Menu
تقرير : مصر.. مرشح الإخوان في مواجهة الدولة

تقرير : مصر.. مرشح الإخوان في مواجهة الدولة

قــاوم – وكالات :   لا يستطيع أي متابع دقيق للأوضاع السياسية في مصر أن يغفل أن د. محمد مرسي مرشح جماعة الإخوان المصريين في جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية في موقف منافسة طبيعية مع المرشح الآخر الفريق أحمد شفيق، فليس متابعًا دقيقًا من يغفل أن أحمد شفيق لا يخوض بمفرده أو بإمكاناته البسيطة انتخابات الرئاسة وجولة الإعادة.   الفريق أحمد شفيق يخوض الانتخابات وجولة الإعادة بشكله وشخصه الظاهري فقط، أما حقيقة الأمر فإن الدولة المصرية بكامل وزاراتها ومؤسساتها وهيئاتها وإداراتها وبجيشها ومخابراتها وأجهزة الشرطة والأمن جميعًا ودواوينها الحكومية وأجهزة الحكم المحلي فيها وكذلك كامل وسائل إعلامها من صحف ومجلات ومحطات إذاعة وتليفزيون ومواقع إنترنت، هذا الكم الهائل يقف صفًا واحدًا وبكل قدراته داعمًا للحزب الوطني المنحل ورجال الأعمال الفاسدين الذين يديرون حملة المرشح أحمد شفيق ومعهم دعم مالي هائل جمعوه من بعضهم وجاءهم أكثر منه من الخارج .. وطبعًا كان الطرف الذي سهل لهم القيام بمأموريتهم غير الشريفة وغير الوطنية وغير المحترمة هو المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي فعل كل ما في إمكانه منذ نجاح ثورة 25 يناير وحتى الآن في إفراغها من مضمونها وفي إفشالها وفي الالتفاف عليها وتكريه الناس فيها وتخويفهم منها وفي رعاية الانفلات الأمني وعدم التصدي له.   هذا هو موقفي من المجلس العسكري سجلته في عشرات المقالات والبرامج التليفزيونية، واليوم أؤكده وأقول إن الحملة الإعلامية الدائرة منذ فترة لتشويه جماعة الإخوان المسلمين تتم بموجب تعليمات من المجلس العسكري وأن هناك مخططًا يتم إعداده للإخوان وللإسلاميين بشكل عام بعد وصول شفيق للرئاسة، وبعد تصريحاته بأن ملفات أمن الدولة موجودة، والجهة التي تنفذ تلك الحملة هي جهاز المخابرات العامة وجهاز الأمن الوطني.   الحملة الإعلامية الشرسة وغير المبررة على جمـاعة الإخوان، وعلى التيار الإسلامي عمومًا، كانت بتعليمات مباشرة وصريحة من المجلس العسكري إلى أجهزة الأمن والمخابرات، التي تعمل من منطلق خدمة امتداد نظام مبارك، وإشاعة الفوضى والبلبلة ونشـر الشائعات التي تهدف لمواجهة الإسلاميين، ومنها نشر الخوف والفـزع من الإخوان الذين لم نر منهم حكما بعد لدرجة خوفنا منهم وإصابة البسطاء بالرعب من حكم المرشــد، وجعل البديــل له حكم نظام مبارك الفاسد وامتداداته، سواء كانت في أحمد شفيق أو في غيره.   وهكذا اتضحت الصورة كاملة الآن، وهي أن المجلس العسكري، هو الوريث الطبيعي والفعلي والحقيقي لنظام مبارك الفاسد، وأعضاؤه يحافظون تمامًا على سياسات نظام مبارك سواء في رعاية الفساد السياسي والاقتصادي الداخلي، أو في الانبطاح أمام الأوامر الأمريكية الصهيونية، ويحافظون أيضًا على كراهية التيار الإسلامي والكيد له ورسم المخططات للتصدي له، ولا سبيل لمصـر في العودة لدورها الريادي الذي أصبح ماضيا ولى وانـدثـر إلا بالتخلص من أتباع وورثة نظام مبارك الفاسد والعميل ومعهم ذلك المدعو "شفيق".   ومما يؤكد النية السيئة للمجلس العسكري إصدار وزير العدل القرار رقم 4991 لسنة 2012م والذي نشرته الجريدة الرسمية "الوقائع المصرية" وبمقتضاه يتم منح أفراد الشرطة العسكرية والمخابرات الحربية صفة الضبطية القضائية للمدنيين، في حال ارتكابهم جرائم يعاقب عليها قانون العقوبات الجنائية، ومحاولة مقاومة الحاكم حال فوزه في الانتخابات الرئاسية.   فالقرار يعني أن للشرطة العسكرية والمخابرات الحربية صفة مأموري الضبطية القضائية، ولهم الحق في ضبط أي مواطن عادى في حال ارتكابه الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات، وهى عبارة عن: الجنايات والجنح المضرة بأمن الحكومة من جهة الخارج، والتي تصل عقوبتها للإعدام، بجانب الجنايات والجنح المضرة بالحكومة من جهة الداخل، وأن يستخدم الشخص المضبوط المفرقعات، وكذلك مقاومة الحكام وعدم الامتثال لأوامرهم والتعدي عليهم بالسب وغيره، بمعنى: في حال فوز رئيس في الانتخابات الرئاسية تطبق على كل من يرفضه ولا يمتثل لأوامره هذه العقوبات، كما عاقب القانون الشخص الذي يقوم بإتلاف المباني والآثار، كما يتم إلقاء القبض على كل من يقوم بتعطيل المواصلات، وكذلك إلقاء القبض على كل من يقوم بالتظاهر أو التوقف عن العمل بالمصالح ذات المنفعة العامة، والاعتداء على حرية العمل، وأيضًا ضبط كل من يقوم بأعمال الترويع والتخويف.   أي أن القرار صدر كي تتمكن الأجهزة الأمنية والسيادية من فرض السيطرة على الحالة الأمنية في الشوارع بعد الانتخابات الرئاسية وفوز أحمد شفيق، الذي يدرك أعضاء المجلس العسكري أنه في حالة فوزه ستعم المظاهرات أنحاء البلاد، فالمجلس العسكري والحكومة يريان أنه من غير المقبول أن تنتشر المظاهرات ويتم تعطيل المواصلات والمرور والخروج على الرئيس الجديد بعد الثورة، واختيار الشعب رئيسه الجديد.   القرار، بهذا الشكل، إعادة إنتاج جديدة لقانون الطوارئ، بمسوغ قانوني يتجاوز الكثير من الحقوق الدستورية للشعب، فقد نقل اختصاص أمن الدولة السابق ووزارة الداخلية إلى الشرطة العسكرية والمخابرات الحربية.   المجلس العسكري لم يكن أمامه سوى الإلغاء الشكلي لحالة الطوارئ، حتى يجعل صورته أمام العالم ناصعة البياض من خلال إظهار حرصه على تسليم البلاد إلى سلطة مدنية. لكن هذا القرار غير الدستوري يبرهن ويؤكد ويعطى إشارات ورسائل قوية عن صورة الدولة الجديدة التي ستحكم مصر مستقبلاً، فالجيش استعاد سلطاته من مبارك ويسير على خطاه.   اتضحت الصورة الآن وهي أن الشائعات التي ملأت مصر في الفترة الأخيرة ضد الإسلاميين عمومًا، والإخوان خصوصًا، والتي صبت في النهاية في مصلحة أحمد شفيق، كانت من صنع أجهزة الأمن وبإيعاز مباشر من المجلس العسكري، ومنها أن الإخوان هم الطرف الثالث الذي يبحث عنه المصريون منذ نجاح ثورتهم، وأنهم هم الذين ارتكبوا أعمال القتل والقنص ضد الثوار، وأنهم أنصار الدولة الدينية الذين سيعيدون مصر إلى الخلف في مواجهة الدولة المدنية ورمزها أحمد شفيق، وأنهم سيمنعون النساء من العمل وسيفرضون عليهم الحجاب، وأنهم يخططون للحرب مع إسرائيل، وأنهم سيحكمون مصر من مكتب المرشد، وأنهم سيؤجرون قناة السويس لقطر، وأنهم سيوترون الأمور بالخلافات مع المسيحيين، وأن محمد مرسي لا يصلح رئيسًا لافتقاده الخبرة. وفي مقابل ذلك فإن مصر سترى التقدم والنمو مع أحمد شفيق، وسوف ترى الأمن والأمان مع سيادة الفريق، وكل مشاكلها سوف تجد الحل معه، فهو الرجل المحنك المخضرم صاحب الخبرة. فالآن أدركنا أن كلب هذه الشائعات مصدرها جهاز المخابرات العامة ومعه جهاز مباحث أمن الدولة بالتعاون الوثيق مع أجهزة الإعلام غير الأمينة. ولذلك فلم يكن غريبًا أن نجد المواطنين البسطاء يتحمسون لشفيق ومعهم الموظفون في جهاز الدولة الإداري والمسيحيون، فكل هؤلاء تعرضوا للشائعات وتشربوها عبر أجهزة الإعلام.   وإذا عدنا إلى فرص فوز شفيق، فسوف نجد أن الدولة المصرية قد فعلت كل شيء من أجل إنجاحه، وتم فعل الكثير واللعب بعقول الكثيرين، وباتت الأمور مهيأة لفوز وريث نظام مبارك الفاسد، ولم يبق إلا تزوير الانتخابات لكي يتم إعلان فوز الفريق. أما لو رفض المصريون ذلك ولو وقفوا ضد التزوير، فلن يصح في النهاية إلا الصحيح، وسيفوز مرشح الثورة د. محمد مرسي، الذي جاءته هدية ربانية في صورة الأحكام التي صدرت ضد مبارك وولديه وقيادات وزارة الداخلية، فعندها أدرك المصريون أن ثورتهم في خطر وأن عليه دعم مرشح الثورة.   وكذلك كان انحياز المجلس العسكري والحكومة واضحًا في الحكمين الذين أصدرتهما المحكمة الدستورية العليا، الأول بقبول الطعون المقدمة ضد مجلس الشعب، ليتم بذلك حل ثلث مقاعد المجلس البالغ عددها 166 مقعدّا للإخوان منهم 99 مقعدًا، والثاني بعدم دستورية قانون العزل السياسي، الأمر الذي يمكن الفريق أحمد شفيق، من الاستمرار في الانتخابات الرئاسية، أمام منافسه الدكتور محمد مرسى، مرشح جماعة الإخوان المسلمين. فالحكم رغم إنه قضائي إنما يغلب عليه رائحة السياسة، فالمحكمة الدستورية انحازت للجنة الانتخابات وأيدتها في أمر قانون العزل، لكي تقدم الدولة لشفيق كل شيء كي يفوز ويعيد الحياة لنظام مبارك.   كما كان الحكم بإبطال عضوية ثلث مجلس الشعب، حربًا ضد الإخوان، أملاً في ألا تكون لهم الأغلبية البرلمانية، التي وقفت غصة في حلق المجلس العسكري والحكومة، فأرادوا إبطال تلك الأغلبية.   ورغم هذه الخطط الشيطانية، ورغم الدعم الهائل لشفيق، فإن فرص مرشح الثورة د. محمد مرسي جيدة في جولة الإعادة، وسيكون أهم عامل مساعد له هو خوف المصريين على ثورتهم، وخوفهم أن يصل أحمد شفيق إلى سدة الحكم فينفذ برنامجه المضاد للثورة والمنقض على مكتسباتها، فأنصار ومؤيدو المرشح الخاسر د. عبد المنعم أبو الفتوح وهم أربعة ملايين، انضموا تمامًا إلى د. محمد مرسي، ونسوا خلافاتهم ونحوها جانبًا، وهو موقف أخلاقي ومحترم منهم ومن مرشحهم، كما سيحصل د. محمد مرسي على أصوات كامل التيار السلفي، وهو قطاع كبير كان قد قاطع كثير منه الانتخابات بعد استبعاد المرشح الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل، أما أنصار عمرو موسى فمن المنتظر أن ينقسموا بين المرشحين، خاصة وأن عمرو موسى أعلن مرارًا رفضه لترشيح شفيق، ورأى أن في نجاحه خطرًا يهدد مصر وثورتها.   لكن الكتلة التي ستحسم الانتخابات هي الكتلة التي صوتت لصالح المرشح الخاسر حمدين صباحي، وهي قرابة أربعة مليون وسبعمائة ألف صوت، داخلها التيار اليساري وكثير من معارضي الإخوان، ولو انحاز هؤلاء للاستقطابات الفكرية والسياسية ولم ينحازوا للثورة فإنهم سوف يصوتون لصالح شفيق، لكننا نعتقد أنهم في النهاية سينقسمون إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول سيقاطع، والقسم الثاني سيصوّت لصالح د. محمد مرسي، والقسم الثالث سيصوت لصالح أحمد شفيق.   لكننا نعتقد أن هناك أمرًا آخر مرجحًا لأي من المرشحين وهم كتلة المصريين الذين لم يخرجوا للتصويت في الجولة الأولى، وهي حوالي 53% من المصريين الذين لهم حق التصويت، وعددهم حوالي 27 مليون ناخب، ولو خرجوا للتصويت وانحازوا لثورتهم ومرشحها د. محمد مرسي فسوف يكون النصر حليفه إن شاء الله.   وقد جاءت المبشرات من تصويت المصريين للخارج، فقد احتار 75% منهم مرشح الثورة د. محمد مرسي، بينما اختار 25% مرشح الفلول والثورة المضادة ومرشح نظام مبارك أحمد شفيق، وهي نسبة سوف تكون دالة إن شاء الله، فقد حصل د. مرسي على أصوات د. أبو الفتوح، وإذا كان تصويت المصريين في الخارج في الجولة الأولى دالاً على أن د. محمد مرسي هو الأول، وتحقق ذلك فعلاً، فإن مجيء د. مرسى كأول المرشحين في انتخابات الإعادة بهذا الفارق الكبير، يوضح اتجاه مؤشرات التصويت داخل مصر في جولة الإعادة.