قــاوم- قسم المتابعة :
حذرت مصادر امنية صهيونية من أن انسحاب القوات الأمريكية من العراق حتى نهاية العام الجاري، سيُعيد من جديد فتح الجبهة الشرقية ضد الدولة العبرية، وهذا ما دفع الجنرال في الاحتياط عوزي دايان، الذي شغل منصب نائب رئيس هيئة الأركان العامة في الجيش الصهيوني إلى نشر دراسة مطولة حول الموضوع، مطالبا الحكومة الصهيونية بالاحتفاظ بغور الأردن تحت سيطرتها، في أي حلٍ مع الفلسطينيين، لدرء الخطر الداهم من الشرق بعد الانسحاب الأمريكي من بلاد الرافدين.
وفي ضوء ثورات الربيع العربي وتداعياته المتواصلة والمتنقلة، نقلت صحيفة ’يديعوت أحرونوت’ عن مصادر صهيونية وصفتها بأنها رفيعة المستوى، قولها إن الحكم في الأردن بات ضعيفًا وآيلا للسقوط، وأنه في الوقت الذي تقوم فيه الولايات المتحدة الأمريكية بممارسة الضغوط على الفلسطينيين للعودة إلى طاولة المفاوضات، بات صناع القرار في الحكومة الصهيونية يخشون من جبهة أخرى، وهي الجبهة الشرقية، أي المملكة الأردنية الهاشمية، ومن بعدها العراق.
ونقل موقع الصحيفة على الإنترنت عن مسؤولين صهاينة ، فضلوا عدم الكشف عن أسمائهم، قولهم إن الوضع في المملكة الهاشمية ليس مستقرا، ذلك أن المملكة تمر في مرحلة صعبة، ومن غير المستبعد البتة، أن يمر الأردن في هزة كبيرة، وبالتالي يتحتم على صناع القرار في تل أبيب أنْ يتعاملوا مع هذا الأمر بمنتهى الجدية، على حد تعبيرهم.
وأوضح المسؤولون أيضا أن الوضع في منطقة الشرق الأوسط ليس مستقرا بالمرة، وبالتالي فإن هذا السبب الذي عملت الحكومة الصهيونية بموجبه لمنع الفلسطينيين من التوجه أحادي الجانب إلى الأمم المتحدة للإعلان عن الدولة الفلسطينية، لأن هذه الخطوة، برأي المصادر عينها، لن تجلب دولة فلسطينية، ولن تحقق السلام، ولن تقود المنطقة إلى الأمان، بل إن هذه الخطوة ستزيد من حالة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، على حد قوله.
وكان دايان، رئيس مجلس الأمن القومي الصهيوني السابق المقرب من نتنياهو دعا إلى التوصل إلى حل إقليمي للمشكلة الفلسطينية عن طريق إنشاء الدولة الأردنية الهاشمية الفلسطينية الموحدة برئاسة الملك عبد الله الثاني وذلك في ظل توجه الفلسطينيين إلى الأمم المتحدة للاعتراف بدولتهم. وقال ديان في كلمة ألقاها في المعهد الدولي لمكافحة الإرهاب إن اعتراف الأمم المتحدة بدولة فلسطينية يعني نهاية أوسلو والسلام، وعليه فإن الأردن هو الدولة الفلسطينية وغزة والضفة ستكونان محافظات تابعة لتلك الدولة.
وأضافت الصحيفة أن احد الحاضرين لذلك اللقاء كان دبلوماسيا أردنيا نقل فحواه إلى عمان مما أثار غضب الملك عبد الله الذي عاد وأكد على أن الاردن لن يكون بديلاً للفلسطينيين. وكان ديان قد ألقى محاضرة في النادي التجاري الصناعي في الكيان الصهيوني مؤخرًا ونقلتها صحيفة ’مكور ريشون’، اليمينية ـ الدينية اليومية قال فيها إنه نظرا إلى عدم اليقين في المنطقة، فإنه يتعين على الكيان الصهيوني أن تأخذ زمام المبادرة في العمليات التي تخدم مصالحها، لدفع عجلة الحل الإقليمي التي من شأنها خلق نظام مشترك يشمل المملكة الأردنية الهاشمية والفلسطينيين التي ستحكم أيضًا الأجزاء الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، بوصفه مفتاح الحل الاستراتيجي للمنطقة.
وتابع: يتعين على الكيان الصهيوني الحفاظ على السيادة الكاملة في القدس الموحدة وعدم السماح بحق العودة والحفاظ على السيطرة الكاملة على وادي الأردن بأسره بوصفه الحدود الشرقية للكيان الصهيوني ، على حد قوله، وحول تأثير الثورات في العالم العربي قال إن الأحداث في الشرق الأوسط أضعفت السلطة الفلسطينية ، موضحا أن الولايات المتحدة ليس لديها حتى الآن سياسة منظمة في الشرق الأوسط.
وقال ديان: إن التغييرات في الشرق الأوسط ستكون جيدة للكيان الصهيوني على المدى الطويل، على الرغم من حقيقة أنه سيكون هناك القليل جدًا من المشكلات في المدى القصير مثل انضمام مصر إلى محور الشر في الشرق الأوسط وتضرر نظام الحكم في السعودية الذي سيؤثر على الاقتصاد. وفيما يتعلق مع الولايات المتحدة قال دايان: إن الأمريكيين لم تكن لديهم سياسة واضحة في الشرق الأوسط، ولكن الوضع الحالي يوضح مرة أخرى أن إسرائيل هي الصديق الوحيد الديمقراطي المستقر في المنطقة، على حد تعبيره.
من ناحيته قال المحلل للشؤون العسكرية في صحيفة ’هآرتس’ العبرية، أمير أورن، إن الانسحاب الأمريكي من العراق هو فشل بكل ما تحمل هذه الكلمة من معانٍ، واقترح عدم أخذ تصريحات الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، الذي صرح بأن سحب إعادة الجنود إلى بلادهم هو يوم عيد، على محمل من الجد، لأن الحقيقة ليست كذلك، على حد قوله.
وساق قائلاً إن الأمريكيين، القيادة السياسية والعسكرية أيضا، وجهوا الرسائل إلى القيادة العراقية والتي جاء فيها أنه من المفضل للعراقيين طلب المساعدة العسكرية من الولايات المتحدة، ولكن القوى المختلفة في العراق، وفي مقدمتها رئيس الوزراء، نوري المالكي، رفضوا الاستماع إلى هذه الأقوال، وفضلوا عدم طلب المساعدات من أمريكا، مشددا على أن إيران لعبت دورا هاما في حث العراقيين على رفض المساعدات الأمريكية، ولفت المحلل أورن إلى أن التنظيمات المسلحة في العراق، التي تُمول وتُدرب من قبلها، ستُحاول تنفيذ عمليات عسكرية خلال الانسحاب الأمريكي من العراق لإلحاق الضرر بالرئيس أوباما بشكلٍ خاصٍ وبالإدارة الأمريكية بشكل عام.
وجزم قائلاً إنه بدون المسندة الأمريكية ستتحول العراق إلى مرتع لإيران، خصوصًا وأن مصر والسعودية، لا تأثر لهما على مجريات الأمور في بغداد، وقال أيضا إنه بعد مرور ثلاثة عقود على محاولة الرئيس العراقي السابق، الشهيد صدام حسين، استغلال الضعف الإيراني بعد خلع الشاه وسيطرة الخميني على مقاليد الحكم في طهران، باتت الجمهورية الإسلامية الإيرانية في موقف قوي للسيطرة كليًا على الخليج العربي، وهذا الأمر يدب القلق في قلوب جارات إيران والعراق، وفي المقدمة المملكة العربية السعودية.
وخلص المحلل أورن إلى القول إنه بما أن الأمور تسير بهذا الاتجاه، بعد الانسحاب من العراق، فهناك خشية صهيونية عميقة من إعادة إحياء الجبهة الشرقية، التي اختفت عن الوجود بعد انتهاء الحرب الباردة وتوقيع السلام بين الكيان الصهيوني والأردن، وهذه الخشية تُحتم على واشنطن، على حد قول المحلل، أنْ تعمل على درء الخطر الإيراني بواسطة اللجوء إلى الخيار العسكري، خاصةً وأنه بعد الانسحاب الأمريكي من العراق، لن تكون مشكلة للإدارة في واشنطن للعمل الحر في العراق، خصوصًا وأن لا جنود لها على الأراضي العراقية، على حد تعبيره.