Menu
مسلمو ميانمار... زاوية منسية في الضمير العربي والإسلامي!

مسلمو ميانمار... زاوية منسية في الضمير العربي والإسلامي!

قــــاوم- قسم المتابعة : هنالك قواسم مشتركة عديدة تجمع بين المسلمين في برمانيا أو ميانامار المعروفة سابقاً باسم بورما وبين الفلسطينيين، أبرزها الاستقلال عن بريطانيا في العام 1948، وما تلا ذلك من اضطهاد ونكبات.  وإذا كان الفلسطينيون قد عاشوا واقع الاضطهاد البريطاني الصهيوني المتصاعد اعتباراً من بدايات القرن العشرين، فإن الاضطهاد الذي يعيشه المسلمون في ميانامار هو أقدم عهداً بكثير.  فقد كان الإسلام قد وصل إلى اركان المنطقة الغربية من بورما الممتدة بمحاذاة الهند وبنغلاديش الحاليتين، منذ القرن السابع الميلادي بطرق سلمية كما هو شأن انتشاره في الكثير من البقاع الآسيوية. وفي أواسط القرن الخامس عشر وتحديداً في العام 1430، أصبح نظام الحكم إسلامياً في أركان بورما حيث تناوب على الحكم فيها 48 ملكاً على التوالي، وذلك لمدة تزيد على 350 عاماً.  ومن أركان انتشر الإسلام بالطرق نفسها في سائر أنحاء بورما. وفي العام 1784 انهارت تلك الدولة تحت ضربات الملك البوذي البورمي بوراباي وجرى ضمها إلى بورما. وكان ذلك إيذاناً ببدء تاريخ الاضطهاد الذي يتعرض له المسلمون في بورما حتى اليوم. ولم يغير سقوط بورما عام 1824 تحت الاحتلال البريطاني شيئاً في واقع ذلك الاضطهاد. ففي العام 1942، وفي ظل التشجيع والممالأة من قبل البريطانيين، ارتكب البورميون سلسلة مذابح بحق المسلمين اسفرت عن مقتل ما يزيد على 100000 إضافة إلى طرد مئات الألوف إلى خارج الحدود وخصوصاً إلى ما صار يعرف فيما بعد باسم باكستان الشرقية ثم بنغلاديش. واستمر الاضطهاد بعد استقلال بورما عن الاستعمار البريطاني، لكنه تصاعد بشكل ملفت في أعقاب الانقلاب العسكري الذي وقع عام 1962. ففي غضون السنوات الستة عشرة التي تلت الانقلاب تم ترحيل أكثر من مليون ونصف مليون مسلم إضافي إلى بنغلاديش التي تبدي الكثير من التمنع عن استقبالهم لأنها تعاني من ظروف صعبة تحول دون مكافحة الجوع بين أبناء شعبها. ولا يقتصر اضطهاد المسلمين في بورما على القتل والتشريد. فقد تلزم عشرات الآلاف من الصفحات لوصف ما يرتكب بحقهم من إجراءات تعسفية. من الأمثلة على ذلك أن اسمهم الرسمي المتعارف هو "الغرباء". فهم يحملون بطاقات هوية تفيد بأنهم ليسوا مواطنين. وهم محرومون من الوصول إلى الوظائف الحكومية. وتقتصر الأعمال التي يزاولونها على المهام الشاقة كالبناء وتعبيد الطرقات بأجور زهيدة وحتى بالسخرة. كما تستخدم جميع الوسائل لمنعهم من التحصيل العلمي، وإذا حدث لبعضهم أن تحصلوا على شهادات عليا في الخارج، فإنهم يعتقلون فور عودتهم ويودعون السجون بدعوى مخالفة القوانين التي لا تسمح لهم بالسفر إلا لآجال قصيرة محددة لا تكفي حتى لأداء فريضة الحج. أما عن هدم أماكن العبادة ومنع تجديدها أو بناء مدارس دينية آو أماكن عبادة جديدة فحدث ولا حرج. وكذا الأمر عن مصادرة الأراضي الزراعية وترحيل المسلمين إلى المناطق القاحلة وحشرهم في مخيمات سرعان ما تتحول إلى بؤر تنتعش فيها اشكال الأمراض المعدية. والأنكى أنهم يعانون الأمرين فيما يخص الزواج. فقد صدرت قوانين تحرمهم من الزواج بشكل كلي وجرى تطبيقها لمدة ثلاث سنوات متتالية. ثم عدلت هذه القوانين وصار من حقهم أن يتزوجوا شرط ألا يقل عمر الفتاة عن 25 عاماً وعمر الشاب عن 30 عاماً. وتلق بذلك إجراءات مهينة كإخضاع المرأة الحامل لكشف طبي إجبارى كل شهر بتكاليف مالية باهظة من الواضح أن الهدف منها هو إجبارهن على الإجهاض. والأشد نكاية أن عشرات المقالات التي تظهر في الصحف الغربية المعروفة بحرصها على الدفاع عن الديموقراطية وحقوق الإنسان، لا تكاد تشير إلى المسلمين في ماينامار إلا عند الحديث عن الديموغرافيا والتنوع الديني. وهي إذ تفعل ذلك، فلكي تردد الروايات الرسمية التي تقلص عددهم إلى 1 أو 2 بالمئة من مجموع السكان البالغ 56 مليوناً، بينما تشير المصادر الجديرة بالثقة إلى أنهم، رغم القتل والتشريد، ما زالوا يشكلون 20 بالمئة من السكان. كما لا تشير إلا في النادر إلى بعض أشكال ما يتعرضون له من اضطهاد، ولكن من باب التشنيع على ديكتاتورية النظام العسكري الحاكم، وهو تشنيع بدأ بالانحسار في السنوات القليلة الماضية بعد التحولات نحو الانفتاح، وفي ظل محاولات التوفيق بين النظام ومحظية الغرب، الحائزة على جائزة نوبل، أونغ سان سوتشي، حيث تراهن شركات غربية كبرى على هذا التوفيق كوسيلة لإرساء الاستقرار الضروري لنهب الثروات الطبيعية الضخمة في ميانمار وخصوصاً في إقليم أركان. وفي الوقت الذي تنفرد فيه إيران وشعبها بالتعريف على المستوى الدولي بقضية المسلمين في ميانمار، فإن الصمت المطبق هو كل حصتهم من الاهتمام العربي والإسلامي. فالبلدان العربية والإسلامية الفاعلة منهمكة كما هو معلوم بقضايا أخرى هي على وجه التمام والكمال عكس ما ينبغي فعله من أجل الدفاع عن الفلسطينيين أو الروهينغا (مسلمو ماينامار) أو غيرهم من شعوب الإسلام التي يعاني أكثرها من مآس ونكبات مشابهة لما يجري في فلسطين وبورما. موقع الانتقاد الإخباري