Menu
اللاجئون الفلسطينيون في مخيمات الشتات يتشبثون بالعودة ويرفضون التوطين

اللاجئون الفلسطينيون في مخيمات الشتات يتشبثون بالعودة ويرفضون التوطين

قــاوم- وكالات: يقارع لاجئون فلسطينيون في مخيمات الشتات واقع تهجيرهم الستيني بقرار أممي لازم عمر نكبتهم بذكرى عقده السادس التي تصادف بعد أيام، كرمز لحق العودة إلى الديار والأراضي التي اقتلعوا منها قسراً بفعل العدوان الصهيوني عام 1948، وكمتراس يقف ضد محاولات التوطين المتواترة. وينظر اللاجئون، في المخيمات المترامية على الساحة السورية، إلى القرار الدولي 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 11 كانون الأول (ديسمبر) 1948 بعد يوم واحد من صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في العاشر من ذات الشهر لنفس العام، على أنه ’عنوان بارز لقضية لا تسقط بالتقادم ولا تزول بتعاقب السنين’. غير أن بعضهم يطالب بضرورة ’التأكيد الدائم على حق العودة وترسيخ دعائمه كأحد الثوابت الوطنية والقومية المشروعة’، في ظل ما يلمسونه من ’تراجع في قضية المطالبة به، وجراء فشل المفاوضات الفلسطينية - الصهيونية مع ترجيح ترحيل بحثها إلى ما بعد منتصف العام المقبل بسبب التغيرات الحاصلة في الولايات المتحدة الأميركية التي شهدت مؤخراً فوز ’الديمقراطي الأسود’ باراك أوباما في الانتخابات الرئاسية، إلى جانب التغيرات الإسرائيلية المحتملة في نتائج الانتخابات البرلمانية ’الكنيست’ في شباط (فبراير) المقبل بتوقع وصول حزب الليكود واليمين المتطرف إلى سدة الحكم’. ودعا آخرون إلى ’الوحدة الوطنية لجهة المطالبة بالحقوق الفلسطينية المشروعة والتصدي للممارسات العدوانيةالصهيونية المتصاعدة في الأراضي المحتلة’، معلنين شجبهم واستنكارهم ’لغارات الاحتلال على قطاع غزة خلال اليومين الماضيين والتهديد باجتياحه، وسط صمت عربي ودولي مطبق’. بينما استبعد لاجئون، ومنهم هايل حميد (46 عاماً) من مخيم اليرموك الذي تأسس بعد النكبة في عام 1957 ويسجل اليوم ضمن ثلاثة عشر مخيماً في الأراضي السورية، نجاح الحوار الوطني الشامل الذي كان مقرراً إجراؤه مطلع الشهر الحالي وتبذل جهود مصرية راهنة لإحياء عقده مجدداً خلال الشهر المقبل، معتبرين أن ’المصلحة الأميركية الصهيونية تقتضي بقاء الانقسام الداخلي وتكريس الفصل بين قطاع غزة والضفة الغربية’. وكان مخيم اليرموك، الذي يضم بين جوانبه أكبر تجمع للاجئين الفلسطينيين في سورية يصل إلى قرابة 113 ألف من إجمالي 457 ألف لاجئ، قد شهد أول من أمس مسيرة احتجاجية على العدوان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني. ويعتبر رجا ذيب (36 عاماً)، الذي يعمل أستاذاً في إحدى المدارس التابعة لوكالة الغوث الدولية (الأونروا) داخل المخيم، أن ’عودة اللحمة بين جانبي الوطن وإنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية يشكل المدماك الحقيقي للتصدي للعدوان الصهيوني والمطالبة بالحقوق الوطنية المشروعة كحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وأراضيهم المحتلة عام 1948 استناداً إلى القرار الدولي 194’، الذي ينص صراحة على ’حق العودة والتعويض’. ويشكل القرار 194 الإطار القانوني الأبرز لحق عودة اللاجئين الفلسطينيين، من دون التجاوز عن قرارات أممية أخرى تندرج كمصادر مهمة لحق العودة في القانون الدولي والإنساني. وقد تبنت الجمعية العامة نحو 49 قراراً بصيغ مشابهة للقرار 194 تؤكد على حق العودة وتجعل منه شرطاً إلزامياً لتطبيق حق تقرير المصير بالنسبة للشعب الفلسطيني. ويرى رضوان محمد (59 عاماً) أن ’التعويل الفلسطيني والعربي على التغيير الأميركي الأخير بفوز أوباما في الانتخابات الرئاسية يعبر عن افتقاد الإرادة السياسية والارتهان إلى الخارج ووهن الأوضاع الراهنة’، مستبعداً ’حدوث تغيير في السياسة الأميركية تجاه القضية الفلسطينية وحيال الصراع العربي -الصهيوني ’. ورجح معن محمود (44 عاماً) ’ثبات مسار السياسة الأميركية تجاه الجانب الإسرائيلي’، رغم ’اختلاف أوباما عن سابقه (الرئيس الأميركي جورج) بوش الأكثر سوءاً في تاريخ البيت الأبيض’، ولكنه يحذر في الوقت نفسه من ’تبعات وصول اليمين المتطرف في الكيان الصهيوني إلى سدة الحكم، بما من شأنه أن يقوض أية فرصة لإحراز تقدم في العملية السلمية’. واعتبر محمود، الذي يعمل محامياً في أحد مكاتب المخيم، أن ’الرأي العام الصهيوني آخذ نحو التطرف والتشدد تجاه السلام مع الجانب الفلسطيني’، مقللاً من ’فرص التوصل إلى تقدم في مسار المفاوضات الفلسطينية -الصهيونية حول قضايا الوضع النهائي (كاللاجئين والقدس والمستوطنات والحدود والأمن والمياه) خلال فترة حكم الليكود في حال فوزه في الانتخابات’. ولكن خير النجار (60 عاماً) يعتقد ’بتشابه رؤى الأحزاب السياسية الصهيونية في القضايا المتصلة بالسلام’، معتبراً أن ’الكيان الصهيوني يرفض التعايش والسلام مع الجانب الفلسطيني العربي، ويمعن في الوقت نفسه بالانتهاكات والممارسات العدوانية ضد الشعب الفلسطيني، خاصة في قطاع غزة الذي يعاني من الحصار وإغلاق المعابر ونقص المواد الغذائية وانقطاع الكهرباء على مرأى ومسمع العالم العربي والإسلامي والمجتمع الدولي’. وأعرب سميح صادق (33 عاماً) عن ’استنكاره للتحرك العربي الراهن من أجل تفعيل المبادرة العربية للسلام بعد إعلان سلطات الاحتلال مؤخراً عن التعاطي معها، بينما يمضي الاحتلال قدماً في العدوان والقتل والتنكيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة’. وكانت الدول العربية أقرت في قمة بيروت 2002 مبادرة للسلام أكدت التمسك بها في قمة الرياض 2007 وتطالب بالانسحاب الصهيوني من الأراضي العربية المحتلة عام 1967 والتوصل إلى حل متفق عليه حيال قضية اللاجئين الفلسطينيين وفقاً للقرار الدولي 194 مقابل التطبيع. فالمقترحات العربية السلمية ’جوبهت دوماً برفض صهيوني مصاحب لعدوان متصاعد ضد الشعب الفلسطيني’، بحسب إبراهيم سليم (48 عاماً)، معتبراً أن ’السنوات الستين المتعاقبة على اللاجئين في الشتات تدلل بوضوح على الأهداف الصهيونية العنصرية، ولكنها لم تؤثر على استمرار التشبث بالهوية والوطن ورفض التوطين’. وأكد أنس إسماعيل (43 عاماً) على أن ’حق العودة فردي وجماعي مكتسب لا يسقط بالتقادم ولا يزول بالإنابة’، ويتابع ’نحن سنبقى فلسطينيين ولن نحمل هوية البلدان التي نتواجد فيها حتى لو حملنا جنسياتها..’. وتؤكد أم محمد (48 عاماً) على أن ’المطلب الفلسطيني الدائم بالعودة ليس بسب الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية البائسة التي يعيشون فيها، وإنما لأن العودة حق طبيعي لنا ولا بد من تطبيقها’. غير أن واقع اللجوء القسري الممتد عبر ستة عقود ينعكس سلباً على وضعية مجتمعية ’غير حصينة’ يرزح اللاجئون الفلسطينيون تحت وطأتها. ورغم أن اللاجئين في سورية يحظون بقسط كبير من الاندماج الاقتصادي والاجتماعي، حيث يتمتعون بخدمات متعادلة تقريباً مما توفره الدولة في حقول الإغاثة الاجتماعية والتعليم وفرص التوظيف، إلا أنهم يفتقرون إلى الحقوق السياسية. بينما تغيب المناعة الاقتصادية والاجتماعية داخل جوانب المخيمات عبر ظواهر البطالة والفقر والاكتظاظ السكاني وسوء الأحوال الصحية وتردي البنية التحتية والصرف الصحي. إذ تصل نسبة البطالة حسب آخر الإحصائيات المتوفرة إلى 15,6%، حيث تبلغ بين الذكور من عمر 15 إلى 24 حوالي 28%، مقابل 38% بين صفوف الإناث من نفس الفئات العمرية. فيما تصل نسبة الأمية في أوساط من تزيد أعمارهم على 15 عاماً إلى قرابة 11%، مقابل 16% بين الإناث.