Menu
سكان الحدود يعانقون أرضهم لأول مرة مُنذ 12 عام

سكان الحدود يعانقون أرضهم لأول مرة مُنذ 12 عام

قــاوم – خان يونس : على أرض طينية جرداء أنهكتها آليات وجرفات الاحتلال الصهيوني خلال توغلاتها للمنطقة الشرقية لخان يونس جنوب قطاع غزة، وصل المُسن عبد العزيز قديح برفقة زوجته صفية لأرضه التي حُرم منها لأكثر من 12 عامًا. واستقل قديح وزوجته وابنهم عربة يجرها حمار، وتجولوا بفرحة وسرور بمحاذاة الشريط الحدودي، في المنطقة التي كان مُحرم دخولها من قبل أي فلسطيني، ويبلغ امتدادها من 300 إلى 500 متر شرق وشمال القطاع. الحيرة بدت واضحة على الزوجين قديح، أين حدود أرضهم بالضبط، والتي تبلغ مساحتها نحو 32 دونمًا، فعلى الرغم من وجودهم وسطها، لكنهم لم يستطيعوا أن يفرقوا بينها وبين الأراض المجاورة له، فحدود الأراضي أزيلت تمامًا، وأصبحت وكأنها "صحراء قاحلة". وتبين فور وصولنا للمنطقة التي تمكنا من دخولها بجانب الآلاف من سكان بلدة عبسان وخزاعة والقرارة شرق خان يونس مدى إمعان الاحتلال في تدميرها، وقد شهدت آلاف عمليات التوغل، فكل عملية توغل كان يدعي الجيش أنه خارج بهدف التمشيط يقلب الأرض رأسًا على عقب. يقول قديح : "كانت هذه الأرض مُحرم علينا دخولها أو حتى الاقتراب منها مُنذ سنوات طوال، فاليوم بعز وفخر ندخلها على عين ومرأى جنود الاحتلال، بعد أن انتصرت عليهم المقاومة وفرضت شروطها المشرفة عليهم". واشترطت المقاومة الفلسطينية ، خلال توقيع اتفاقه التهدئة برعاية وضمانية مصرية بالحادي والعشرين من نوفمبر الحالي، بإلغاء مُسمى المنطقة العازلة على الحدود مع القطاع. كانت هذه الأرض مُحرم عليهم دخولها أو حتى الاقتراب منها وسر سكان المناطق الحدودية بهذا البند، وسارعوا باليوم التالي للتهدئة بالزحف لأراضيهم، والتشاور فيما بينهم حول طريقة تسويتها من جديد وزراعتها بمحصول القمح والشعير الموسمي، وتعميرها بمختلف المزروعات. زوجة قديح هي الأخرى عبرت عن فرحتها وسعادتها الغامرة لوصولها لأرضها التي لم تكن تستطيع الوصول لها، وتقول: "الله ينصر المقاومة، الله يقويها، اليوم نفتخر بهم، ولم نغفل يومًا عن الدعاء لهم، لولا جهودهم بعد الله عز وجل لما كنا هنا الآن". وقريبًا منها وقفت الفلاحة سالمة أبو رجيلة (54 عامًا)، مرتدية ملابس تقليدية، وقد ذهبت دون أي مرافق ووصلت للحدود، فأرضها البالغة دونمين تبعُد 20 مترًا عن الشريط الحدودي، وكانت مسرحًا لتوغلات قوات الاحتلال، وتم تجريفها مطلع الانتفاضة وتدمريها. ولمحمد أبو دقة وزوجته صفاء التي اصطحبها برفقته فرحتان، فرحة النصر والتحرر التي أتاحت لهم الوصول لأرضهم . وبدأ أبو دقة يُكبر ويُهلل ابتهاجًا وفرحًا لدخوله لأرضه وأرض أجداده المُحتلة. ويعد تضمين إلغاء المنطقة العازلة بنود التهدئة نصرًا للمقاومة، وأقوى شرط وضعته المقاومة والمفاوض الفلسطيني للكيان الصهيوني، بعد أن فشلت كافة جهود التسوية السلمية من قبل السلطة. ويتمنى المواطنون أن يلتزم الاحتلال بالاتفاق الموقع مع المقاومة، ويسمح للمزارعين دومًا الوصول لأراضيهم والعمل بها وحرثها وزراعتها، والجلوس فيها بأمن ورخاء.