثبت المصريون أنَّهم شعب ذكي واعٍ، ورغم الشريحة التي سقطت في براثن كذب وسائل الإعلام المجرمة، إلا أنَّ غالبية المصريين أثبتوا أنَّهم انتصروا على الإعلام الكاذب رغم قوته، وأنَّهم أداروا له ظهورهم، وصوّتوا في الاتجاه العكسي الذي كان يدعوهم إليه الإعلام الفاجر الذي لا يخجل، وهذا لا يَقْدِر عليه أي أحد، فالساعات الممتدة من البرامج الحقيرة التي تُصِرّ على الدَّجَل والاختلاق والتي تكرّر جريمتها يوميًا منذ عدة أشهر، كل ذلك لم يمنع المواطن المصري البسيط  من أن يُميّز الصدق من الكذب وأن يأتِي صوته مؤيدًا للدستور.   - جاء تأكيد زعيم المعارضة محمد البرادعي من أنَّ المعارضين للدستور لم يقرءوه، ليوضِّح حقيقة القضية، فالدستور المصري الجديد كان يستحقّ الموافقة عليه بنسبة أكبر من 90%، ولكن المعارضة الأنانية الفاشلة استطاعت أن تخدع قطاعًا من الناخبين وتُصَوِّر له الأمر على خلاف الحقيقة، فحدثته عن المرشد والإخوان والجماعات الإسلامية وخطورتهم ولم تحدثه بأمانة عمَّا يحتويه الدستور فعلاً من مواد تنصف المصريين وتحمي حقوقهم.   - حينما تأكَّدت المعارضة الأنانية الفاشلة من أنَّ الدستور راقٍ ويضاهِي أفضل دساتير العالم، علمت أنَّها لا تستطيع أن تجاري أعضاء اللجنة التأسيسية في الحديث الموضوعي عن الدستور، فلجأت إلى جريمة غير أخلاقية بأن زوَّرت دساتير كاملة ووضعت فيها بنودًا من عندها (غير موجودة أساسًا في الدستور) مثل ضرورة عرض القوانين على المرشد العام قبل أن يصدرها رئيس الجمهورية، ومثل إلغاء التعليم الأجنبي وتعليم اللغات، وبيع فناه السويس، والقبض على الناس من بيوتهم وحبسهم لمدة 12 ساعة.. الخ. وهذا سقوط أخلاقي لا مثيل له، واستخفاف بذكاء المصريين ووعيهم، الذي مارسه أحمد شفيق في أقبح صوره حينما قال: "بكره بهايمنا في المنوفية يعملوا الواجب ويصوتوا بلا".   - وعي المصريين اكتشف جرائم نخبتهم الأنانية الفاشلة، لذا فقد أعطاهم الدرس الذي يستحقّونه، وأكَّد لهم أنهم لا يفهمونه ولا يتحدثون باسمه ولا يستطيعون وضع أيديهم على مشكلاته الكثيرة والمعقدة، ومن هنا جاء العزل والإبعاد والإقصاء الذي مارسه الشعب المصري ضد هذه النخبة المتعالية عليه البعيدة عن نبضة التي لا تفكر إلا في نفسها وفي مقدار ما تحصل عليه من مغانم.   - أصبح المصريون البسطاء على يقين من أنَّ تحالف النخبة المعارضة والإعلام لا يريد الخير لمصر، وإنَّما هذا التحالف المشبوه في شقِّه السياسي يريد السلطة ويريد الكرسي الذي يجلس عليه الرئيس مرسي وكذلك باقي كراسي الوزارة ورئاسة الجمهورية، وفي شقه الإعلامي فإنه يريد حلب واستدرار المزيد من أموال الدعم المشبوه الآتية من جهات أجنبية مشبوهة تريد إفشال الثورة المصرية حتى لا تبلغ مداها وتحقق أهدافها.   - في أحيان كثيرة يظهر على شاشات الفضائيات مصريون بسطاء، لكننا نفاجأ أنهم يتحدثون أفضل وأنقى بكثير من حديث النخبة السياسية والإعلامية المزيفة، وهذه معادلة تستحق الدراسة؛ فالأموال الكثيرة والتمويل غير المحدود الذي يأتي جبهة الإنقاذ من الفلول الذين تم عزلهم في الدستور الجديد، أو من أحمد شفيق ومن يدعمونه، أو المال الأمريكي والغربي المتدفق بغزارة على منظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية العلمانية.. كل هذا لم يستطع أن يفسد وعي الفلاحين والعمال والبسطاء في مصر، بل إنه أحدث عكس المرجو، فخرج المصريون البسطاء ليسقطوا المؤامرة التي نسجتها النخبة العلمانية التي تعلم أنها معزولة شعبيًا وأنَّها تعانِي من حالة جفاف جماهيري حادَّة.   - لم تكن المعركة هي معركة الرئيس الإسلامي ولا الدستور ولا الإعلان الدستوري، وإنَّما اكتشف المصريون أنَّ المعركة هي معركة الهوية، فالنخبة العلمانية تربَّت في حجر الاستعمار والنظم العسكرية، وقد زالا والحمد لله، فأزاحت ثورة 23 يوليو الاستعمار البريطاني وأزاحت 25 يناير الحكم العسكري، وهنا وجدت القوى السياسية أنَّها في مواجهة حقيقية لمصداقيتها أمام الجماهير، والقوم يعلمون أنَّ كفة الإسلاميين هي الراجحة لأنَّهم الأقرب إلى الجماهير في العمل الخيري الصِّحّي والتعليمي والتكافلي، وفي العمل الدعوي، وفي النضال السياسي، وفي الظلم الذي تشهد الجماهير أنَّهم تعرّضوا له، وهنا أدرك العلمانيون أنَّ مشكلتهم كبيرة وأنَّ السلطة لم تعد قريبة منهم كما كانت، وأنَّ الهوية الإسلامية لمصر معناها ألا يكون لهؤلاء دور، عندها قرّروا أن يفسدوا العرس على من فيه.   - بعد أن وافق المصريون على الدستور الجديد، أصبحت المعارضة العلمانية الأنانية الفاشلة في موقفٍ حَرِجٍ لا تدري ماذا تفعل، ففي البداية قالوا لن يكون هناك استفتاء على الدستور وكانوا طامعين في أن يسهل أحمد الزند مهمتهم بإقناع القضاة بعدم الإشراف، ولما تأكد لهم أن ذلك لن يحدث شاركوا في الاستفتاء وأوصوا بلا، ثم أعلنوا أنهم سيوافقون على النتيجة وسيشاركون في الانتخابات البرلمانية، كل ذلك وسط حوار قومي يقوده رئيس الجمهورية وتنتج عنه قرارات مهمة تلبي مطالب هذه المعارضة الأنانية الفاشلة وأكثر، لكنها تصرّ على المقاطعة والمعارضة. مشكلة النخبة المصرية الفاسدة والفاشلة أنَّ العجلة دارت وأنَّ عليهم إما أن يسيروا في الركب ويسايروها في دورانها أو أن يخسروا إلى الأبد.. وسوف يخسرون إلى الأبد ولكن الشعب المصري هو الذي سيربح أيضًا إلى الأبد، حينما يكوّن لنفسه نخبة جديدة يستحقها تواكب مصر الحديثة وثورتها ودستورها الجديد.